الاعتراف الأمريكي بـ "مذابح الأرمن"...ماذا عن "مذابح الفلسطينيين"؟!

حجم الخط

كتب حسن عصفور 

في 24 أبريل 2021، اعترف الرئيس الأميركي جو بايدن بـ "الإبادة الأرمنية"، ليكون أول رئيس للولايات المتحدة يصف مقتل 1,5 مليون أرمني على يد السلطنة العثمانية عام 1915 بأنه إبادة، وكتب في بيان "الأميركيون يكرمون جميع الأرمن الذين لقوا حتفهم في الإبادة (التي وقعت) قبل 106 أعوام من اليوم".

أن يقر رئيس أمريكا بتلك المجازر بعد مضي كل السنوات، يجب أن يكون حافزا للقيادة الرسمية الفلسطينية، أن تستخدم ذلك الاعتراف كقوة دفع جديد، في تعزيز الرواية الفلسطينية عن المجازر المتلاحقة التي ارتكبتها الحركة الصهيونية ودولة الكيان العنصري بدأت منذ عام 1937، وآخرها كان في مايو 2021 خلال الحرب الأخيرة على قطاع غزة، حيث أزالت من الوجود 16 عائلة بكاملها، مع 67 طفل.

سجل جرائم الحركة الصهيونية ودولة الكيان، تمثل امتدادا لتلك الإبادة التي تعرض لها الأرمن، ما يتطلب القيام رسميا بربط هذه بتلك، دون الارتعاش بالعلاقة مع تركيا، كونها تشكل سابقة سياسية – قانونية يجب استخدامها في مقابل الموقف الأمريكي.

وإن كان الاعتراف الأمريكي بـ "الإبادة الأرمنية" تكريما لضحايا قبل 105 عاما، فالأكثر قيمة إنسانية أن يتم الدفع نحو الاعتراف بجرائم حرب لا زالت جارية، خاصة في ظل التحول الكبير الذي يشهده الإعلام الأمريكي، ومنه المنحاز تاريخيا الى دولة الكيان، ولم يعد نشر جرائم إسرائيل في تلك الوسائل جريمة، بعد أن قامت أحد أهم صحف أمريكا "نيويورك تايمز" بنشر صورة 67 طفل تم إعدامهم بطائرات حربية إسرائيلية.

ولا يقتصر الأمر على جرائم الحرب بذاتها، ولكن ما بدأ الحديث عنه مؤخرا عن ممارسات فصل عنصري (أبارتهايد)، اتهامات كان البعض النادر الأمريكي ممن يشيرون اليها يعاملون كـ "خونة" للقيم الأمريكية والعلاقة مع دولة الكيان، التي تمثل رأس حربة لخدمة المصالح الاستراتيجية العليا للولايات المتحدة في المنطقة، الى أن كانت المفاجأة الكبرى عندما نشرت منظمة "هيومن رايتس ووتس" شبه الرسمية تقريرها الأهم حول جرائم الحرب وسياسة الفصل العنصري التي تمارسها إسرائيل ضد الشعب الفلسطيني.

تقرير يمثل أحد أهم الشهادات السياسية – القانونية التي صدرت عن منظمة أمريكية هي جزء من المؤسسة الرسمية، بل أن صناعتها كان بقرار من المخابرات المركزية الأمريكية في 1975 ضمن الحرب الباردة لاستخدام "حقوق الإنسان" سلاحا جديدا في الحرب العالمية بلا سلاح.

وربما يجب التذكير، أن دولة الكيان ترفض الاعتراف بـ "الإبادة الأرمنية"، لأن ذلك قد يمثل سابقة تاريخية تستخدم كمقارنة مع مجازرها المتلاحقة ضد الشعب الفلسطيني.

بالتأكيد، فتح قرار المحكمة الجنائية الدولية بأن اختصاصها القضائي يشمل الجرائم التي حصلت في الأراضي الفلسطينية، في فبراير 2021 مجالا تاريخيا جديدا للملاحقة القانونية، خاصة بتحديد المدعية العامة للمحكمة فاتو بنسودا، إن هناك "أساسا معقولا للاعتقاد بأن جرائم حرب ارتكبت أو ترتكب في الضفة الغربية، بما في ذلك القدس الشرقية، وقطاع غزة".

أمريكا ترفض رسميا الاعتراف بالمجازر (الإبادة) التي نفذتها الحركة الصهيونية وحكومات إسرائيل المتعاقبة ضد الشعب الفلسطيني، رغم أن المنظومة الدولية تقر غير ذلك، ولذا اصبح من الضروري أن تقوم الرسمية الفلسطينية بعملية تحديث لأدواتها في التعامل مع الموقف الأمريكي، دون أن تضع اعتبارات دولة أخرى على حساب اعتبارات الشعب الفلسطيني، حتى وإن هربت من الاعتراف الرسمي بتلك "الإبادة الجماعية"، لكن الوقائع القانونية – السياسية يجب أن تصبح أدوات عمل من أجل مطاردة مجرمي الحرب والعنصريين بكل الوسائل الممكنة والمشروعة، خاصة وأن مجازر حرب غزة الأخيرة لا زالت حاضرة جدا إعلاميا، وربما لم تنل مجزرة سابقة حضورا إعلاميا أمريكيا بل ويهوديا، كما كانت "مجازر حرب غزة" في مايو 2021.

أمام حقوق فلسطين لا مكان لـ "مجاملات سياسية" و"اعتبارات خاصة"...فلسطين ليست أولا فحسب بل أولا وأولا في مطاردة مجرمي الحرب والعنصريين...ومن يرى غير ذلك ليرحل أي كان مسماه!

ملاحظة: لا يليق بفلسطين أن يلتقي وزراء حكومة السلطة بممثلي عن منظومة الحكم الحمساوي في قطاع غزة لأول مرة في القاهرة...ليت د. اشتية يذهب وحكومته الى قطاع غزة ومنها الى مصر عبر بوابة رفح...الكرامة تراكم لخطوات صغيرة يا دوك!

تنويه خاص: "تيتي تيتي لا تروح ولا تيجي... راحت عليك يا بيبي"!