بعد سبع سنوات من ترقب الغزّيين للمواجهة العسكرية مع الاحتلال "الإسرائيلي"، ها هي الحرب تدق طبولها ببدئها من حيث انتهت الحرب السابقة في العام 2014 بقصف وحشي على الأبراج السكنية؛ الأمر الذي أدى لوفاء المقاومة الفلسطينية بوعدها بالرد بقصف العمق الاحتلالي "تل أبيب" وما بعدها.
صواريخ المقاومة التي تجاوزت الـ300 صاروخ في الرشقة الواحدة، ضربت "قوة الردع الإسرائيلية في مقتل"؛ الأمر الذي جعلها تضرب بجنون مقار أمنية شرطية وبنى تحتية وبيوت مدنية، وسط تهديدات باجتياح بري للقطاع، الأمر الذي يطرح تساؤلات عن إمكانية ذهاب "إسرائيل" نحو حربٍ برية مع غزة؟ أم ستكتفى بالضربات الجوية والبحرية؟، وماذا عن الهبة الشعبية في الداخل المحتل عام 1948 والقدس هل ستُشكل عمل ضاغط على الاحتلال لوقف عدوانه؛ كي لا يستنزف قوته في عدة جبهات؟.
صدمة إسرائيلية
الكاتب والمحلل السياسي من الداخل المحتل عام 48م، وديع عواودة، رأى أنّ "إسرائيل" جريحة رغم العدوان والحرب على غزّة؛ لأنّها أُصيبت في هيبتها بوصول الصواريخ إلى مدى تل أبيب؛ لذلك فهي ستواصل بطشها لالتقاط صورة انتصار وإخضاع غزّة.
ولفت عواودة في حديثٍ خاص بوكالة "خبر"، إلى أنّ "إسرائيل" وجدت نفسها متفاجئة ومصدومة من كم الصواريخ بعيدة المدى والمتفجرة وبدقة من حيث التصويب على أهداف في العمق "الإسرائيلي"؛ الأمر الذي أدى لحالة من الغضب في أوساط رسمية وغير رسمية تتهم المستويين السياسي والعسكري بالفشل.
وبيّن أنّ الانتقادات للمستويين العسكري والسياسي في "إسرائيل" تركزت على عدم وجود استراتيجية في التعامل مع غزّة مُنذ سنوات واعتمادها استراتيجية فرق تسد بين غزّة والضفة التي أدت للانفجار بوجهها بتجاهلها الرئيس محمود عباس وتعاونها بشكل أو بآخر مع حماس فيما يتعلق بالأموال القطرية.
وأضاف: "تركزت الانتقادات والتساؤلات حول عدم إعداد ملاجئ كافية في العمق الإسرائيلي وعدم توجيه ضربة استباقية لحماس والجهاد طالما تمتلكان هذا الكم من الصواريخ وبهذه القوة، وكذلك وجهت أصابع الاتهام إلى رئيس الوزراء الإسرائيلي نتنياهو بجر إسرائيل للحرب لخلط الأوراق".
وأشار إلى أنّ الصدمة الثانية في الأوساط "الإسرائيلية" تتمثل في نجاح حماس بتوحيد الفلسطينيين رغم عملها على سياسة "فرق تسد"، بتوحد الفلسطينيين ليس فقط في القدس والضفة الغربية وإنما لفلسطينيي الداخل عام 48.
ضربات جوية وبحرية
وفي رده على سؤال إنّ كانت "إسرائيل" ستكفي بالضربات الجوية والبحرية لغزّة، أم أنّها قد تلجأ للاجتياح البري، قال عواودة: "إنّ إسرائيل غير معنية بالحرب البرية على غزّة لأنّها غير جاهزة للكلفة البشرية؛ ولأنّ الجيل الجديد في الجيش الإسرائيلي ارتاح في العقد الأخير على خلفية انهيار الأنظمة المعادية مثل العراق وسوريا والتطبيع العربي، ودعم الإدارة الأمريكية لها".
وأضاف: "هذا الأمر يُفسر عدم ذهاب إسرائيل للحرب البرية؛ ولكنّ هذا لا يُقلل من حجم الخطر من مواصلة القصف جواً وبحراً على قطاع غزّة".
حرب أهلية.. دولة نكتة
وبشأن ضغط الهبة الشعبية لفلسطيني الداخل 48 على إسرائيل؛ لوقف الحرب على غزة، قال عواودة: "إنّ فلسطيني الداخل عامل ضاغط؛ لوقف الحرب على غزّة؛ كي لا تُستنزف إسرائيل ليس بالمعنى العسكري؛ ولكن بتكريس جهود وطاقات كبيرة للشرطة ذات الإمكانات المحدودة".
واستدرك: "لكنّ إسرائيل تخشى على صورتها أمام العالم كدولة عظمي إقليمية وقوية، بأنّ تتحول المدن المختلطة والشوارع المركزية إلى ساحات حرب تشن حرب أهلية، ما سيحولها إلى "دولة نكتة" على حد وصفها".
ورأى أنّ "إسرائيل" تُدرك هذا الأمر، لذلك ستُحاول إطفاء النار بالحديد؛ والخشية من تصرف "إسرائيل" الليلة مع المتظاهرين بالرصاص لاستعادة هيبتها بعد وصفهم بالطابور الخامس.
كما اعتقد عواودة، أنّ هناك أوساط من المثقفين في الداخل يُعبروا عن مخاوفهم من الانزلاق لمواجهة عسكرية بدلاً من الهبة الشعبية العفوية التي كانت تصب الماء في طاحونة إسرائيل". على حد وصفه.
وأوضح في ختام حديثه، أنّه في حال كانت هناك الليلة مواجهة دموية بالرصاص في الداخل المحتل على غرار انتفاضة 2002، سينعكس ذلك سلبًا عليهم وسيؤدي لتراجعهم عن العمل السياسي في النضال مع شعبهم بالقدس والضفة وغزّة.