لم تكن السلطة الفلسطينية كما اصرت اسرائيل على تسميتها في اعلان المبادي واتفاقيات ومفاوضات اوسلو الاخرى والتي هي في الحقيقة سلطة حكم ذاتي تنظم حركة المجتمع الفلسطيني تحت الاحتلال ووكيل للاحتلال في ادارة تلك المناطق وما تبقى من ارض فلسطين التاريخية. وفي الحقيقة ان تلك السلطة ليست ناتجة عن حل سياسي او برنامج وطني ، بل اتت برؤية امنية ادير امرها من ثلة في فتح ومنظمة التحرير ولم تكن خيار وطني تم اقراره من مؤسسات منظمة التحرير او من داخل اطر حركة فتح المعروفة، فهي اتت في حالة استغلال واستنزاف وسرقة مجهود الانتفاضة الاولى التي كانت بين قوسين او ادنى ان تحقق نصرا على الاحتلال ميدانيا وتعاطفا دوليا وعربيا وشكلت حالة شعبية لثورة شعبية لها امتداد شعبي عربي وعالمي . كادت تلك الانتفاضة ان تضع حقوق الشعب الفلسطيني في نصابها الحقيقي والقانوني والوطني والتي ستجبر الاحتلال على الرحيل من الضفة وغزة وربما لمراحل اكثر تقدما في تشابك مع فلسطيني 48م .
الانتفاضة الاولى التي كان شعارها ( لاصوت يعلو فوق الانتفاضة ) جعلت من فئة في منظمة التحرير و فتح تشعر بالذعر وهي التي تمتلك الامكانيات والقرار وخرجت من بيروت على امل الاعتراف بها كممثل شرعي ووحيد حسب وعود (فليب حبيب ) ، اعتبرت تلك الثلة التي لها ارتباطات دولية واقليمية ان شعار الانتفاضة يهدد وجودها وبرنامجها وبالتالي دفعت بكل قواها لغزو الانتفاضة وخلق مجموعات موالية لهذا وذاك لتفتيت وحدة الاداء على الارض واضعافها .. تلك الثلة التي لم تدعم توجهات الانتفاضة المال بل دفعت بالمال لشراء الذمم وخلق بؤر في داخلها ....
كانت الوفود تتدافع للاجتماع مع الاسرائيليين والامريكيين الى المغرب واوروبا وما قيل من حصار لمنظمة التحرير وخلق بدائل جعل تلك القيادة اكثر اندفاعا نحو الاسرائيليين ، وبالتالي استقبل الاسرائيليين هذا الاندفاع لاستيعاب هؤلاء المرضى الذين يقودون منظمة التحرير ولديهم عشق القيادة والتسلط والتي تسعى للحفاظ على وجودهم ومصالحهم والاعتراف بهم وليس الاعتراف بحق تقرير المصير للشعب الفلسطيني ، التي كانت للانتفاضة ان تطالب المجتمع الدولي به . وبالتالي قبول اسرائيل لهذه القيادة التي تقود منظمة التحرير كانت اسرائيل بحاجه له لوئد الانتفاضة وخلق بديل سياسي جاهز للتنازل من اجل بقاؤه..في هذا الوقت كانت اسرائيل مكبلة بالقانون الدولي تجاه الضفة بالتحديد فالاستيطان لا يزيد عن عشرات الالاف والمستوطنات بعدد يقل عن اصابع اليد الواحدة. وبالتالي كانت مخرجات هذه الاهداف للقيادة هو اتفاق اوسلو الوظيفي والذي عبر عنه بلير ودايتون بالحل الامني الاقتصادي وكرره زعماء اسرائيل وامريكا وبايدن لوقتنا هذا .. وكما قال بيرز ان الفلسطينيين سيعجزوا من خلق اليات وموقف تخرجهم من هذا الاتفاق اقتصاديا ومنيا وثقافيا بل هذا الاتفاق منح اسرائيل التصرف في اراض تمثل 60% من مساحة الضفة بقانونية اتفاق اوسلو ووجود سلطة ترى من الحفاظ على بنوده هو استمرار لوجودها ومصالحها اما البعد الاخر فقد وضع الاتفاق من كانوا يسموا نفسهم ثوار ومناضلين تحت السيطرة وجمعهم تحت اعين رجال الامن للسلطة والاجهزة الامنية الاسرائيلية ... وبعترة المعارضين خارج اراضي السلطة وحصارهم والتنكيل بهم معيشيا وربما اكثر من ذلك .
بالطبع ان تلك القيادة التي وافقت ووقعت اوسلو خرجت عن مفهوم الحل المرحلي وشروطه وقانونية من اقروه برغم اعتراض كثير من كوادر فتح والفصائل على هذا الذي يسمى الحل المرحلي ، هيلاري كلنتون التي قالت لا نريد ديموقراطية لدى السلطة بل نريد مؤسسة امنية قوية تفرض سيطرتها وتحمي اتفاق اوسلو ، ولذلك الموقف الامريكي ما زال يرى من عباس القائد الذي يحمي الواقع كما هو في ظل الاهداف التي وضعتها الاتفاقية وما قيل ان اوسلو انتهت هذه خدعة يتم تناولها فالاتفاق لم ينص على اقامة دولة ولو لم يكن هناك بعد امني للمؤسسة الامنية المصرية التي اصرت ان يكون الاتفاق بدلا من غزة اولا الى غزة اريحة اولا لتخلصت اسرائيل من غزة وبقيت الضفة تحت السيطرة الكاملة وبخلق روابط مدن منظمة ...
اذا السلطة الوظيفة الاساسية امنية ووظيفية وتحويل المجتمع الفلسطيني لطبقة من الموظفين والمرتبطة مصالحهم بتلك السلطة معيشيا , وهذا اصبح ملموسا ومعمول به وواضحا في اداء السلطة واجهزتها والتي ترى من استقطاب العشائر لها وسيلة من وسائل بقاء السلطة بموافقة اسرائيلية وهذا يبن مجموعات المليشيا المسلحة التي تتجول في الضفة استعراضا وهي بالقرب من الحواجز الاسرائيلية .
الحالة الوظيفية للسلطة لا يمكن باي حال من الاحوال وصفها وطنية وهذا يؤكد رؤية الجانب الاسرائيلي المفاوض حين امتنع عن تعريف السلطة بالسلطة الوطنية في كتابة وصياغة الاتفاق .. اما ماتكتبه السلطة وتعرف نفسها بدولة فلسطين تارة وتارة اخرى بالسلطة الوطنية فهو سلوك لا يخلو من الخداع والكذب ، تلك السلطة التي دمرت حركة فتح والحركة الوطنية وجعلت تنظيمه مرتبط بحالة وظيفية من المخبرين للاجهزة الامنية تلك الاجهزة التي تحدد من يقود تلك الاطر بعكس رؤية النظام الحركي بان التنظيم هو الرافد للمؤسسات الحركية والامنية الاخرى وهو الاساس في تشكيل تلك الاجهزة . ولذلك نرى ان تلك الاجهزة وخاصة بعد اوسلو التحق بها اعضاؤها كحالة وظيفية وليست فتحاوية باسس تنظيمية ، ولذلك من يتحرك الان الاجهزة على اساس انها فتحاوية وهو غير صحيح ، وعندما كنا نقول ان الاجهزة فتحاوية في السابق كانوا يقولون لنا هذه الاجهزة وطنية ودورها الوظيفي وطني وليس فتحاوي فقط .؟!اي تقلب الحالة الوظيفية حسب المرحلة فبعد اغتيال الناشط السياسي والاجتماعي نزار بنات تحركت الاجهزة للبطش والتعذيب والاعتقالات واحتلال الشارع الفلسطيني والميادين بحة النعرة الفتحاوية والمؤامرة على راس الهرم الفتحاوي .. شيء مضحك ومبكي في ان واحد ... عندما يتم توريط اسم حركة في عمل همجي عنفي يتجاوز حتى نصوص العقيدة الامنية لديتون التي اسست بناء عليها وتستلهم العواطف الشعبية المحبة لشهداء فتح الاسبقين لكي يكونوا حاضنة لها في اجراءاتها الامنية العنفية تجاه الشارع الفلسطيني .
اذا حادثة اغتيال بنات اظهرت لمن على عيونهم غشاوة الدور الوظيفي للاجهزة الامنية والسلطة بحد ذاتها ... فهل مستوعب من بقايا المسحجين .