محكمة الجنايات الدولية في خدمة "الإرهاب"

حجم الخط

بقلم: يوآف ليمور

 



دخلت المنظومة السياسية – الأمنية – القانونية ابتداء من مساء الجمعة حالة من التحفز العالي في أعقاب قرار محكمة الجنايات الدولية، الذي يسمح بالتحقيق مع إسرائيل في «جرائم حرب».
في قرارها دحرجت المحكمة القرار فيما اذا كان ينبغي فتح تحقيق نحو بوابة المدعية العامة، باتو بنسودا. وفي الشهر القادم سينتخب بديل بنسودا (سيتبادلان المنصب في الصيف)، وليس واضحاً اذا كانت حتى ذلك الحين ستتخذ القرار، واذا كانت ستتخذه فأي قرار. بامكانها ان تقرر فتح تحقيق أو سحبه. في إسرائيل سيمارسون على اي حال ضغطاً شديداً بحيث يغلق الملف، ولكن محافل رفيعة المستوى أعربت عن شكها في أن يحصل الامر دون «مساعدة مدفعية ثقيلة» على حد وصفهم، من جانب الولايات المتحدة ودول غربية اخرى.
في إسرائيل يستعدون منذ بضعة اشهر لإمكانية ان يفتح مثل هذا التحقيق ولمعانيه. وكخطوة اخرى، وضعت قائمة من بضع مئات من ذوي المناصب الذين قد يكونون موضع التحقيق. وتوجد في القائمة القيادة السياسية (ليس لرؤساء الدول وللوزراء اي حصانة من تقديمهم الى المحاكمة)، وكذا رؤساء جهاز الامن وقادة كثيرون في الجيش الإسرائيلي. ضمن امور اخرى، يدور الحديث عن قادة في المستوى العالي والمتوسط ممن شاركوا في حملة «الجرف الصامد» في 2014، وكذا في احداث كانت قرب جدار القطاع منذ آذار 2018. ولم تنشر هذه القائمة خوفاً من ان يجعل النشر الأسماء فيها مشبوهين محتملين. ومع ذلك، من المعقول ان يكون كل المسؤولين سيرشدون بكيفية التصرف من الآن فصاعداً. من تجربة الماضي من المعقول ان يطالب هؤلاء بان يبلغوا مسبقاً عن كل نية لهم للخروج من البلاد منعاً لوضع يعتقلون فيه للتحقيق في الخارج.
في إسرائيل وان كانوا يقدرون بأن قرار التحقيق – على فرض أنه سيفتح – سينشر ايضا، ولكن المدعية العامة مخولة ايضا بان تأمر بفتح تحقيق سري. في مثل هذا الوضع سيكون من الصعب على إسرائيل ان تدافع عن المسؤولين الذين قد يخضعون للتحقيق، وستضطر الى طلب المساعدة من الدول التي يمكث فيها المسؤولون. سطحياً فإن كل الدول الموقعة على ميثاق المحكمة ملزمة باحترام قواعدها. وكجزء من ذلك ان تعتقل ايضا من تطلب المحكمة تسليمهم للمحققين، ولكن في إسرائيل يأملون بأنه «في الحالة المتطرفة» كما يقول المسؤولون «سيكون ممكناً الامتناع عن ذلك»، ضمن امور اخرى من خلال تلقي أوامر الاعتقال مسبقاً ومنع مَن تشملهم الاوامر من الخروج من البلاد.
وأضاف المسؤول إنه في المشاورات التي اجريت منذ نشر قرار المحكمة بين وزارات العدل، الخارجية، الدفاع، والجيش الإسرائيلي تقرر «إبقاء جهاز الامن خارج الصورة». والمقصود هو ادارة معركة سياسية، دبلوماسية – قانونية ضد القرار، وفي الوقت ذاته «نشر مظلة حماية» فوق محافل الامن المختلفة التي كانت مشاركة في النشاطات. وكجزء من ذلك نشر وزير الدفاع غانتس ورئيس الاركان بيانات شجب للقرار، تضمنت ايضا تأييداً غير متحفظ – ووعدا بالدفاع الى جانبه – لضباط وجنود الجيش الإسرائيلي ممن كانوا مشاركين في النشاطات.
ولكن حتى لو لم يفتح تحقيق في نهاية المطاف، فان على القرار ان يقلق إسرائيل؛ لأن هذا يعد قضما آخر في شرعيتها. عندما تكون على جدول الاعمال امكانية دائمة للتصعيد في كل واحدة من الجبهات النشطة الاربعة – غزة، الضفة، لبنان وسورية – سيكون من الصعب على إسرائيل أن تعمل بينما فوق رأسها يحوم التهديد الدائم لتحقيق جنائي دولي.
وهنا، أكثر من اي مكان آخر، تكمن المشكلة في قرار المحكمة: فهي ليست فقط خاطئة قانونيا (فلسطين ليست دولة، وبالتأكيد ليس لها حدود واضحة)، فهو خطير لأنه منقطع عن الواقع الامني الذي تتصدى له إسرائيل، وكذا دول اخرى على رأسها الولايات المتحدة وبريطانيا (التي وجدت نفسها منذ الآن امام تحقيق مشابه).
الجيش الإسرائيلي يرتكب اخطاء، وبالتأكيد في الحرب. ولكنه يحقق فيها، وعندما يلزم الامر يعاقب ايضا ويستخلص الدروس، وفوقه توجد منظومة قضائية غير منحازة لا تخشى التدخل عند الحاجة. بالمقابل، توجد منظمات «ارهاب» تستغل السكان المدنيين كي تحصل على مأوى، وتعمل من داخلهم ضد السكان المدنيين في إسرائيل. في هذا الجانب فان قرار المحكمة ليس فقط ضد إسرائيل، بل ضد كل من يشارك في الكفاح العالمي ضد الارهاب.
 
عن «إسرائيل اليوم»