يبدو أن ثمة أموراً آخذة بالتغيّر في مناطق «يهودا» و»السامرة» في الشهرين الأخيرين، وتزداد الإشارات إلى تصاعُد احتمال اندلاع انتفاضة ثالثة فيها. وإذا ما سألتم قائد لواء «السامرة» في الجيش الإسرائيلي، العقيد روعي تسفايغ، فسيقول لكم، إنه موجود منذ الآن في خضم انتفاضة. فلواء «السامرة» معتاد منذ عدة أعوام على مواجهة «أعمال شغب» مرة أو مرتين في الأسبوع، لكنه في الآونة الأخيرة يواجه أربع «بؤر شغب» يومياً، معظمها يتعلق بالاحتجاج على البؤرة الاستيطانية غير القانونية «أفيتار» بالإضافة إلى القيام بحملات مداهمة ليلية بصورة يومية.
ومنذ أيار الماضي، يساهم آلاف الفلسطينيين في «أعمال الشغب» في «المناطق»، وهي أعداد لم تشهدها هذه المناطق منذ عدة أعوام. وإذا ما أضفنا إلى ذلك أن 35 فلسطينياً قُتلوا برصاص الجيش الإسرائيلي خلال الشهرين الأخيرين (جزء منهم «إرهابيون»)، وأن جزءاً من «أعمال الشغب» هذه موجّه ضد السلطة الفلسطينية، التي يبدو أنها على وشك فقدان السيطرة ميدانياً في الفترة الأخيرة، نحصل على الشرارات المتطايرة في الجو، والتي تنذر بما هو أشد وأدهى.
حتى يوم الخميس، يمكن القول، إن الحكومة الإسرائيلية نجحت في إرجاء انفجار اللغم الرئيسي المتعلق ببؤرة «أفيتار»، لكن بصورة مؤقتة فقط.
كذلك يمكن القول، إن مناطق «يهودا» و»السامرة» كانت هادئة بصورة مفاجئة في الأعوام الأخيرة حتى في مواجهة تحديات، مثل نقل السفارة الأميركية من تل أبيب إلى القدس، و»صفقة القرن» التي أعلنها الرئيس الأميركي السابق، دونالد ترامب، وكذلك تهديدات إسرائيل بالضم. ولعل ما ساهم في ذلك حقيقة أن 120.000 فلسطيني كانوا يعملون في إسرائيل، وسمحت هذه الأخيرة لهم بالاستمرار في العمل فيها حتى خلال الفترات المتوترة، وذلك من منطلق الفهم أن مثل هذه الخطوة يعزز الاستقرار في «المناطق».
على الرغم من ذلك، إلّا أنه لا بد من التذكير بأن السلطة الفلسطينية قامت في الوقت عينه بقيادة مئات الأشخاص للمشاركة في تظاهرات أقيمت كل ليلة أمام بؤرة «أفيتار» الاستيطانية. لكن هذه السلطة بدأت مؤخراً تفقد السيطرة على شوارعها، إذ تسبب مقتل الناشط المعارض، نزار بنات، بإخراج آلاف الفلسطينيين إلى الشوارع في حملة احتجاج لم نر مثيلاً لها منذ أعوام. ولا شك في أن تجربتنا مع «يهودا» و»السامرة» تعلمنا أنه لا يوجد فراغ في هذه «المناطق»: فعندما تضعف السلطة الفلسطينية تتعزز قوة حركة حماس، وعندما يكون هناك غضب في الشوارع يتم توجيهه في نهاية المطاف نحو إسرائيل.
عن «معاريف»
ــــــــــــــــــ
*محلل عسكري.