هل أثرت على الهبة الجماهيرية الفلسطينية؟

تقرير #تفجيرات_لبنان : كيف أثرت على التطورات الميدانية الإقليمية والحسابات السياسية الدولية

تفجيرات لبنان
حجم الخط

أظهرت تفجيرات الضاحية الجنوبية في لبنان وتحديداً بالقرب من برج البراجنة صورة الإرهاب الحقيقي التي تمارسه بعض الدول عبر سواعدها المزروعة في كل مكان من تنظيم الدولة الإسلامية "داعش" ليحصد العشرات بين جريح وقتيل.


وبحسب المعطيات الأولية فإن الحسابات الإقليمية تقف خلف التفجير من أجل تحقيق إختراق على طاولة الحوار في جنيف ,و التحقيق التي قامت به وكالة خبر الفلسطينية للصحافة يكشف عن الحلقة المفقودة والغموض الذي يخيم على العملية الإرهابية التي راح ضحيتها العشرات بين شهيد وجريح .


من المستفيد من تفجيرات لبنان ؟ وكيف يجني ثمار عمله الإرهابي ؟ وهل له علاقة مما يحدث في سوريا ؟ وكيفي سيلقي بآثاره على الهبة الجماهيرية في فلسطين؟ ولماذا تم التفجير في مخيم برج البراجنة الذي يقطنه فلسطينيين ؟ وما علاقته بـ"جنيف ؟  أسئلة عديدة ناقشتها وكالة خبر للصحافة الفلسطينية مع نخبة من ألمع المحللين السياسيين والمختصين في الشأن الشرق أوسطي.

تفجيرات بيروت
وبالإشارة إلى المستفيد المباشر من تفجيرات الضاحية الجنوبية بلبنان ,أوضح الكاتب والمحلل السياسي المقرب من دوائر صنع القرار في حزب الله والمقيم في بيروت حسام عرار ,أن المستفيد المباشر من حادثة التفجير الإرهابي هو الإحتلال الإسرائيلي بالدرجة الأولى والولايات المتحدة وتركيا "أعداء محور المقاومة" لما حققه المحور في الآونة الأخيرة من تقدم وإنتصارات في سوريا بعد دخول روسيا المباشر في حربها على الإرهاب والمجموعات الإرهابية في سوريا.
وأشار الى أن دخول روسيا الحرب ضد الإرهاب قطع الطريق على المخططات الأمريكية الإسرائيلية الرامية إلى إغراق الشرق الأوسط بما يسمى بـ "الفوضى الخلاقة" وتقسيمه إلى دويلات تتبعهم للقضاء على محور المقاومة الذي أثبت صموده على أبواب دمشق.
بينما إعتبر الكاتب والمحلل السياسي الخبير في شؤون الشرق الأوسط حسن عبدو أن تفجير الضاحية جاء إنتقاماً من حزب الله ,بسبب أن ما يعتقده داعش بأن الحزب تدخل في سوريا ,لافتاً الى أن حزب الله يعتبر تدخله في سوريا دفاعاً عن نفسه وعن وجوده ومحوره وداعميه ,ويعلم تماماً أن نهاية سوريا ستؤدي الى نهايته.
وأشار "عبدو" الى أن المستفيد الأول من تفجير الضاحية هم أعداء محور المقاومة مثل داعش والقوى الداعمة له.


من يجني الثمار؟
وعن محاولة جني ثمار العمل الإرهابي ,أكد عرار على أن الإرهاب يفتح المجال أمام المجموعات الإرهابية للمزيد من إرتكاب الجرائم ,ولا يستطيع من يدير الدفة أن يستمر في ممارساته الإرهابية ,لافتاً إلى أن السحر قد ينقلب على الساحر في وقت قريب إذا تضاربت المصالح .
ومن جهته ,استبعد "عبدو" أن يترجم داعش عمله الإرهابي لمكاسب سياسية , مشيراً الى أن داعش تعتبر الوصول الى أماكن تواجد "حزب الله" وحاضنته الإجتماعية انجاز كبير خصوصاً بعد التشديدات الأمنية والتنسيق الأمني العالي بين القوى الأمنية اللبنانية والمقاومة.
وأشار "عرار" إلى أن إختيار لبنان كان بهدف قطع الطريق على حزب الله الذي يناضل من أجل تأمين الحدود اللبنانية السورية وإحرازه المزيد من التقدم وقطع الطريق على أعوان إسرائيل من تنظيم الدولة وجبهة النصرة التي تسعى إسرائيل لفتح المجال لهم في الجبهة السورية الجنوبية لتأمين حدوده وقطع الطريق على محور المقاومة .
ونوه إلى أن الدليل القاطع على التعاون الإسرائيلي مع المجموعات الإرهابية هو دعم إسرائيل اللوجستي لهذه المجموعات وفتح طريق آمن لهم لمعالجة جرحاهم في المستشفيات الإسرائيلية ,ومن ثم عودتهم إلى سوريا.
وبدوره اعتبر الكاتب والمحلل السياسي حسن عبدو أن إختيار حزب الله والحاضنة الإجتماعية له ليس هدف جديد لداعش ,مشيراً الى أن داعش استطاعت أن تصل للحاضنة الشعبية لحزب الله في بئر العبد ومناطق أخرى بالضاحية الجنوبية ,وأنه بعد رفع مستوى التنسيق الأمني بين المثلث الذهبي توقفت الهجمات لعدة أشهر إلى أن غير أسلوبه داعش واقتصره على الأفراد بدلاً من السيارات .
وأرجح "عبدو" ذلك إلى أن برج البراجنة منطقة يعيش فيها خليط لبناني فلسطيني سوري ,الأمر الذي أدى الى تنوع الضحايا ,ولم تقتصر على الحاضنة الشعبية فقط.

علاقتها بالوضع السوري
وفي ضوء التطورات الميدانية السورية واحراز الجيش العربي السوري للإنتصارات بعد الغطاء الروسي وقطع الطريق على المخططات الأمريكية الإسرائيلية التركية ,أوضح عرار أن الولايات وحلفائها أوهموا العالم بالحرب على الإرهاب ,وشكلوا التحالف الدولي من أجل تمدد داعش وتقسيم العراق ونجحوا في ذلك عبر تقسيم العراق أمنياً إلى ثلاث مناطق ,منطقة للأكراد في الشمال وللسنة في الوسط وللشيعة في الجنوب.
وأشار إلى أن واشنطن تسعى لمحاولة تقسيم سوريا ,موضحاً: أنها فشلت على أعتاب دمشق واللاذقية ودرعا بفضل التقدم الذي أحرزه الجيش العربي السوري بمساندة المقاومة ,لافتاً الى أن القرار الأمريكي بضرب المصالح الروسية واللبنانية من أجل إثارة الفتن ومحاولة تحريك الشارع الروسي واللبناني للضغط على الحكومات لتتوقف عن مساندتها لسوريا.


أثرها على الهبة الجماهيرية
وحول الآثار المترتبة على التفجيرات وعلاقتها بالهبة الجماهيرية في فلسطين ,نوه الكاتب والمحلل السياسي حسام عرار #تفجيرات_لبنان "الكل" يحاول إستثمارها وفقاً لرؤيته وسياسته ,مشيراً إلى أن الهبة الجماهيرية " #انتفاضة_القدس " أرهقت الإحتلال الإسرائيلي والولايات المتحدة والمجتمع الدولي ,وبات الجميع غير قادر على إحداث أي إختراقات في عدد من المسارات أبرزها على صعيد المفاوضات الفلسطينية الإسرائيلية بعد فشل الجهود الدولية في وقف الهبة الجماهيرية وجمع الطرفان على طاولة المفاوضات من جديد ,إضافة إلى العمل على حرف البوصلة و "الفوكس" الإعلامي عن الإنتفاضة بإحداث توترات في المنطقة بعد فشل الإحتلال في إدخال غزة المعركة.
بشكل مباشر إستبعد الخبير في شؤون الشرق الأوسط حسن عبدو أن يكون لتفجيرات الضاحية الجنوبية تأثير بشكل مباشر على الهبة الجماهيرية أو الإنتفاضة داخل المدن الفلسطينية المحتلة ,مشيراً الى أن تفجيرات باريس كان لها الأثر الأكبر ببعد العالم عن التركيز على القضية الفلسطينية والإنشغال بتفجيرات داعش ووضعها محوراً رئيسياً على قضايا المنطقة ومن ضمنهم القضية الفلسطينية.
وأشار عبدو الى أن هذا التأثير سيؤثر على أسهم الإنتفاضة الفلسطينية عالمياً ,بينما يرفع من أسهم قضايا التفجيرات التي تقوم بها داعش لتحتل القضية المركزية.
ولفت "عبدو" إلى أن اللافت في تفجيرات لبنان هو الزج بأسماء فلسطينيين قتلوا في وقت سابق يؤكد على أن هناك استهداف للقضية الفلسطينية ,من أجل إحداث شرخ بين فلسطين والقوى الداعمة لها كـ"حزب الله" الذي يعتبر فلسطين قضية محورية.
ونوه إلى أن "داعش" له أغراض حقيقية وأهداف معينة لتخريب العلاقة من أجل إبراز الضحية أمام الجلاد الفلسطيني وأنهم لا يستحقون التعاطف ,منوهاً الى أننا لا نملك أدلة ,ولكن لا نستبعد أن تكون "إسرائيل" هي من تقف خلف زج أسماء الفلسطينيين في العملية.


لماذا برج البراجنة
وعن إختيار برج البراجنة الذي يقطن بالقرب منه الأغلبية من اللاجئين الفلسطينيين في المخيم لتنفيذ التفجير الإرهابي ,أوضح عرار بأن الجهات التي تقف خلف العملية الإرهابية تحاول خلط الأوراق في لبنان وفتح الجرح الطائفي من جديد ,في محاولة لإستنزاف حزب الله من جديد في لبنان وتخفيف الضغط على المجموعات الإرهابية في سوريا التي تنفذ المخططات الإرهابية التي خططت لها الولايات المتحدة الأمريكية بمساعدة الحلفاء.
وأكد في تحليله على ان العمل الإرهابي قطع الطريق على مخططاتهم ,وكشف الأوراق الرامية لزعزعة الأمن في لبنان وإشعال فتنة الحرب الطائفية ,مؤكدا على أن الحادثة الإرهابية أكدت على ضرورة تلاحم المثلث الذهبي في لبنان "الحكومة والمقاومة والشعب" والإتفاق على محاربة الإرهاب سويا وتأمين الحدود اللبنانية وداخل المدن والمخيمات الفلسطينية في لبنان.
وفي ذات السياق ,كشف الأمين العام لحزب الله السيد حسن نصر الله عن أنه تم تحديد هوية أحد الانتحاريين اللذين نفذا اعتداء الضاحية وهو سوري الجنسية، وتم إلقاء القبض من قبل فرع المعلومات على أحد المتورطين في اعتداء الضاحية، مؤكداً وجود شبكة متكاملة تقف وراء اعتداء الضاحية واعتقالها قطع الطريق على اعتداءات مقبلة، وشدد على “عدم وجود أي فلسطيني من بين الموقوفين المتورطين بالاعتداءات لدى الاجهزة الأمنية”.


تفجيرات الضاحية وجنيف
وشدد "عرار" في تحليله للتطورات الميدانية على أن الموقف الروسي الإيراني في جنيف الرافض للحديث عن مصير الأسد أحرج الولايات المتحدة الأمريكية وحلفائها ,مشيراً الى أن التخبط الأمريكي قاده لضرب المصالح الروسية بتفجير طائرة الركاب في سيناء وقصف مواقع للجيش السوري في القنيطرة وضرب حلفائهم من محور المقاومة كحزب الله في محاولة من واشنطن لكسر التعنت الروسي الغير متوافق مع سياستها ,وخصوصاً بعد مطالبة عدد من الدول العربية كالعراق بالتدخل الروسي لمحاربة الإرهاب وإدارة مصر ظهرها للولايات المتحدة وتهديد السعودية بالعدول عن موقفها وسعي تركيا لبداية تقارب تركي إيراني بدأ بعدة إتفاقيات إقتصادية إبان زيارة أردوغان الأخيرة لطهران بعد توقيعها على الإتفاق النووي.
وبدوره إعتبر المحلل السياسي حسن عبدو أن ما جرى من تفجيرات في بيروت له علاقة مباشرة بتراجع داعش وتقدم الجيش العربي السوري ميدانياً ,مشيراً إلى مسار فيننا السياسي مازال متعسراً ,في ظل تشدد جميع الأطراف وخصوصاً السعودية .
وأكد على أن الذي دفع داعش للقيام بعدة عمليات هو هزيمتها في سوريا وحصارها من قبل الجيش والمقاومة ميدانياً وبرياً ,والطيران الروسي جوياً دفعها للقيام بعمليات في مصر وبيروت وباريس في محاولة منها لخلط الأوراق .
يشار الى أن دخول روسيا على خط محاربة الإرهاب برؤيتها الخاصة في سوريا ,أربك المجتمع الدولي والإقليمي وقطع عليهم الطرق في تنفيذ مخططاتهم ,وميدانيا ,بث التخبط بين صفوف داعش والمنظمات الإرهابية الأخرى التي تقاتل لتنفيذ أجندة خارجية ,الأمر الذي دفع داعش مجدداً لتنفيذ تفجيرات عبر خلاياها النائمة في كل مكان والتي كان آخرها تونس ومصر ولبنان وباريس.