هل فهمت فرنسا- يسأل محللنا لشؤون التوقعات العابثة- بأنه اذا لم تعمل بقوة وبحزم ضد قاتليها، الذين بعضهم داخلها، فسيدفعها ضعفها لتحقق النبوءة المتشائمة لميشيل فالبك في كتابه «الاستسلام»، مع الكثير من الدم، الجنون والاكراه الديني؟ هل فهم العالم الذي يقول «هذا لا يمكن ان يكون»، حين ينجر رغم أنفه الى حرب عالمية ثالثة، هذه المرة مع الاسلام المتطرف، السني والشيعي.
ظهرت المؤشرات منذ زمن بعيد، ولكن رغم العديد من المحذرين بعيدي النظر، ممن دعوا في حينه لتفكير عالمي سوي، موحد بمصالح وجودية أولية، من أجل العمل على منع وتصفية الشر، لم ينجح زعماء العالم بل ولم يرغبوا (الأنا، العداء الشخصي، النوايا المختلفة والمنافسة) في ان يجتمعوا معا الى أن يخرج دخان احمر، ويقرروا عملا عالميا شاملا، قاطعا ومشتركا أساسه: من نهض لابادتك اسبقه فصفّه.
الان لا خيار آخر لهم: روسيا، الصين، فرنسا، ايران والعديد من الدول الاخرى، مع الولايات المتحدة التي تكتفي بالقليل وتتردد جدا، ومع الخليفة التركي، اردوغان، الذي يلعب مع الطرفين، الكل سيضطر ليوافق على الفور على اقامة جيش دولي يتضمن قدرات جوية، برية وبحرية، مع قائد أعلى، قيادة أركان مشتركة، واستراتيجية متفق عليها لابادة الشر في سورية، في العراق، في سيناء، في القرن الافريقي، في اليمن وكذا في مدن اوروبا: إغلاق مساجد متطرفة، حبس أو طرد الدعاة للخلافة الاسلامية، للتطوع لـ «داعش»، لقتل الكفار، بما في ذلك المسلمون، لتصفية الثقافات.
اسرائيل، مع السوبرتنكر مغلق الحس على رأسها، الذي يحقق على حد قوله كل ما يريد (اما السلام فعلى ما يبدو لا يريده)، ملزمة بأن تعد نفسها بسرعة لتكون جزءا من هذه المنظومة المرتقبة.
هذا مصيري لنا. الحكومة ورئيسها لم يتمكنا من الفهم كم نحن ملزمون بأن نتحدث وعمل ذلك الان.
في مفاوضات سريعة وناجعة سيضطران الى الوصول الى تسوية مؤقتة بيننا وبينهم، بما في ذلك مع الفلسطينيين.
سيجمدان البناء والارهاب ويخلقا توافقات على تنازلات وحلول وسط ضرورية.
كل هذه ستسمح لاسرائيل وللدول العربية المعتدلة ان تتعاون فيما بينها في الاستخبارات، في القبض على المتآمرين، المحرضين، ومن يؤون رجال الشر. هكذا تقام في المنطقة كتلة أمنية مانعة في وجه انتشار الاسلام المتطرف.
ان التسوية ضرورية ايضا لامن واستقلال اسرائيل، وستتطلب اقتلاع قوة اليمين اليهودي المتطرف على فعل الشر والمحاسبة المتشددة لـ «المخربين» العرب واليهود. هكذا فقط يتاح الربط والتنسيق مع القوة الدولية التي ستقوم للعملية. ولا شك انها ستقوم، لأن الخيار الآخر هو حرب يأجوج ومأجوج الرهيبة.
وهي ستقوم وتعالج بكل قوتها الأشرار التي تهبط على العالم – «داعش»، «القاعدة» والمنظمات السلفية من شمال غرب الصين وحتى افغانستان والباكستان، الصومال، نيجيريا، ليبيا واليمن وحتى العراق، سورية ولبنان – وتمنح صفر شرعية لمنظمات الارهاب كـ «حزب الله» و»حماس».
الان كل شيء منوط بزعماء العالم، وفهم الاضطرار الفوري للاتحاد. الكثير منوط ايضا برئيس وزرائنا، في أن يتمكن بعد كل ذلك من أن يرفع مستوى علاقاتنا مع العالم، والتي ساهم في تخريبها. ألو؟ لست واثقا من أنه يسمع. فهلا نزع احد ما من الوزراء سدادات اذنيه؟
عن «معاريف»