فراس.. أهلكته "سيجارة" وأذابت حياته "السرقة"

635832773462673515
حجم الخط

بدأت قصة فراس _اسمٌ مستعار_ صاحب الـ 24 ربيعاً عندما كان طفلاً بعمر 14 عاماً فطلب منه والده إرسال جهاز التلفاز لتصليحه بمحل الصيانة, كانت تصطف سيارة مقابل ذلك المحل ويوجد بها كيسان بداخلهما أكثر من 30 "كروز" دخان, تسلل نحو السيارة بخفةٍ متناهية وانقض عليهما وسرقهما بمساعدة صديقٍ كان يرافقه آنذاك.



فكّر فراس وصديقه مراراً وتكراراً في كيفية التعامل مع الكيسين فتوجها لمقبرةٍ مجاورة لمكان سكنهما وفتحا أحدهما وأخرجا علبة سجائر وجرَّبا للمرة الأولى في حياتهما تدخين بعض السجائر, وتكرر بعدها حضورهما للمقبرة لتذوق السم الزعاف الذي سيوصلهما فيما بعد لأقبية السجون.



أدمن فراس على تدخين السجائر حيث كان يستغل مصروفه المدرسي اليومي لشرائها, كما استغل طلبه للنقود من والده بحجة تغطية نفقات ومتطلبات الدراسة, حيث كان يتهرب من المدرسة ويذهب للتدخين برفقة أصدقاء السوء, وتكرر تهربه وغيابه مما اضطر إدارة المدرسة إلى فصله.



يتحدث فراس والحسرة تُبحر في مُقلتيه: "بعدما فُصلتُ من المدرسة اصطحبني والدي للعمل معه في شركة يعمل بها لبيع المواد الصحية".



وتابع مُطرقاً رأسه: "زاد إدماني على السجائر وأضحى التدخين أقصى أمنياتي، ففكرت هذه المرة في سرقة نقود ابن أخي اليتيم, وفعلاً سرقتُ منه مائتي شيكل كانت بحوزته, وحينما اكتُشف الأمر اتهمني والدي بالسرقة، فأنكرت وأقسمت على كتاب الله وعلى إثر ذلك تعرّضتُ لحادثة أثناء عملي في شركة الأدوات الصحية مما أدى لحدوث شللٍ في يدي اليُمنى".



كَبر "فراس" واشتد عوده، ونما أيضاً سلوكه السيء إلى أن تزوج من إحدى الفتيات وأنجب منها طفلة، وظل عاطلاً عن العمل بعد الشلل الذي أصاب يده اليمنى نتيجة الحادث، إلا أنه لم يرتدع وواصل الزحف في طريق المجهول, وأقدم هذه المرة على سرقة هاتفين محمولين بدافع الحاجة للنقود _حسب ادعائه_ ليشتري السجائر المُهلكة مادياً وجسدياً ومعنوياً.



بدأت التحريات من قِبل رجال الشرطة وجُمعت الأدلة والبراهين إلى أن وصلوا إلى معلومة تُشير إلى أن فراس هو المشتبه الأول في قضية سرقة الهاتفين, فتم استدعاؤه وأثناء الاستجواب أقرّ فراس بفعلته ليلقى جزاءه خلف قضبان السجن في مركز إصلاح شمال القطاع.



شعر فراس بالندم والحسرة لأنه لم يستطع رؤية أمه التي أزعجتها أفعاله وحالت قضبان السجن بينه وبينها, كما لم يتمكن من مشاهدة طفلته المولودة حديثاً وهو داخل أسوار الحبس لأن زوجته تركته بعد ذلك مباشرةً.



يقول فراس ودموعه على وجنتيه: "من أول يوم دخلتُ فيه السجن شعرتُ بالندم الشديد وأعلنتُ توبتي لله وأقلعتُ عن تدخين السجائر بمساعدة حملة تعزيز الإقلاع عن التدخين والتي أطلقها مركز الإصلاح والتأهيل".



وفي ختام حديثه وجَّه فراس جملةً من النصائح كان منها أهمية أن يتابع الآباء أبناءهم عن كثب وإبعادهم عن أصدقاء السوء الذين لهم الدور الأبرز في الوقوع بالمهالك, داعياً كافة المُدخنين إلى ضرورة الإقلاع عن هذه الآفة الخطيرة والمدمرة التي لا تقف خطورتها عند تناولها فقط بل تتعدى ذلك إلى الوقوع في المعاصي والآثام.