للمرة الأولى ينجح الرئيس محمود عباس في توحيد موقف النقابات والمؤسسات الحقوقية والجمعيات الأهلية والفصائل؛ بإدانتها القرار الذي أصدره بقانون؛ بتأجيل انتخابات النقابات والمنظمات الشعبية لستة أشهر؛ دون أي مُبرر قانوني ولأسباب سياسية، ما يُكرس مناخ الإقصاء والتفرد ويتعارض مع روح المراسيم الانتخابية السابقة؛ حسب حقوقيين.
وأصدر الرئيس الفلسطيني محمود عباس بتاريخ 05 مارس 2021، قراراً بقانون بشأن تأجيل انتخابات النقابات والاتحادات والمنظمات الشعبية لمدة 6 أشهر، وجاء في نص المادة رقم (1) من القرار بقانون: "على الرغم مما جاء في أيّ تشريع أو حكم قانوني آخر، تؤجل لستة أشهر من تاريخ نفاذ هذا القرار بقانون، انتخابات النقابات والاتحادات والمنظمات الشعبية التي يتوجب إجراؤها قانونياً خلال تلك المدة، دون توضيح الأسباب التي دعت لذلك".
ويأتي هذا القرار بعد مرور أيام قليلة على نشر القرار بقانون رقم (7) للعام 2021 بتعديل قانون الجمعيات الخيرية والهيئات الأهلية.
قرار غير دستوري
رئيس الهيئة الدولية لدعم حقوق الشعب الفلسطيني "حشد"، صلاح عبد العاطي، رأى أنّ هذا القرار بمرسوم؛ يأتي استكمالاً لمرسوم سابق بتعديل قانون الجمعيات الأهلية وما سبقه من موضوع السيطرة على القضاء، لافتًا إلى أنّه غير منعزل وغير منفصل عما يجري في الأراضي الفلسطينية من موضوع الانتخابات.
وأضاف عبد العاطي في حديثٍ خاص بوكالة "خبر": "ننظر بخطورة شديدة إلى تدخل الرئيس في حرية عمل تشكيل الجمعيات والنقابات والمؤسسات النقابة؛ فهذه المؤسسات تخضع بالكامل للقانون ولديها مجالس استشارة وجمعيات عمومية هي التي تُقرر بتأجيل الانتخابات أو إجرائها من عدمه".
وأردف: "هذا الأمر يُعطل المسار الديمقراطي باتجاه النقابات والمؤسسات والجمعيات الخيرية والنقابات؛ وبالتالي فهو غير دستوري وغير قانوني ويتعارض تماماً مع التزامات دولة فلسطين بموجب انضمامها إلى المواثيق الدولية".
أما المحامي بكر التركماني، فاعتبر أنّ القرار بقانون بشأن تأجيل انتخابات النقابات والمنظمات الشعبية لستة أشهر، مطلوب إعادة النظر فيه وينظر لمجموع القرارات بقوانين التي صدرت عن السيد الرئيس عباس؛ خاصةً فيما يتعلق بموضوع الجمعيات.
وتابع التركماني في حديثٍ خاص بوكالة "خبر": "إنّ المطلب يرتكز على ضرورة إلغاء القرار بقانون، وأنّ تبقى الأمور وفق استحقاقاتها القانونية؛ حتى لا يكون هناك مشكلات مرتبطة بالإجراءات التي تتخذها النقابات".
واستدرك: "هذه النقابات تُشكل فئات محددة، القرار لهذه الفئات وليس لأيّ سلطة مرتبطة؛ الأمر الذي يُشكل تدخلاً من قبل السلطات التنفيذية بعمل نقابي بشكلٍ مباشر".
يتعارض مع القانون الأساسي الفلسطيني
وبشأن انعكاسات القرار على أجواء العملية الانتخابية المرتقبة، قال التركماني: "لا نرى أيّ سبب أو مبرر لتأجيلها؛ لأنّه أقرب لقرار سياسي، يجب أنّ يُعطي كل استحقاق استحقاقه، ويجب أنّ يتم تنفيذه"، مُضيفًا: "غير واضح ما هي الآلية والهدف من التأجيل؛ وبالتالي القانون يُستخدم لأغراض سياسية وهذه مشكلة بحد ذاتها".
وأوضح التركماني، أنّ "القرار بشأن التأجيل يؤثر سلبًا على مجموعة من القضايا المرتبطة بالعمل النقابي وحريته، ما يتعارض من حيث المبدأ مع "القانون الأساسي الفلسطيني" ومع الاتفاقيات التي وقعت عليها دولة فلسطين"، مُردفاً: "هناك مشكلة مرتبطة بما نسميه الانحراف التشريعي".
كما لفت عبد العاطي، إلى أنّ هذه القرارات تُساهم في ترسيخ بيئة الإقصاء والتفرد من قبل الرئيس الفلسطيني محمود عباس، وبالتالي يُعتبر على النقيض من فكرة إجراء الانتخابات وروح المراسيم التي صدرت لإجراء انتخابات تشريعية ورئاسية والمجلس الوطني.
رفض عارم للقرار
ودعت "الجبهة الديمقراطية لتحرير فلسطين"، في بيانٍ وصل وكالة "خبر"، إلى وقف سياسة إدارة الشأن العام بقرارات بقوانين، "لأن من شأن ذلك أن يعيد صياغة النظام السياسي الفلسطيني ليأخذ طابعاً رئاسياً، في مخالفة دستورية فاقعة للقانون الأساسي للسلطة الفلسطينية، والقانون الأساسي لمنظمة التحرير الفلسطينية وإعلان الاستقلال الصادر في 15 نوفمبر/ تشرين ثاني 1988".
وطالبت الجبهة بضرورة "إنجاز الانتخابات في حلقاتها الثلاث، بما يمكن من إعادة صياغة النظام السياسي الفلسطيني وإصلاحه ديمقراطياً، وبناء نظام سياسي ديمقراطي برلماني، يقوم على مبادئ الشراكة الوطنية، ويستمد مفاهيمه من قيم حركات التحرر الوطنية، وتجارب الشعوب التي خاضت ثوراتها ضد الاحتلال والاستعمار وحققت انتصاراتها التاريخية".
أما مؤسسة "الحق" الفلسطينية، وصفت في بيان لها، القرار بـ"الانتهاك الصارخ لحق الهيئات العامة للنقابات المهنية والاتحادات والمنظمات الشعبية في تحديد مواعيد إجراء انتخاباتها أو تأجيلها، بما يثير العديد من التساؤلات بشأن توقيت صدور هذا القرار بقانون".
وأشارت "الحق" إلى أنّ "إصدار هذا القرار يأتي في سياق سيل من القرارات بقانون، ضمن تغول خطير على السلطة القضائية على نحو يهدم استقلال القضاء والفصل بين السلطات ومبدأ سيادة القانون".