بعد غياب طويل للحراك السياسي العام عن بقايا الوطن، بدأت عودة متسارعة الى تفاعل إقليمي – دولي بحثا عن رسم ملامح لحل طال انتظاره، بعد أن بات مستحيلا استمرار هدوء أو استقرار في المنطقة دون "حل ما" للصراع الفلسطيني – الإسرائيلي.
وأدركت الإدارة الأمريكية أخيرا، أن طريقها في المساندة العمياء لدولة الكيان العنصري، لن يقودها سوى الى تعزير عناصر التفجير العام، ولن تصل أبدا الى تحقيق مشروع الصهيونية البديل، خاصة بعد الـ 11 يوما التي هزت تلك "النظرية"، التي اعتقدتها الإدارات المتعاقبة منذ 2002 وحتى تاريخه، رغم تمكنهم من اغتيال مؤسس الكيانية الفلسطينية المعاصرة وقائد الثورة ورئيس دولة فلسطين الخالد ياسر عرفات، وفرض انقسامية وطنية هي الأخطر على القضية الفلسطينية منذ ما بعد عام 1967.
الحراك "غير المنظم" بدأت تتسع دائرته، وتتضح بعض خطواته من خلال "الرباعية الدولية" ومصر والأردن تنسيقا مع فرنسا وألمانيا، على قاعدة دولة فلسطينية بجوار دولة الكيان.
ولأن الحراك السياسي العام إقليميا ودوليا لا بد له أن يتعاون مع "أداة تمثيلية فلسطينية" موحدة، وليس الواقع القائم بين سلطتين متنافرتين، بل متصادمتين، ودون الغرق في تفاصيل من أحق مِن مَن، خاصة وأن التطورات منحت حماس والجهاد بصفتهما خارج منظمة التحرير "شرعية سياسية" لا يمكن لأي كان تجاهلها، بل لا يمكن أبدا الحديث عن "حل ممكن" للقضية الفلسطينية دونهما، وخاصة بعد تقدمت حماس برؤية جديدة على لسان قائدها في قطاع غزة يحيى السنوار، حيث أقر لأول مرة بدولة فلسطينية في سياق قرارات الأمم المتحدة والشرعية الدولية، يساعد على وحدة رؤية مشتركة.
وكي نستبق مفروضا ما، يمكن أن التوافق على عناصر سياسية تمثل "الحل الممكن" فصائليا فلسطينيا، قبل الذهاب نحو "الحل الممكن" للصراع، وتمثل أيضا بديلا متفق عليه عن العملية الانتخابية.
عناصر الخطة
سياسيا
** دولة فلسطينية وفق قرار الأمم المتحدة 19/ 67 لعام 2012، والتي عززها بوضوح سياسي أكبر قرار المحكمة الجنائية الدولية يوم 5 فبراير 2021، حيث رسم حدود الدولة وسيادتها، في الضفة والقدس الشرقية وقطاع غزة.
** فك الارتباط بدولة الكيان كخيار وطني فلسطيني، وتعليق الاعتراف بها الى حين الاعتراف بدولة فلسطين.
** الموافقة على مبادرة الرئيس محمود عباس لعقد مؤتمر دولي لحل الصراع، ضمن رعاية دولية وعربية، لإنهاء الانفرادية الأمريكية التي فرضت هيمنتها منذ عام 1990 دون أن تتقدم بحل جاد، بل انها رفضت عمليا الاتفاق الوحيد بين الفلسطينيين والإسرائيليين (اتفاق أوسلو 1993).
** بحث قواعد الانتقال من السلطة الى الدولة خلال "مرحلة انتقالية" وظروف متفق عليها، بحيث لا تؤدي الى انهيار المؤسسة او الدخول في صراع دون حساب خاص، وهناك تفاصيل كثيرة يمكن القيام بها لا تؤدي الى كسر المشهد العام، كما تحاول بعض الأطراف الحديث عنها لعرقة حركة "الانعتاق "الذاتي" من مرحلة "الحكم الذاتي".
** وقف الحديث عن الغاء اتفاق أوسلو، بما له وعليه، والتفكير بما بعده وما سيكون، خاصة وأن كل المؤسسات القائمة هي منتج أوسلوي كامل، والتجاوز العملي الأكبر يبدأ مع كيفية ترسيخ قواعد الدولة وأسسها.
وهنا ليس مطلوبا صياغة تفصيلية لبرنامج سياسي ما قبل الاتفاق على المجلس الوطني ودخول حركتي حماس والجهاد رسميا الى بناء منظمة التحرير، ولكن ليس مطلوبا أيضا عدم التوافق – التنسيق بالرؤية السياسية الانتقالية.
أدوات تنفيذية
- إطار قيادي فلسطيني يكون "مرجعية سياسية" مؤقتة الى حين عقد مجلس وطني جديد، أو مركزي جديد
- حكومة شراكة وطنية تنهي فعليا الانقسام المؤسساتي، وإعادة بنائها ضمن توافق الممكن.
هناك قدرة عالية على صياغة أسس الرؤية، حتى مع وجود بعض تحفظات، ولكن المشاركة في بنائها يمثل خطوة هامة لمنع أي "فوضى سياسية" في لحظة حرجة، ومنع استغلال الحالة الانقسامية من فرض "حل دولي" أو الهروب من "حل دولي"!
ملاحظة: تصريحات الإعلامي المقرب من حزب الله (الأمين) عن غرفة عمليات مشتركة بين الفصائل الفلسطينية وإيران وتحالفها الشيعي، تمثل إهانة كبرى لشعب فلسطين وضرر سياسي أكبر لمستقبل فلسطين.
تنويه خاص: من أسرع مرتدات وقف إطلاق النار محليا، سرعة فكفكة "الفعل المشترك"، وكأن فصائل "الغرفة المشتركة" كانت مخنوقة جدا من أمر ليس منها...الفردوانية المتحزبة أسرع طرق خراب الوطني...!