إجرائها يُعيد الثقة بالفلسطينيين

مراقبون لـ"خبر": الانتخابات الفلسطينية تسير بحقل ألغام بسبب تحديات داخلية وخارجية

الانتخابات
حجم الخط

رام الله - خاص وكالة خبر - مي أبو حسنين

تسير الانتخابات التشريعية الفلسطينية المرتقبة في حقلٍ ألغامٍ؛ قد ينفجر إحداها في أيّ لحظة؛ الأمر الذي سيؤدي لشلل الحياة السياسية الفلسطينية والعودة إلى مربع الانقسام والمحاصصة في تقاسم سلطة وهمية في ظل وجود احتلال استيطاني إحلالي.

حقل ألغام

الخلافات داخل حركة فتح فتحت الأبواب؛ نحو تشكيل قوائم انتخابية متعددة؛ بإعلان د. ناصر القدوة عن تشكيل الملتقى الوطني الديمقراطي لخوض الانتخابات التشريعية المقبلة؛ الأمر الذي دفع بالرئيس محمود عباس لفصله من عضوية اللجنة المركزية لفتح ومن الحركة أيضاً؛ رغم ما يحمله من تاريخ وقيمة تمتد إلى الزعيم الفلسطيني الراحل ياسر عرفات؛ كونه ابن شقيقة الأخير.

قطاعٌ عريض وواسع أيضاً من حركة فتح؛ بات يُعرف باسم تيار الإصلاح الديمقراطي؛ يستعد بكل ما يملك من إمكانيات للمنافسة بقوة في الانتخابات القادمة؛ مُتخذاً من قطاع غزّة معقلاً له، بالإضافة لعمقه الشعبي في مخيمات الضفة الغربية والقدس المحتلة أيضًا.

حركة حماس التي تعمل بصمت حتى اللحظة؛ وباتت تُدرك أنّها تعتمد على نواتها الصلبة فقط في ظل تراجع شعبيتها داخل قطاع غزّة، حسب استطلاعات الرأي؛ تخشي الانتخابات وتسعى للتحالف مع فتح في قائمة موحدة.

إضافةً لما سبق ذكره؛ لا نستطيع إغفال دور الاحتلال الحاسم في عرقلة العملية الانتخابية بعدم السماح حتى اللحظة بإجرائها في القدس المحتلة، وعرقلته مشاركة حماس في الانتخابات التشريعية المقبلة.

لكنّ رغم حقل الألغام الذي يُحيط بالانتخابات التشريعية؛ يتزامن مع رغبة عربية وإقليمية ودولية تدفع باتجاه إنجاحها؛ تحقيقًا لعدة أهداف أبرزها إعادة الشرعية للنظام السياسي الفلسطيني؛ استعدادًا لأيّ عملية تفاوضية مقبلة، حسب مراقبين.

تأجيل الانتخابات.. خيار غير مرجح

الكاتب والمحلل السياسي الفلسطيني طلال عوكل، رجَّح عدم الذهاب لسيناريو تأجيل الانتخابات التشريعية؛ مُعللاً ذلك بأنّ الحوار بين الفصائل وصل لدرجة عميقة، وبات من الصعب التراجع عن استحقاق الانتخابات التشريعية على الأقل.

وأضاف عوكل في حديثٍ خاص بوكالة "خبر"، أنّ "ملف الانتخابات من قوائم وحصص انتخابية، من المرجح أنّ تكون جزءًا من حوارات القاهرة؛ أو الحوارات بين فتح وحماس؛ بمعني بما لا يدعو حركة فتح أنّ تخشي الخسارة أو تغير المشهد العام".

وتابع: "حركة حماس عندما تفضل الذهاب بقائمة موحدة، هذا يعني أنّها باتت تُدرك بأنّه عليها إزالة المخاوف وتفهم أنّها لا تستطيع في هذه المرحلة أنّ تكون واجهة العمل السياسي الفلسطيني؛ لأنّ المحيط العبي والدولي لا يقبل بذلك حتى الآن".

أما عن إحتمالية إلغاء الرئيس الانتخابات التشريعية في ظل فصل القدوة وعودة كوادر التيار الإصلاحي في الحركة لخوض الانتخابات، رأى عوكل، أنّ عودة كوادر التيار لا تعني تغير كبير وإنما تعني أنّه سيُشارك بالانتخابات، ومن المرجح أنّ يُشارك ناصر القدوة بقائمة أخرى أيضاً، لكنّ كل هذا لا يؤثر على إجراء الانتخابات طالما أنّ هناك توافقات بين فتح وحماس.

وفيما يتعلق بالعامل الحاسم لدفع جميع الأطراف نحو صناديق الاقتراع، قال عوكل: "إنّ الانتخابات استحقاق فلسطيني عميق تأخر كثيراً، ومصلحة جميع الأطراف أنّ تُجدّد الشرعيات وأنّ تُحاول إحداث تغيير في النظام السياسي الفلسطيني".

وتابع: "هناك من يأمل أنّ تُشكل الانتخابات بداية طريق نحو المصالحة، بالإضافة لكل هذا فإنّ المجتمع الدولي والعربي المحيط يُريد ذلك؛ من أجل تحريك العملية السلمية؛ وأنّ يكون حضور الفلسطينيين غير مقرون بأيّ علامات استفهام حول انقسامهم أو خلافات واسعة بينهم".

من جهته، اعتقد الكاتب والمحلل السياسي د. أحمد رفيق عوض، أنّ إحتمالية تأجيل الانتخابات التشريعية موجودة لكنّها ضعيفة، مُرجعاً ذلك إلى إمكانية تعثر المباحثات المنعقدة في القاهرة.

وأردف عوض في حديثٍ خاص بوكالة "خبر": "التعثر قد يأتي أيضاً من حيث حمايتها ونتائجها، أو وضع الاحتلال عراقيل في طريقها، بالإضافة إلى الخلافات السياسية داخل حماس وفتح".

تحديات داخلية وخارجية

وبشأن التحدي الأكبر أمام العملية الانتخابية، أشار عوض، إلى وجود تحدي داخلي من الفصائل وآخر من الأطراف الدولية؛ مُبيّناً أنّ العوامل الداخلية تعود لحالة الجدل داخل حماس وفتح حولها، ما يستدعي وجود اتفاق واضح بين الحركتين لما قبل الانتخابات وبعدها، لضمان عدم تفجر الأمور.

أما التحديات الخارجية، تتمثل في التدخلات "الإسرائيلية" وبعض الأطراف الإقليمية والدولية؛ بحسب عوض.

وبالحديث عن دوافع إجراء الانتخابات، نوّه عوض، إلى أنّ الانتخابات ستُحرك النظام السياسي الفلسطيني وتضعه على طريق إنهاء ملف الانقسام، بالإضافة إلى أنّها ستُعيد ثقة العالم والإقليم بالفلسطينيين.

واستدرك: "الانتخابات ستُسهم أيضاً في تعزيز الوفاق الداخلي بين الفصائل، وصولاً إلى تشكيل حكومة فلسطينية موحدة تُدير البلاد وتؤسس لانتخابات رئاسية، وهذا أمر مهم على طريق إعادة تأسيس منظمة التحرير الفلسطينية من جديد".

وختم عوض حديثه، بالقول: "إنّ هذا الأمر؛ بحاجة لمساعدة إقليمية ودولية؛ فمصر تستضيف الحوار الوطني، وستضع كامل ثقلها من أجل إنجاح الحوار والانتخابات، وذلك بالتزامن مع الدعم الإقليمي لإجرائها من مصر والأردن".

وكانت آخر انتخابات فلسطينية للمجلس التشريعي "البرلمان" قد عُقدت في مطلع العام 2006، وأسفرت عن فوز "حماس" بالأغلبية، فيما سبقها بعام انتخابات للرئاسة وفاز فيها الرئيس الحالي محمود عباس.

يُذكر أنّه من المقرر إجراء الانتخابات الفلسطينية، على 3 مراحل خلال العام الجاري: تشريعية في 22 مايو/أيار، ورئاسية في 31 يوليو/تموز، وانتخابات المجلس الوطني في 31 أغسطس/آب، وذلك بموجب مرسوم رئاسي أصدره الرئيس محمود عباس في يناير الماضي.