يلوح أن نتنياهو يخسر في معركته ضد من ينهضون لخلافته. تغلب في أربع معارك انتخابية، نسبيا، بشكل غير متوقع وعظيم المعنى، على تهمة الرشوة التي ألصقتها به النيابة العامة. بقي ناخبوه مخلصين في معظمهم، ولكن نتنياهو لم ينجح في ان يجلب الى صناديق الاقتراع ناخبين كثيرين له في الانتخابات الرابعة في سلسلة ازمتنا السياسية. تعب بعض ناخبيه، على ما يبدو، وتسللت الاتهامات إلى وعينا. فزعم ظاهراً "نزيحه فقط وكل شيء يتدبر". ولهذا فليس له ما يكفي من القوة، الآن، ليحطم مقاومة الساعين للحلول محله.
الحكومة، التي تتشكل الآن بين لبيد، ليبرمان، بينيت، وساعر الى جانب غانتس، اليسار والعرب، تنبع من سيطرة نتنياهو رغم عدم قدرته على تشكيل حكومة. هؤلاء الشركاء هم خصوم أحدهما للآخر، كل واحد منهم وحده غير قادر على أن يخلق حزبا حاكما بدل "الليكود" برئاسة نتنياهو. وعليه، فبلا مفر، ورغم المنافسة الشديدة السائدة والتي ستبقى تسود بينهم فلعلهم ينجحون في "الاتحاد" ضده.
تساعدهم اتهامات النيابة العامة على "الاتحاد" ضد نتنياهو، الذي من السهل ان يعزى له شخصيا (وليس للنيابة العامة كما تستحق) الازمة السياسية. ولكن الاتهامات نفسها ليست السبب الحقيقي لهذا الائتلاف الغريب، بل الطموح والإحباط الذي يبعثه ظل نتنياهو عليهم. لم تمنع الاتهامات ساعر مثلا من أن يعرض نفسه لثقة الجمهور ثلاث مرات في قائمة "الليكود" بقيادة نتنياهو. لم تمنع بينيت من الارتباط بـ"كتلة اليمين" التي أقامها نتنياهو. وهي لم تمنع ليبرمان من التفاوض على الانضمام لحكومة نتنياهو في العام 2019.
لأي من مقيمي الحكومة المتشكلة لا يوجد وزن شخصي او قوة حزبية – برلمانية كافية. ولهذا فهم ملزمون بالاتحاد. ليس لهم بالطبع أي خطة عمل مشتركة باستثناء "فقط لا بيبي". ولهذا فإن الائتلاف يعاني من أساسه من نقص الشرعية ونقص الاستقرار. لا يوجد حزب حاكم يحمله ولا يوجد مضمون سياسي يجمعه، باستثناء رعب مشترك من انتخابات مبكرة. والقوة التي ترص صفوفهم والمتمثلة برعب كهذا، محدودة، لأن الانتخابات ستعرض للخطر بالأساس رئيس الوزراء المرشح بينيت وحليفه ساعر. رئيس وزراء يعرف ان انتخابات مبكرة ستصفيه هو رئيس وزراء قابل للابتزاز وحكومته ستكون ضعيفة، مآلها ان تصطدم بكل حجر في طريقها وسيسيطر عليها الشركاء وربما تتفكك من الداخل.
وعليه فإن الحكومة التي تقام، الآن، تسير على الطريق المكافئة لحكومة نتنياهو - غانتس. لا يوجد فيها حزب حاكم، أو زعيم يؤيده الجمهور الغفير، أو برنامج سياسي صغير ومفاهيم مشتركة ترد بقوتها مثلا على التطورات الخطيرة من جبهة الولايات المتحدة – ايران. تستدعي كل هذه النواقص من بينيت – لبيد أن يعمدا الى الاحباطات المتبادلة الشالة. وهي ستكون دركا اسفل غير مسبوق في تدهور طريقة الانتخابات النسبية والهدامة لدينا.
إن ظاهرة التعطيل المتبادل معروفة لنا منذ حكومات الوحدة في 1984 – 1990، والتي كانت "البلاستر" الأولى التي ألصقت على طريقة الانتخابات. وكانت الانتخابات الشخصية لرئاسة الوزراء "البلاستر" الثانية التي ألصقتها على طريقة الانتخابات الفاشلة الأحزاب التي بادرت اليها. يفاقم هذا فقط تحطُّم الساحة السياسية والصعوبة في انتاج حزب حاكم يدير شؤوننا.
كانت حكومة نتنياهو – غانتس "البلاستر" الثالثة، حكومة ذات أداء دون. فقد نجحت في التصدي لـ"الكورونا" فقط بفضل الكفاءات الاستراتيجية الاستثنائية لنتنياهو. مبناها لم يساعده، على اقل تقدير. وهذه التي تقام، الآن، ستكون أسوأ منها.
نعيش، إذاً، تآكلا خطيرا جدا في قدرة حكم الحكومات التي ننتخبها. الرسمية الإسرائيلية تتضعضع، عقب طريقة الانتخابات المتطرفة لدينا، التي كفت بالتدريج عن خلق حزب حاكم وعقب التسييس الذي يفسد النيابة العامة ومحكمة العدل العليا.
عن "إسرائيل اليوم"