ونحن في حمأة الانتخابات وجدالاتها، ومع اقتراب حملاتها الإعلامية لنتعرف على طروحاتها وبرامجها، وفي انتظار نتائجها ومفاعيلها وربما تداعياتها، وهي المعلنة تكريسا للديمقراطية كحق وتجديدا للشرعيات كواجب، لابد لنا من وقفة نُجيب من خلالها على أسئلة نحدد عبرها "مسارات عملنا الوطني" بدلاً من التلهي بتصريحات عن التأجيل، أراها خارج منطق الوعي بالتاريخ والعمل التنظيمي والمؤسسي.
المطلوب أولاً التمسك بجداول ومواعيد الانتخابات وجعل العملية برمتها "مواعيد مقدسة لانتخابات ديمقراطية دورية منتظمة" باعتبارها إرادة وطنية على أن يتم إجراء انتخابات فعلية للمجلس الوطني، بمشاركة جميع فلسطينيي الخارج، من خلال سفاراتنا في مختلف دول العالم، حضورياً حيثما أمكن، وعبر البريد الإلكتروني إن استلزم الأمر، ووفق الجداول المعلنة من لجنة الانتخابات المركزية الفلسطينية وفق المرسوم الرئاسي.
إننا نواجه خصماً استعمارياً إحلالياً استيطانياً قام على نفي وجودنا وتشريدنا.. وأكدت نتائج الانتخابات الإسرائيلية منذ العام 1993 هزيمة "نهج أوسلو"، وتقدم اليمين العنصري، وبناء مئات المستوطنات وإعلان قانون القومية، والإعتراف الأمريكي بالقدس عاصمة للكيان وجدية خطر الضم..
كما أظهرت مختلف التطورات أنه لا أفق لمفاوضات سلام، وبشكل أدق، لا إمكانية لعملية سلام.. وأن السلام طريق مسدود، وليس لدى اسرائيل سوى خطة التهويد.. وليس أمامنا سوى تغيير واقعنا الرديء، وإعلان المستوطنات وكل إفرازات الوجود الاحتلالي جريمة وهدفاً للمقاومة الفلسطينية بكل مكوناتها وبكافة وسائلها استناداً للقوانين والقرارات والشرائع الدولية.
وإذا كانت اليد الموقعة/ والأصوات المؤيدة لقرار تأجيل، لاسمح الله، لاتملك القدرة على التمسك بحق مكتوب في القدس والمواجهة من أجله، فكيف تكون مؤتمنة على كامل حقوقنا وطموحات شعبنا، وقائدة لثورتنا في سبيل حق تقرير المصير.
اسألوا أي مواطن فلسطيني، وحاولوا أن تفهموا من كوادر الفصائل والتنظيمات شيئاُ مما يدور؛ ستسمعوا في أحسن الأحوال كلاماً بلا قيمة مغلفاً بالقول "هذا إذا جرت الانتخابات" ما يعني تشكيكاً مفتوحاً على احتمال إلغاء أو تأجيل الانتخابات!
ولو سألتم لجنة الانتخابات المركزية، وهذا حق بحكم دورها وتفويضها، سيأتيكم الرد بنصوص من قانون انتخابات المجلس التشريعي، وقد يزيد اجتهاداُ بإحالة السائل إلى "أعمدة السلطة والفصائل" والتي ستحيلك بدورها، ربما بحياء يحفظ ماء الوجه إلى مايسمى "اجتماعات القيادة" في عملية "إلهاء وتضليل" بانتظار حسابات "صاحب كل الصلاحيات والسلطات"!
وهنا لم يعُد مقبولاً، استهتار التنظيمات بكوادرها وعناصرها وأفرادها، واستهتار الكوادر والأجهزة الرسمية بأبسط حقوق شعبنا القانونية والسياسية والمعرفية، كما أصبح غير ممكن القبول بحالة "الإلهاء والتجهيل" التي تُمارس علينا، وبات على كل من يتصدر العمل العام أن يقول الحقيقة، ويسمع ما يجب أن يُقال.
نعم لإلغاء أوسلو..لا لتأجيل الانتخابات
لأن الانتخابات حق لشعب هو صاحب القرار في تقرير مصيره ولأن القيادة تكليف، ولأنه لم يعد ممكناً، الاستسلام لخيارات العدو، الصمت لم يعد حلاً، والاستهتار بأبسط حقوق شعبنا الديمقراطية لم يعُد محتملاً، والتمسك بالعهود والاتفاقات التي لا تُحترم إسرائيلياً صار مهانة.. وعملية السلام المجربة على مدى عقود باتت مفضوحة..
إننا نطالب بالتمسك بخيار "فرض الانتخابات في القدس في سياق معركة مواجهة مفتوحة مع الاحتلال"، وأضم صوتي لموقف المتمسكين بأنه "لن يكون هناك تراجع" أمام قرارات الاحتلال وإجراءاته".
وفي هذه المرحلة، لابد من مراجعة تصحح المسار، تبدأ بشرح حقائق التاريخ لجيل فلسطيني ربما تاه في سراديب السلطة والمفاوضات وتتنازعه التوجهات بين وعود واهية لمفاوضات عبثية وسلطة تنبذ المقاومة وبين نداءات للمقاومة وبناء القوة والثورة والتحرير.. فحقائق التاريخ وتجارب الأمم والشعوب تؤكد أنه:
لا يمكن لشعب أن يكسب أي معركة تحرر ما لم يكن لديه "ربح مواز" في الميدان السياسي والإعلامي..
و"حل الدولتين" الذي كانت القيادة الفلسطينية أول من طرحه سنة 1988 لتكذب ادعاءات إسرائيل بأنها تريد السلام، سقط في المفاوضات، وفي الواقع، وعلى الأرض.
كانت اسطوانة بن غوريون وغولدا مائير ومناحيم بيغن وشامير ومن قبلهم الألة الدعائية للحركة الصهيونية العالمية وأدواتها البريطانية والغربية تعزف "كذبا وتضليلا"، في العالم: "فلسطين.. أرض بلا شعب" والتي تحولت مع انكشاف حقيقة وجود وتهجير الشعب الفلسطيني ثم ثورته إلى أن "العرب يريدون القاء اليهود في البحر".
ومع المسعى الفلسطيني للسلام اهتز الصهاينة، واهتزت الولايات المتحدة واوروبا، وانكشفت للعالم الكذبة الصهيونية وأن اسرائيل لاتريد السلام، فطرح الرئيس الأمريكي رؤيته القائمة على "مبدأ الأرض مقابل السلام" الذي رفضته إسرائيل.
وحصل التصدع العربي مع زيارة السادات للقدس، واتفاقات كامب ديفيد، وحرب لبنان الأهلية، ثم الغزو الإسرائيلي للبنان وصولاً لحصار بيروت وخروج منظمة التحرير، واندلعت الانتفاضة الفلسطينية الأولى، وجاءت "خدعة أوسلو" لتطفيء لهيبها في وجه الاحتلال..
أوسلو لم تمنحنا دولة ولا أرض، وعلى النقيض مكنت إسرائيل من التحكم بلقمة عيشنا واقتصادنا، ثم جاء اتفاق باريس الاقتصادي مسلماً رقابنا والتحكم بمالنا لإسرائيل..
إن من يقرأ الاتفاق السياسي/ إعلان المباديء يجد خلف كل حرف فيه "كمين" وبين كل فاصلة وأخرى مجالاً يتيح لإسرائيل أن تفسر وتتلاعب بالتنفيذ، قالوا لنا إنه اتفاق حكم ذاتي لـ 5 سنوات تقوم بعدها الدولة الفلسطينية في إطار الحل النهائي الذي كانت إسرائيل تخطط لألا يأتي ونجحت..
وروى لي بسام أبو شريف المستشار الإعلامي لياسر عرفات مايلي حرفياً:
بعد عودتي إلى الأرض المحتلة شاركت بحفل لجمعيات سلام، وكان شمعون بيريز حاضرا واقترب مني وقال: يبدو أن صديقك، ويقصد ياسر عرفات، جاد حول اقامة دولة فلسطينية مستقلة، فقلت له: بالطبع، ولذلك وقع اتفاقات أوسلو؛
فقال لي : قل لصديقك إنه لايوجد، ولن يوجد أي اسرائيلي يوافق على اقامة دولة فلسطينية مستقلة، فقط حكم اداري ذاتي تحت السيادة الاسرائيلية؛
فقلت له: لكن هذا مناقض لما اتفق عليه؛
أجابني مبتسما : عليك قراءة الاتفاق مرة اخرى..
وتابع شمعون بيريز: ان أي حكومة إسرائيلية لن تقبل بإعطائكم دولة فلسطينية أو إقامة دولة للفلسطينيين.
وعندما تم نقل هذه الرسالة للرئيس ياسر عرفات، هز رأسه قائلاً: أعرف أنهم يكذبون.. وأنهم لايريدون السلام.. لقد أدرك عرفات حقيقة "كمين أوسلو" وعرف منذ العام 2000 أنه لن تكون هناك دولة وأن كل الفرص "أغلقت" ولذلك بدأ مراجعة المسار والتهيئة لمقاومة الاحتلال وكانت الانتفاضة الثانية.
اتفاقات أوسلو المرفقة بنزع خيارات المقاومة لم تعد مقبولة، ولابد لها من نهاية لحالة الانقسام المشين الذي تعززه خيارات مصلحية، ومصالح إقليمية.
ولابد من إعادة بناء منظمة التحرير كحركة تحرر، على أسس وطنية ديمقراطية تضم الكل الفلسطيني وتحيي دور الفصائل والاتحادات والنقابات الشعبية والجاليات الفلسطينية في الخارج، وتُجسد إعلان الاستقلال الفلسطيني قولاً وفعلاً على الأرض،
ولا خيار غير انهاء التفرد والهيمنة وديكتاتورية القرار والتحكم بأموال الصندوق القومي، هذا عدا الفساد المالي والسياسي والأخلاقي.
إن دقة المرحلة التي نعيشها تتطلب الاستماع إلى صوت العقل وإسكات كل دعاة الانقسام والمستفيدين والمتربحين منه ومن الاحتلال والحصار.. إن من يحكم في الضفة الغربية هي بساطير الاحتلال ، ومن يتحكم في غزة وخبزها وبحرها وحدودها ومعابرها هم جنود الاحتلال وبحريته وطائراته.. حتى الحكم الذاتي لم يعد موجوداً واستبدل بسلطة قمع وطني ذاتي وتنسيق أمني واقتصادي ومالي!!
وعلى كل من تعب أن يستريح، وعلى كل من فشلت خياراته أن ينسحب، وليصمت أصحاب المصالح والأجندات وليسكت كل المنافقين والمطبلين، فهذه السلطة بُنيت على اتفاقات أوسلو.. وأوسلو بُنيت على فكرة وجود كيان فلسطيني وسلطة حكم ذاتي .. لا تهُم التسمية" لتؤمن الأمن لإسرائيل وقوات احتلالها ومستوطنيها مقابل صلاحيات مؤسسات بلدية على "السكان دون الأرض".
وما لم يتم إلغاء أوسلو وحل السلطة وتغيير عقيدة الأجهزة الأمنية الفلسطينية وخروج قيادة منظمة التحرير الفلسطينية وإلغاء تعديلات الميثاق الوطني الفلسطيني وبناء وحدة وطنية فلسطينية على أساس المقاومة لا المساومة، لن تكون هناك حالة تصحيحية فلسطينية.
هذه السلطة انتهت وطنياً وهي لن تبقى بدون أوسلو ومفاوضات السلام، وبدون رفض المقاومة ونزع سلاحها، وقد باتت غير صالحة لمهام المرحلة، لأنها تعيش على الإعانات والمساعدات، وتدافع فعلياً عن رواتب كوادرها..
استمعوا لما تقوله الولايات المتحدة واللجنة الرباعية الدولية..
(يقع على عاتق جميع المسؤولين المنتخبين وأي حكومة فلسطينية تأتي مستقبلاً أن تلتزم بالاتفاقيات الموقعة والاعتراف بدولة إسرائيل ونبذ العنف كما يتعين التزام، أي مرشح في الانتخابات، بالحل التفاوضي للنزاع ووقف العنف وحكم القانون، على أن تظل خدمات الأمن فوق السياسة وأن تخضع القوات المسلحة والأمن لسيطرة حكومة معترف بها دولياً) وهي شروط لم ترتبط بأي التزام اسرائيلي أو إلزام لإسرائيل في المقابل.
قد يتساءل البعض.. لماذا نطالب بإلغاء اتفاقات "أوسلو"؟
ما نطالب به هو رفض الرؤية الإسرائيلية لـ "أوسلو" وحذفها من جدول الأعمال.. وما ندعو إليه هو التمسك استراتيجياً بكامل حقنا بـ "فلسطين التاريخية" والعمل مرحلياً بـ "مبادرة السلام العربية" المعتمدة فلسطينياً وعربياً وإسلامياً ودولياً..
ولماذا لا نواصل المسار؟ لأن إسرائيل لا تريده وتعمل قولاً وفعلاً لفرض رؤيتها لـ"أوسلو" و"صفقة القرن" وسط دعم أمريكي غربي بتخطيط صهيوني وإلهاء عربي بات فجاً في اختراع أعداء جدد والتطبيع مع إسرائيل.
يتبع/ الرصيد المهدور..
هجرة الجاليات وعبث التنظيمات
كادرمع المقال /1
"الانتخابات يجب أن تجري في موعدها ولا يجوز تأجيلها، ومطلوب منا التحدي وممارسة حق الانتخاب في القدس وفق آليات وطرق يتفق عليها الفلسطينيون حفاظاً على حقهم في التصويت في المدينة المقدسة".
المطران عطا الله حنا
من حق الفلسطينيين إجراء الانتخابات في كافة الأراضي الفلسطينية بما فيها القدس الشرقية وفق ما نصت عليه الاتفاقيات القائمة، وإسرائيل لا تملك حق عرقلتها أو منعها..
سفين كون فون بورغسدورف ممثل الاتحاد الأوروبي
كادر 2 مع المقال/
التوقعات "إذا جرت الانتخابات الأن"
اظهرت دراسات تحليليلة لمحتوى الخطاب الإعلامي للفصائل وقيادات الأحزاب والقوى التي تقدمت بقوائم مرشحيها لانتخابات المجلس التشريعي وأحجامها في الشارع الفلسطيني في ضوء استطلاع رأي متخصص بين الناخبين بمختلف توجهاتهم السياسية ما يلي:
فتح الرسمية/ 34 نائباً.
فتح البرغوثي والقدوة/ 25 نائباً.
فتح دحلان/ 12 إلى 16 نائباً.
حركة حماس وقائمة مستقلة مدعومة منها / 32 إلى 38 نائباً.
الشعبية والديمقراطية وفدا ومصطفى البرغوثي وسلام فياض والحزب الشيوعي/ 25 إلى 29 نائباً