الوباء لا وقاية ولا لقاح..! انتخابات "نحر الديمقراطية"

حجم الخط

بقلم: حمدي فراج

 

جاءت نتائج اجتماعات القاهرة باهتة ، مقارنة بما عوّل عليها المعوّلون قبل الانعقاد ، فقد وصفتها القيادية في الجبهة الشعبية مريم ابو دقة ، بأنها ستكون استراتيجية ، والقيادي الحمساوي خليل الحية انها ستكون أهم من الا جتماعات الاولى لانها ستناقش المجلس الوطني – لا التشريعي – ومنظمة التحرير – لا السلطة وحكومتها. ونلفت النظر هنا، الى تصريح امين عام جبهة النضال، احمد المجدلاني،الذي عبّر فيه بوضوح قبل موعد الاجتماعات باسبوع من انها ألغيت. لا ينطق الرجل عن هوى ، فهو مقرب جدا من مربع صنع القرار، وعدا عن انه عضو لجنة تنفيذية، فانه يضطلع بمسؤولية حقيبة وزارية اساسية هي الشؤون الاجتماعية، ويٌعتمَد فصيله الثاني في المنظمة بعد ان غادرتها الجبهة الشعبية والديمقراطية ، رغم انه في الانتخابات الاخيرة عام 2006 لم يتجاوز نسبة الحسم .

لم يكن ناصر القدوة قد أعلن عن تشكيل قائمة خاصة تضم شخصيات مختلفة متعددة الانتماءات والولاءات السابقة، وابقاء الباب مواربا امام مروان البرغوثي ليكون رئيسا لهم، لكن اذا غير رأيه سيرشح نفسه رئيسا، بعدها صدر قرار فصل القدوة من الحركة ومن عضويته في المركزية وسحب مرافقيه وسيارته ثم بعد ذلك عزله من رئاسة مؤسسة ياسر عرفات. ولم يكن الدحلان قد كشف عن فحوى اتفاق فتح وحماس في قائمة واحدة يرأسها رئيس فتح محمود عباس كمرشح وحيد للحركتين، فقد وعد الدحلان ان الرئيس القادم لن يكون مرشحا وحيدا يفوز بالتزكية، ما يعني انه سيرشح نفسه في حالة عدم ترشح مروان او القدوة .

أما اليسار، ممثلا بأمين عام الجبهة الديمقراطية نايف حواتمة، فقد حسم انه لن ينضم الى قائمة فتح وحماس، - فتاس - " فهذا يؤدي إلى نحر الديمقراطية والحرية والشفافية وباقي القيم"، مبيناً أن الجبهة قررت خوض الانتخابات بقائمة ديمقراطية عريضة، وأن تخوض في الوقت نفسه حواراً مع مكونات التيار اليساري ، أملاً في الوصول إلى توافق على لائحة توحد اليسار الفلسطيني في قائمة واحدة. ولا أحد يظن اليوم ان هذه ستكون مهمة مستحيلة او مسألة عويصة ، خاصة بعد موقف الجبهة الشعبية "النوعي" الانعطافي بشأن المشاركة في الانتخابات ترشيحا وتصويتا، فتبهت الفوارق بين فصائل هذا اليسار حد ان يتماهى كل بالآخر ، بحيث لا تستطيع التفريق بين الديمقراطية التي انشقت عن الشعبية ولا المبادرة التي انشقت عن حزب الشعب ولا فدا الذي انشق عن الديمقراطية . في الانتخابات الاخيرة حصل هذا اليسار منفردا على ثمانية مقاعد ، وحين يتوحد ، قد يستطيع الحصول على الضعف ، وربما يؤهله هذا الى تشكيل ما يسمى ببيضة القبان بين كفتي الميزان فتح وحماس .

ولكن من قال ان الديمقراطية والانتخاب، أهم من حياة الناس التي تفتك بهم الجائحة، مكشوفين ، بلا وقاية وبلا لقاح. كيف سيذهبون الى انتخابات يدوّرون فيها شكل النظام وشكل الفساد وشكل الانقسام تحت احتلال أقصى ما يبتغونه منه تهذيب سلوكياته بدلا من كنسه!