عندما تستصعب الشرطة معالجة ، ظاهرة الخاوة، الضحايا يخافون الشكوى

حجم الخط

هآرتس – بقلم يهوشع براينر

في زاوية الطاولة تم اخفاء كاميرا، ص. لم يكن يعرف عنها. فقد تحدث وكأنه لا يوجد أي شخص يقوم بتوثيق اقواله ولا يقوم بتصوير تعابير وجهه. صحيح أنه جلس في غرفة تحقيق، لكنه اعتقد أن توثيق المحادثة سيكون خطيا. هو قام بكشف كل شيء، أو تقريبا كل شيء. الامور التي لم يرغب في أن يكشفها لأحد وخشي من ذلك.

​ص. لم يقم بادانة نفسه، على الاقل ليس بالمعنى الدارج لهذا المفهوم. ولكن اذا عرف أحد بأنه يتجول في غرف التحقيق ويتحدث مع رجال الشرطة فهو يمكن أن يدفع ثمنا باهظا. وهو على ثقة بذلك.

​ص. هو مهندس له سنوات خبرة غير قليلة، 14 سنة كانت لديه وظيفة في المجلس الاقليمي في الجنوب، وفي السنوات الاخيرة انتقل للعمل في شركة خاصة في بئر السبع.

​قبل فترة قصيرة فازت الشركة التي يعمل فيها بمناقصة لبناء مركز ثقافي في القرية البدوية أم بطين، شبه ضاحية في بئر السبع. عن هذا الفوز يتحدث ويقول بأنه هو واصدقاءه في العمل لا يتوقفون عن الندم. “نحن كنا الاغبياء الوحيدين الذين دخلوا ولا يعرفون ما الذي يحدث هناك”، قال للمحققين معه. ما حدث هو ظهور بدل الحماية “الخاوة”، كما يسميها الجميع، التي اضطروا الى أن يدفعوها لأبناء عائلة أبو عصا. لم يكن أي مجال للاختيار. كل شهر، مثل الساعة، قاموا بتحويل خمسة آلاف شيكل لهم.

​الامور التي قالها لم تفاجيء أي أحد في غرفة التحقيق. ظاهرة “الخاوة” في الجنوب (ليس فقط في هذه المنطقة) بعيدة عن أن تكون سرية. ولكن الامر الشاذ هو فقط قدوم ضحية تم ابتزازها الى مركز الشرطة وتقديم شهادة حول ذلك، مصورة أو غير مصورة. بشكل عام، مهندسين ومقاولين واشخاص آخرين تم ابتزازهم يرفضون التحدث. “الجميع يخافون”، قال ص. “هل تريد أن يطلقوا النار في الغد على اعزائك؟”.

​نعم، ص. ايضا خاف. لذلك هو يرغب في توثيق اقواله. هذا تم بشكل سري، بمصادقة نائب المدعي العام في منطقة الجنوب، يوآفكيشون. فعليا، ص. الذي لم يقدم أي شهادة خطية لم يعرف بأنه يقوم بالشهادة. المهندس المخضرم لم يكن وحده. ايضا ف. وهو رئيس الشركة التي عمل فيها قدم شهادته. ايضا هو تم توثيقه بدون معرفته وبمصادقة النيابة العامة.

​ظاهرة الابتزاز بالتهديد هي الآن جزءا اساسيا من عمل منظمات الجريمة في اسرائيل، بحجم يقدر بعشرات ملايين الشواقل في السنة على الاقل. هذا يحدث في ارجاء البلاد، في جميع القطاعات، لكن يتم الشعور به في الاساس في الوسط العربي وتوجد امثلة على ذلك. على جدول اعمال من يقومون بالابتزاز يوجد اصحاب معارض السيارات والمحلات الفاخرة، مقاولون ومزارعون. يعرفون في الشرطة ايضا أنه اذا كان في اوساط الزعران اليهود يتمثل التصعيد ضد من يرفضون دفع “الخاوة” بزيادة الغرامات، فانه في اوساط العرب التدهور الى اطلاق النار يكون بشكل سريع جدا. حسب تقدير مصدر رفيع في الشرطة، مصدر 30 في المئة من احداث اطلاق النار في الوسط العربي يكمن في “الخاوة”. “عندما يتم اطلاق النار على منشأة تجارية في الناصرة مثلا، أنت تعرف أن هذه حادثة واحدة من سلسلة اعمال ابتزاز”، شرح ضابط كبير واضاف “أنت تعرف أنه قد سبق اطلاق النار تهديد، وربما اعتداء وربما مكالمة. دفعات لم يتم دفعها، والمرحلة القادمة ستكون اكثر خطورة بكثير مثل اطلاق النار على الارجل”.

​الدولة من ناحيتها تجد صعوبة في مواجهة هذه الظاهرة: التهديدات دائما تأتي برموز وتكون دقيقة، واحيانا تكون بواسطة طرف ثالث، ويصعب اثبات أن المطالبين بالدفع هم الذين يقومون بالاعتداء. في محاولة للسيطرة على الوضع قرر مؤخرا وزير الامن الداخلي، امير اوحانا، اعطاء هذا الموضوع أولوية عالية: في قسم لاهف 433، يتم الآن تشكيل وحدة ستكون مسؤولة عن هذه القضية؛ في النقب وظفت وحدة يوآف موارد كثيرة في التحقيق مع أبو عصا، بما في ذلك استخدام رجال شرطة قاموا بتمثيل دور المدراء والعاملين في منشآت بناء. ولكن حسب الكثيرين، ايضا في الشرطة، بنظرة شاملة، هذا ضئيل جدا ومتأخر جدا. “لقد فقدنا النقب”، قال مصدر في الشرطة. “لا يوجد أي مشروع بناء، سواء شارع أو بنية تحتية، لا يدفع الخاوة. في الشمال الحرب في ذروتها”.

​عقاب متساهل

​عندما يقولون في الشرطة “شمال” فان القصد هو طوبا زنغرية. هناك يدير قائد اللواء، شمعون لافي، صراع مباشر ضد رؤساء منظمات الجريمة في البلدة، الذين حسب اقوال الشرطة، يقفون من وراء “الخاوة” في منطقة الشمال. موارد كثيرة يتم توظيفها في هذا الصراع، الذي أدى الى الانشغال بشكل أقل بملفات المخدرات. وهذا يوجد له ثمن آخر اكثر انكشافا: سيارات الشرطة يتم احراقها، مراكز للشرطة يتم اقتحامها وهناك صدامات عنيفة في كل مكان. خلال السنوات الاخيرة قدمت فعليا عدة لوائح اتهام ضد اعضاء في منظمات الجريمة، لكنها انتهت بدون أي شيء بسبب عدم وجود الأدلة. في الجليل، قال مصدر رفيع في الشرطة، بأن رجال الاعمال يتوجهون بمبادرة شخصية منهم الى شركات الحراسة. “هم يشاهدون جيرانهم في المحلات يدفعون”، قال. “هذا في قائمة الشيكات خاصتهم: المطافيء، البلدية وشركة الحراسة. لأنهم اذا لم يدفعوا فانه سيتم احراق محلاتهم”. وقال إن الاموال يتم تحويلها بشكل منظم عن طريق ادارة الحسابات في شركات حراسة وهمية. واصحاب المصالح؟ هم يخافون من تقديم شكوى. لأنه حتى لو قدموا شكوى وحتى لو أدى هذا الامر الى ادانة، إلا أنهم يخافون من عقاب متساهل. هذا الخوف يوجد له اساس، هكذا اعترفوا في الشرطة.

​توجد أمثلة على ذلك. مثلا الحكم الذي صدر في كانون الثاني الماضي في المحكمة المركزية في بئر السبع. ساري أبو سولب، من سكان ديمونة (25 سنة)، تمت ادانته بصفقة تتعلق بابتزاز بالتهديد لصاحب شركة. العقوبة 30 شهر سجن. الى هنا التفاصيل الجافة. وصف الحادثة بالتفصيل ربما يقدم دليل افضل للخوف من تقديم شكوى. حسب وقائع الحالة، بعد أن تمت اقالة أبو سولب من الشركة التي يدور الحديث عنها، قام بمتابعة سيارة صاحب الشركة وأمره بالتوقف جانبا. دخل الى السيارة وقام بوضع سكين على عنقه. وبعد ذلك قام بتحويل الهاتف المحمول لصاحب الشركة الى وضعية الطيران، وجاء الى المكان اشخاص ملثمين، عدد منهم كان يحملون السلاح. وبعد ذلك جاء الضرب. “من الآن أنت مغرم، يوجد لك حظ بأنني لم أقم بتغريمك بـ 400 ألف”، أوضح له أبو سولب. “من الغد الشركة ستعود الى العمل بسعر 120 شيكل للساعة وأنا لا أريد أن أسمع أي كلمة منك. واذا قلت لأي أحد فأنا سأقضي عليك”. فقط بعد سنة استجمع صاحب الشركة الشجاعة وقام بتقديم شكوى. الآن هو يعرف أنه في القريب سيخرج أبو سولب من السجن.

​اذا ظهرت هذه الحالة كعقاب مخفف فان هذا يعتبر نسبيا عقاب مشدد، كما تدل على ذلك حالة أحد سكان كفار نين قرب العفولة، شخص اسمه يرتبط بعائلة الحريري، المعروفة كمنظمة جريمة في الشمال. قبل سنة ونصف تمت ادانته بالابتزاز تحت التهديد وحكم عليه 11 شهر سجن فقط. وقد اطلق سراحه بعد ذلك والآن هو متهم مرة اخرى. وحسب لائحة الاتهام التي قدمتها النيابة في الشهر الماضي، قام بالابتزاز تحت التهديد لصاحب معرض سيارات فخمة في كفر كنا وطلب منه 50 ألف شيكل، وهدده باقتحام المكان اذا لم يدفع.

​هناك المزيد، مثلا شاب عمره 17 سنة من جلجولية الذي اتهم قبل اسبوعين بالابتزاز تحت التهديد. وحسب النيابة، هو ترأس عصابة ترتبط بمنظمة جريمة لعودة بوتاير. على سبيل المثال، عدد من المتهمين من دبورية الذين تم اعتقالهم مؤخرا بتهمة الابتزاز لاصحاب مصالح تجارية في حيفا. ورغم أن الشواهد كثيرة، “إلا أنه لا أحد يريد تقديم شكوى”، قال مصدر كبير في الشرطة. “ولكن في اللحظة التي تتعمق فيها أنت تكتشف كم هذه الظاهرة منتشرة”.

​عدد الحالات الموصوفة يمكن أن يُبعد المزيد من الضحايا عن الذهاب الى الشرطة. الحديث هنا يدور عن ابتزاز تحت التهديد، وهو مخالفة من الصعب جدا اثباتها، وبالتأكيد بدون وجود اشخاص يقدمون شكوى. البند الآخر، المباشر اكثر، الحماية بدون رخصة، أقل تخويفا. الحديث يدور عن قانون عمره 50 سنة، ينص على سنة سجن أو دفع 10 آلاف ليرة غرامة. “هذا قانون مضحك”، قال مصدر في الشرطة. هناك يعملون مع وزارة الامن الداخلي من اجل تغيير هذا القانون ذات يوم. في هذه الاثناء يحاولون هناك تجاوز قانون آخر وهو منع الحصول على شيء عن طريق التحايل، حيث أنه توجد اموال يتم تحويلها، لكن خدمات حراسة حقيقية لا توجد. “نحن نحاول العثور على أي طريقة من اجل مكافحة ذلك”، قال مصدر كبير في الشرطة. “ولكن هذا الامر غير سهل. القصص عن الابتزاز فظيعة”.

​هناك وجه آخر لهذه القصة، قال شمعون حداد، وهو أحد المقاولين الذين تم ابتزازهم في قضية أم بطين. حداد هو أحد اصحاب الاعمال الذي لا يخاف من كشف اسمه بالكامل. حتى الآن، قال، سرقت منه سيارات عمل ومعدات هندسية ثقيلة، ضرر مالي كبير. هكذا اضطر الى دفع الخاوة. من هنا تعود المشكلة الى الشرطة. في الاسبوع الماضي التقى حداد مع قائد قوات الجنوب، المفتش بيرتس عمار، الذي تحدث معه حول هذا الامر وقال له: “نحن نبذل اقصى الجهود”. وقال حداد إن “الدولة يتم ابتزازها الآن من قبل عصابات بدوية. والدولة لا تقوم بدعمنا”.