يافا المضغوطة تنفجر مرة أخرى

حجم الخط

بقلم: بار بيلغ


ضجت مدينة يافا ثلاث مرات في السنة الاخيرة. في نيسان الماضي أشعل انفاذ القانون من قبل الشرطة في حي العجمي شجاراً، وبعد ذلك اضطرابات استمرت بضعة ايام. وفي حزيران اثارت أعمال البلدية احتجاجا استمر شهرين، وقبل أيام كان هناك هجوم لرئيس مدرسة دينية اسمها «شيرات موشيه»، الياهو مالي، استند الى ما يسميه السكان العرب في المدينة «يهود يافا»، وهدد باعادة الاضطرابات الى الشوارع.
الاسباب الرئيسة لوعاء الضغط في يافا، الذي انفجر مرة اخرى، أول من أمس، هي الشعور بتردي الامن الشخصي في اعقاب حالات موت كثيرة لأبرياء في المدينة، وهم شباب عاطلون عن العمل، كانوا قبل فترة قصيرة لا ينتمون لأي اطار تعليمي. وبالاساس ضائقة السكن في المدينة التي تواصل أسعار الشقق فيها الارتفاع في كل سنة.
خلفية المهاجمة الأخيرة هي محاولة بيع قطعة ارض في حي العجمي للمدرسة الدينية. هذه الارض حاول بيعها يهودي اشتراها بصورة قانونية قبل عشرات السنين. الاخوان احمد ومحمد جربوع، اللذان يعيشان قرب العقار لاحظا رئيس المدرسة الدينية ومديرها يدخلان الى قطعة الارض الخاصة وأرادا طردهما. وقال رئيس المدرسة الدينية والمدير إنهما حددا في المكان لقاء مع صاحب قطعة الارض. ولكن الاخوين جربوع قاما بطردهما من المكان بالركل واللكمات. وقد اعترفا بما نسب اليهما، لكنهما قالا إنهما وجدا انفسهما في شجار في اعقاب تحد ونفيا الدافع العنصري. وبعد الهجوم جرت مظاهرة لليهود ومظاهرة للعرب، انتهتا بعدد من المصابين.
«لا شك في أنهم عندما يقولون لك بأن تغادر المنطقة ولا يريدونك جارا فان هذا يعتبر موقفا»، قال مدير المدرسة الدينية ومؤسسات مئيريم في يافا، موشيه شندوفتس، الذي تمت مهاجمته. «لا اعرف لماذا قاموا بمهاجمتي. ولكنهم قالوا لي إنهم لا يريدونني هناك. نحن بالكاد كنا هناك دقيقة أو دقيقتين عندما بدؤوا يصرخون علينا وطالبونا بمغادرة المكان وهم يشتموننا. ابتعدنا. هؤلاء اشخاص لم نكن نعرفهم. افترض أنهم هم ايضا لا يعرفون أنهم هاجموا رئيس مدرسة دينية، حاخاما عمره 65 سنة. يوجد هنا شيء ما متطرف والهجوم غير مفهوم». أكد رجال المدرسة الدينية دائما أن الارض كانوا سيشترونها من شخص يهودي.
مدرسة «شيرات موشيه» الدينية في يافا تم تأسيسها في العام 2008. واليوم يتعلم فيها 350 طالبا ومقرها الدائم موجود في شارع تولوز. يسكن الطلاب في شقق مجاورة في الحي.
الحادثة الأخيرة اعادت سكان يافا الى العام 2015. ففي حينه دخل رجال المدرسة الدينية الى بيت في شارع تسيونا تيجر، تركه أصحابه العرب في 1948 وتم نقله بقوة قانون «أملاك الغائبين» إلى ملكية الدولة وشركة الاسكان العام «عميدار» التي بدورها أسكنت فيه عائلات يهودية. من قامت بشراء هذا العقار، وهي يهودية من الارجنتين، نقلت ملكيته كتبرع، لكن ليس بـ «طابو»، لرجال المدرسة الدينية. في العجمي خافوا من أن سنة 2015 تكرر نفسها.
في المقابل، قال رجال المدرسة الدينية إنه في الفترة الاخيرة ازدادت اعمال العنف بينهم وبين سكان يافا. «كنا في حفلة عيد ميلاد في متنزه مدرون، اولاد في الصف الثاني»، قالت مديرة من مديرات الجمعية التي تدير المدرسة الدينية. «لقد جاء أولاد عرب، ابناء 13 – 14 سنة وقاموا باختطاف قبعة احد الاولاد المنسوجة، وصرخوا عليهم توقفوا، توقفوا، وعودوا من حيث جئتم. واشاروا اليهم بالإصبع الوسطى وهربوا».

اعتراف بالفشل
في بلدية تل ابيب بلوروا في الشهر الماضي برنامج طوارئ اجتماعي لمدينة يافا. وقد شملت بنود البرنامج معالجة الشباب والحفاظ على النظام العام. في البرنامج تم اقتراح بناء مركز تجسير بلدي يتم فيه تأهيل عشرة مدربين للتعامل مع مشكلات محلية وتعزيز العاملين الاجتماعيين والنفسيين في المدارس واطالة اليوم الدراسي حتى الساعة الثامنة مساء، وادخال مرشدين الى الشبكات الاجتماعية للشبيبة في حي العجمي ووسط يافا، واضافة 600 شاب وولد الى أطر تعليمية غير رسمية (في 2019، للمقارنة، كان هناك 2000 يهودي وعربي في اطر كهذه في المدينة)، برنامج لمعالجة الشباب، الذين يعيشون في احياء تسود فيها الجريمة. وايضا انشاء اكاديمية بلدية لكرة القدم لـ 120 شابا من شباب يافا.
ومؤخرا افتتحت البلدية برنامج تشغيل للشباب بعد الخدمة العسكرية، وبمبادرة من نائب رئيس البلدية الاسبق، آساف هرئيل، اطلقت البلدية برنامج «العمل في بلدي» من اجل دمج الشباب الذين بقوا دون اطار بعد المرحلة الثانوية، وذلك للعمل في اطار البلدية.
مع ذلك، من اعترف بفشل البلدية في زيادة الشعور بالأمن الشخصي في اوساط سكان يافا هو رئيس البلدية، رون خولدائي. ففي جلسة لمجلس البلدية، الشهر الماضي، وبعد أن تحدث عضو المجلس عبد أبو شحادة عن الشعور القاسي لسكان المدينة منذ قتل محمد أبو نجم، قال خولدائي: «هذه دعوة للاستيقاظ لنا جميعا. هذا الموضوع يشغلني وأعترف بأنني فشلت، وأننا فشلنا. رغم الاستثمارات الضخمة لم ننجح في الوصول الى وضع يكون فيه في يافا أمن شخصي».
أبو نجم، الشخصية الرفيعة في الجناح الشمالي للحركة الاسلامية، وهو محاسب في مهنته وأحد الاشخاص المحببين على سكان المدينة، قتل في المدينة في وضح النهار قبل شهرين. مجهولون قاموا باطلاق النار عليه عندما كان يقف على مدخل بيته في المدينة وهربوا. وقد أطلقوا النار ايضا على شاب (20 سنة) كان يوجد في المكان واصابوه اصابة بالغة. بدأت الشرطة في التحقيق ولكن حتى الآن لم يتم اعتقال أي شخص في اعقاب اطلاق النار. وقد تمت اضافة هذه الحادثة الى حالات القتل العشرة الاخرى خلال سنتين، لم يتم حل لغزها بعد (في الاسبوع الماضي اعتقلت الشرطة عدداً من المشبوهين في احدى حالات القتل، لكن لم يتم بعد تقديم لائحة اتهام ضدهم).
في الجنازة قال أبو شحادة إن «العرب في يافا يشعرون بأنهم يعيشون دون أي جهة تعنى بأمرهم بخصوص أمنهم الشخصي. وقتل أبو نجم فقط يؤكد هذه الأقوال».

عن «هآرتس»