بقلم: سميح خلف

هذه المرة لا تقتلوا الانتفاضة الثالثة

سميح خلف
حجم الخط

غزة - وكالة خبر

مشاهد تنقلها الفضائيات لواقع متصاعد يحدث على الارض في اليوم الخامس للعدوان الاسرائيلي الهمجي على غزة  تذكرني  بالوهج الوطني التفاعلي  الذي امتد في كل المدن الفلسطينية  المحتلة سواء في داخل العمق الفلسطيني المحتلة او غزة او الضفة وما قامت به قوات الاحتلال ابان الانتفاضة الاولي من سياسة تكسير العظام بهدف القضاء علي الانتفاضة التي كانت من الممكن ان تحقق الشيئ الكثير في عام 87م و 88م ولكن قطعوا طريقها ذوي النفس القصير وهذا ابسط تعريف لهم وحالوا علي ان تقطف ثمار التضحيات التي قام بها ابناء الشعب الفلسطيني علي طريق التحرير وانسحاب اسرائيلي من غزة والضفة معا حيث كان في حينها الاستيطان  لا يتجاوز 100  الف مستوطن في ذاك الوقت قال اسحاق رابين اتمني ان يبتلع غزة البحر واعتمد سياسة تكسير العظام .

تخيل التيار التسووي في ذاك الوقت  انه يستطيع ان  يحقق انجاز لذاته  وما سماه برنامج وطني  عندما تجاوب مع مقترحات فليب حبيب الذي علي اثره انسحبوا من لبنان وخرجوا منها علي امل ان يحقق لهم دولة في الضفة وغزة حينها قال عرفات انني اري مآذن القدس في اخر النفق ولم يستطيع عرفات الدخول للمسجد الاقصى ولا للقدس في اتفاق تسوية سمي اوسلو واحد واثنين ولا يمتلك اكثر من 20 % من السيطرة على المدن في الضفة الغربية وبخطوط امنية متفق عليها ايضا ً .

قتلوا الانتفاضة الاولى من اجل احلامهم فقط التي لم يحققوها حتى بتنازلهم وهذا الواقع يكشف عن الخطأ والخطيئة الذي ارتكبها هذا النهج المستمر بقيادة الرئيس محمود عباس الذي اصبح في فترة حكمه وسلطته الاستيطان يتجاوز المليون وتوسع في سيطرة المستوطنين على الارض في المنطقة c والقدس وضواحيها وتدمير المنازل والسيطرة الكاملة على الغور، هكذا كانت النتيجة ودفع الثمن بعد ان قتلوا الانتفاضة الاولى التي كانت واعدة وارهقت الاسرائيليين وكان هناك تعاطف دولي كامل معها .

اليوم تستجيب غزة للنداءات والصيحات المنطلقة من المسجد الاقصى وهي تشبه المراة العربية التي نادت وقالت و معتصماه ! .. وتقصف غزة وتتحمل اعباء قرارها الوطني بكل قواها الوطنية والاسلامية هذا الخيار وهذا القرار لتقصف كل فلسطين المحتلة من شمالها وجنوبها الى شرقها وغربها بوابل من الصواريخ تجاوز لحتى الان 2000 صاروخ تم ضرب مناطق استراتيجية كمحطة غاز ومطار بنجوريون ورامون وطالت القدس التي يدعي الاسرائيليون انها عاصمتهم الموحدة وكانوا بصدد الاحتفال بهذا اليوم، فكانت صواريخ غزة مانعة لحُلم مايدعي به هؤلاء المستوطنين الذين اتوا من دول متفرقة من العالم .

الارض الفلسطينية الان بكاملها تشتغل بمقاومة شعبية في كل مدن فلسطين  ، المسؤولين الاسرائيليين يتحدثون على ان هناك مستقبل مظلم لاسرائيل وبعضهم يقول اننا فقدنا السيادة على دولة اسرائيل ولكن تخيلوا لو كان هناك مقاومة شعبية وانتفاضة في الضفة الغربية ما بعد 2004 ، اي بعد رحيل ياسر عرفات  .. هل كان سيكون هناك استيطان ؟! بل كان يمكن ان يكون هناك اشتعال للارض الفلسطينية في شمال فلسطين ايضا وفي غزة التي تمثل منطقة ارهاق وعصبية وتكاليف للاحتلال الاسرائيلي ، هل كان يمكن ان يكون واقع اسرائيل كما هو ما قبل هذه الانتفاضة الثالثة ؟ التي خلخت كل اجزاء الكيانية الاسرائيلية الاحتلالية باعتراف نتنياهو .

نتنياهو خاض المعركة  على غزة التي استجابت لنداء القدس والشيخ جراح ودفع بكل امكانياته التكنولوجية لضرب البنية التحتية لغزة وكان يتبجح بانه سياتي بالهدوء الى سكان ما يسمى دولة اسرائيل ، في حين كانت اصوات بعض مجنداته فيما يسمى الجيش الاسرائيلي تقول ان ادعاءاتكم كاذبة لما وعدتونا به بحياة سعيدة على هذه الارض ! ، مشهد يبين ان  تلك الدولة او ما يسمى الدولة هي كبيت العنكبوت او هيكل من البوص او قصيلات بعض الاخشاب الضعيفة المفككة ، وما كان لوجود هذا الكيان الا بالعمليات الاعلامية والنفسية والخدماتية لدعم هذا الكيان ليستمر في الوجود .

لا تقتلوا الانتفاضة الثالثة قبل ان تحقق اهدافها ، نتنياهو تراجع عن الهجوم البري وقال " ان الاولوية لبسط الامن في داخل ما يسمى دولة اسرائيل " بالتاكيد ان فعل التحرك الشعبي في مناطق شمال فلسطين المحتلة  وما ياتي من تحرك الان واسع في مدن الضفة الغربية وعلى اسلاك مستوطنة بيت ايل التي يوجد بها الادارة العسكرية والمدنية الاسرائيلية لحكم الضفة وفي طولكرم ونابلس والخليل وجنين تمثل مرحلة اختراق لما يسمى الاستقرار في ظل سلطة محمود عباس .

بالتاكيد ان سماح اجهزة الامن الفلسطينية لتحرك النشطاء نحو مناطق التماس ليس بدافع وطني بل بدافع التعامل مع الواقع  والالتحاق بالقطار ليتمكنوا من قطف او التقاط بعد الاوراق السياسية التي تضمن وجودهم و مسؤولياتهم في التحدث كممثلين للشعب الفلسطيني ، ولكن في النهاية وبالمنظور الوطني نحن بانجاز وطني كامل بتحرك الضفة الغربية يكتمل النصاب الوطني والعطاء الوطني الذي يهدد وجود  ما يسمى دولة اسرائيل ومستوطنيه في الضفة الغربية ، ولذلك السلطة الفلسطينية الان مطلوب منها ان توقف التنسيق الامني وتجمد كل الاتفاقيات مع الاحتلال وانا متاكد ان تلك الانتفاضة الثالثة المباركة اذا استمرت لمدة عام او عام ونصف مع تحرك اهلنا في الجليل في حيفا واللد والرملة وام الفهم وغيرها سيغير كثيرا في معادلة وجود هذا الكيان على الارض وما تمثله غزة الان وبالمعطيات السياسية التي فرضتها معطيات القوة للمقاومة الفلسطينية من تحقيق اهداف سياسية في تقليص وجود الاحتلال في المسجد الاقصى والشيخ جراح  فلابأس ان تكون غزة هي الدرع المهدد والمانع للسلوك الاسرائيلي في تهديد القدس وتهديد اهلنا في الضفة الغربية ومدن الجليل الذي يمكن ان يرتفع منسوب مطالباتها وتهديدها واوراقها الى التهديد بشل السلوك الاسرائيلي العدواني سواء في القدس او في الجليل في المرحلة القادمة ولتبقى غزة من خلال هدنة تحقق فيها الشروط السياسية المعلنة قبل بدا العدوان الاسرائيلي هي الافق المرحلي ولتبقى الانتفاضة الثالثة مشتعلة في الضفة الغربية سواء بموافقة السلطة او عدمها فالقطار لا يعود للخلف فلقد مضى عهد السلطة وتنسيقها الامني وليبقى الشعب الفلسطيني بقواه الشعبية هو المقرر حول تقرير المصير .