تعاني السلطة الوطنية الفلسطينية من حصار خانق في قطاع غزة وقيود على الصادرات والواردات بالضفة الغربية ,الأمر الذي دفع الفلسطينيين عدة مرات للمطالبة بالتحلل من الإتفاقيات الموقعة مع الجانب الإسرائيلي وخصوصا إتفاقية باريس "المجحفة" ,وقامت السلطة وعبر مؤسساتها الوطنية ببعض الإجراءات الميدانية على الأرض ,أبرزها تمثل في مقاطعة البضائع الإسرائيلية ومحاربة منتجات المستوطنات داخل أراضي السلطة وعالمياً.
فهل اتفاقية معبر رفح الجديدة التي جرى توقيعها قبل أيام ,جاءت كبديل لاتفاقية باريس (البرتوكول الاقتصادي الملحق باتفاقية غزة-اريحا) الموقعة بين اسرائيل وممثلين عن منظمة التحرير الفلسطينية ؟ وهل انفراد مصر بالقرار مع السلطة الفلسطينية وتوقيعها على اتفاق المعبر جزء من عودتها لتتصدر ابرز اللاعبين على الساحة السياسية الاقليمية واتخاذها دور ريادي جديد في الشرق الاوسط ؟ وهل سيقود إلى زيادة في حجم الاستثمارات بين البلدين ؟
بالإشارة الى الهدف الأساسي من توقيع إتفاقية معبر رفح الجديدة أوضح المحلل السياسي أ.محسن ابو رمضان انه لا يعتقد ان هذه الاتفاقية ستكون بديلة لاتفاقية باريس , موضحا ان اتفاقية باريس مرتبطة بمنظومة كبيرة قاعدتها اتفاقية اوسلو لذلك لا يمكن التحلل من برتوكول باريس الاقتصادي بمفرده لأنه مرتبط بشكل اساسي بالمنظومة السياسية التي فرضها هذا البرتوكول.
واوضح :" من الممكن التحلل منه فيما يتعلق بالإجراءات وليس بالاطار , ولكن في حال تم اتفاق بما يتعلق بمعبر رفح لحركة البضائع والافراد فان هذا قد يقلل من الارتباط في برتوكول باريس ولكن لا يلغيه بصورة كاملة لان الالغاء يعتبر تفكيك للقاعدة السياسية لهذا الاتفاق.
ومن جانبه قال أستاذ علم الاقتصاد في جامعة الازهر د.معين رجب ان هناك اتفاقية مبرمة قبل ذلك بين منظمة التحرير الفلسطينية وجمهورية مصر العربية في مجالات الحياة الاقتصادية المختلفة الا انها غير مفعلة , لذلك فمن الطبيعي ان يكون معبر رفح وهو الشريان الحيوي للفلسطينيين واحد المنافذ المهمة للتواصل مع العالم الخارجي , لكن العبرة تكمن بالقدرة على التنفيذ وان يجد هذا التوجه طريقه نحو الواقع والتطبيق الفعلي .
بينما اوضح المحلل والصحفي المختص بالشؤون الاقتصادية أ.حامد جاد ان اسرائيل لم تلتزم بكافة الاتفاقيات وتحديدا اتفاقية باريس وما يترتب عليها من حقوق للفلسطينيين في ادخال مواد جديدة وفتح سوق العمل , مضيفا الى انه من حق الفلسطينيين التمتع بمعابرهم الطبيعية وهم يطالبون دوما بان يكون المعبر فلسطيني مصري .
وقال: "استبعد ان تحقق هذه الاتفاقية مساعيها نظرا لجملة من الظروف السياسية تحديدا في هذه المرحلة الراهنة."
وفيما يتعلق بعودة مصر لتصدر أبرز اللاعبين على الساحة السياسية الاقليمية واتخاذها دور ريادي جديد في الشرق الاوسط , أوضح "أبو رمضان" ان على الرغم من الانشغالات الداخلية بمصر نتيجة العديد من المشكلات التي تواجهها الا انها تحاول ان تستنهض دورها بالإقليم فيما يتعلق بالدول المجاورة تحديدا .
وأضاف : الحراك الاخير الذي قام به عزام الاحمد مع القيادة المصرية يشير الى ارادة ورغبة الرئاسة المصرية بالعودة لتصدر المهمات الكبرى ومنها موضوع القضية الوطنية للشعب الفلسطيني, مشيرا الى ان هناك ارادة وتوجه للعودة لإحياء اتفاق المصالحة الفلسطيني-الفلسطيني الذي رعته القاهرة بالسابق بما يضمن معالجة معبر رفح والعديد من القضايا والمشكلات , اما في حال وجود اتفاق مصري على معبر رفح فان القيود التي تفرضها اسرائيل ستزول .
بينما أشار "رجب" ان لمصر وعلاقتها بفلسطين عبر التاريخ الدور الرائد , ومن الطبيعي ان بلدان الجوار هم اكثر الجهات المحققة للمنافع جراء الاتفاق والتعاون بينهم .
وبدوره ,أضاف "حامد جاد " ان العلاقة ما بين قطاع غزة ومصر ما هي الا علاقة تاريخية استراتيجية الجميع يعلمها ولا يستطيع احد انكارها , وان هناك آفاق للاتفاق بين فلسطين والعالم كله وليس مصر فقط .
وبخصوص الفائدة العائدة على السلطة الفلسطينية وجمهورية مصر العربية من هذا الاتفاق لفت "أبو رمضان" ان ذلك يساهم في تفكيك السلطة من برتوكول باريس الاقتصادي جزئيا وأيضا يعمق أواصر الترابط الاقتصادي بين فلسطين والعالم العربي من خلال البوابة المصرية لمصلحة الطرفيين ضمن عملية التبادل التجاري وتحويل قطاع غزة من سوق للبضائع المصرية بدلا من ان يكون سوق للبضائع الاسرائيلية كما هو الحال حالياَ.
فيما ,اعتبر "رجب" ان المنافع متبادلة بين البلدين وان معبر رفح في مجال الافراد يحقق دخلا نقديا لمصر من خلال رسوم العبور والمغادرة بعشرات الالاف من الجنيهات يوميا.
وأردف : هناك فرص للتعاون من الممكن لمصر ان تحقق ايرادات ضخمة من خلال الرسوم الجمركية التي تقوم بتحصيلها من البضائع التي تدخل قطاع غزة, مضيفا انه من الممكن اقامة منطقة صناعية بين البلدين يستفيد منها سكان مدينة رفح المصرية على وجه التحديد باعتبارها منطقة منعزلة عن الوسط المصري .
وقال : نتوقع اذا تم توفير المناخ الملائم وتقديم التسهيلات اللوجستية الضرورية فسيكون هناك خطوات نحو توسيع التعاون لان الغالبية العظمى من الفلسطينيين لديهم الرغبة لان يكون لهم انشطة واستثمارات عديدة.
وبينما ,أشار "حامد جاد" بقوله : "لو تم فتح معبر رفح وتشغيل الجانب التجاري من المعبر فذلك سيحقق حالة من الانفراج في الوضع في قطاع غزة "
وأضاف: على هذا الاتفاق مردودات ايجابية على الطرفين وخاصة على قطاع غزة , مؤكدا ان في حال فتح معبر رفح فهذا لا يعني الاستغناء عن سائر المعابر الأخرى ,لافتا انه لا يمكن الاستغناء عن الدور المصري لا سياسية ولا اقتصاديا باي حال من الاحوال.
يشار إلى أن "بروتوكول العلاقات الاقتصادية بين حكومة "إسرائيل" ومنظمة التحرير الفلسطينية" الذي وقع في 29 نيسان العام 1994 ويتضمن الآتي:
-سياسة الواردات:
"لدى إسرائيل والسلطة الفلسطينية سياسة شبه متطابقة في ما يتعلق بالواردات والجمارك. ومع ذلك فان السلطة الفلسطينية تستطيع استيراد منتجات بتعرفات جمركية مختلفة عن تلك المطبقة في إسرائيل عقب إجراءات متفق عليها بصورة مشتركة. وبالإضافة إلى ذلك تستطيع السلطة الفلسطينية استيراد منتجات من الدول العربية بكميات محدودة متفق عليها.وسيتم اتخاذ ترتيبات لتدير السلطتان بشكل مشترك الحدود في أريحا وغزة".
ـ الضرائب المباشرة:
"تطبق السلطة الفلسطينية سياستها الخاصة في فرض الضرائب المباشرة بما في ذلك ضريبة الدخل على الأشخاص والشركات وضرائب الملكية ورسوم البلديات، وفقا للسياسة التي تحددها السلطة الفلسطينية.
يقوم الطرفان بجمع الضرائب في الأنشطة الاقتصادية التي تجري في مناطقهما. وتنقل "إسرائيل" إلى السلطة الفلسطينية 75% من ضريبة الدخل التي تحصلها من الفلسطينيين الذين يعملون في "إسرائيل".
ـ الضرائب غير المباشرة:
"تطبق السلطة الفلسطينية نظاما لضريبة القيمة المضافة مماثلا لذلك المطبق في "إسرائيل".
تراوح معدلات ضريبة القيمة المضافة لدى السلطة الفلسطينية بين 15 و16%.
ـ الوقود:
"يتم تحديد أسعار الوقود في منطقة الحكم الذاتي على أساس سعر الشراء في منطقة الحكم الذاتي والضرائب المفروضة على الوقود في منطقة الحكم الذاتي.
وينص الاتفاق على ان سعر الوقود لا يمكن ان يكون اقل من 15% من السعر الرسمي في "إسرائيل".