دونم هنا ودونم هناك ولكن بالعكس – دور ميرتس في حكومة التغيير

حجم الخط

هآرتس – بقلم ديمتري شومسكي-

“رئيس الحكومة مدين لميرتس، وهو ينوي سداد هذا الدين”، كتب يوسي فيرتس في “هآرتس” في 9/7، بعد أن صوت اعضاء كنيست من ميرتس مع تمديد التعديل العنصري لقانون المواطنة الذي استهدف منع سكان المناطق الذين تزوجوا من مواطنين اسرائيليين من الحصول على بطاقة الهوية الزرقاء. ميرتس تسامى في هذه القضية على الصورة التطهرية التي التصقت به عندما قرر أن يعمل خلافا لضميره، ولكن طبقا لأمر الطواريء الذي اجبره على الوقوف خلف حكومة التغيير وضد كتائب البيبيين. من المفرح سماع أن رئيس الحكومة، نفتالي بينيت، يقدر مسؤوليته السياسية ويعرف أنه يجب عليه ايضا تقديم بعض التنازلات في مجالات فكرية عزيزة عليه من اجل استمرار الشراكة في الحكومة مع خصومه الايديولوجيين.

ازاء ذلك، يجب على ميرتس استغلال الفرصة التي سنحت له من اجل التأثير بصورة فاعلة على سياسة الحكومة، التي يترأسها شخص يميني من اتباع ارض اسرائيل الكاملة، لكنه مستعد لتقديم تنازلات مع شريكه  من اليسار. يجب على ميرتس أن يضع أمام بينيت الطلب المحدد والواقعي في المجال السياسي – الجغرافي كشرط لاستمرار استعداده لمواصلة ابتلاع المزيد من الضفادع، مثل الضفدع الذي بلعه عندما أيد تعديل قانون المواطنة، وهو أن لا يكون هناك أي بناء خارج الكتل الاستيطانية.

منذ بداية ولايته الثانية في 2009 فعل نتنياهو كل ما في استطاعته لتطوير المستوطنات التي تقع شرق جدار الفصل. وحسب اقوال نائب رئيس الحكومة السابق والوزير السابق، حاييم رامون، فان نتنياهو فعل ذلك على حساب البناء في الكتل الاستيطانية التي في فترة ولايته كانت توجد في حالة تجميد شبه كاملة، الامر الذي مكنه من ذر الرماد في عيون العالم وكأنه خضع لطلب الامريكيين والاوروبيين تجميد البناء في المستوطنات. نتيجة لذلك، عدد المستوطنين خارج الكتل الاستيطانية تضاعف، من 65 ألف شخص في 2009 الى نحو 130 ألف شخص في 2018. هكذا ايضا حدود مشروع الاستيطان تم توسيعها في المنطقة التي تقع شرق جدار الفصل بصورة كبيرة وبارزة. 

الى جانب التزامه المبدئي بأيديولوجيا ارض اسرائيل الكاملة فان سياسة نتنياهو الثابتة لتوسيع مشروع الاستيطان الى ما وراء الكتل نبعت من سبب فعلي وملموس: خلافا لمن قاموا بتأبين حل الدولتين، اليسار واليمين، فان نتنياهو فهم أن خطة تقسيم البلاد بناء على جدار الفصل ومن خلال تبادل الاراضي مع الفلسطينيين، ما زالت قابلة للتطبيق. ومن اجل افشال أي احتمالية لتطبيقها، حتى في المستقبل، يجب التركيز على البناء خلف الجدار. ولكن اذا نجحت احزاب اليسار في حكومة التغيير، ميرتس والعمل، في ثني الحكومة عن الاستمرار في التوسع خارج الكتل الاستيطانية، فانه يمكن بهذه الطريقة الحفاظ على مدخل لتطبيق حل الدولتين في المستقبل اذا نضجت الظروف مرة اخرى لاستئناف العملية السلمية. 

ويطرح سؤال لماذا بينيت، الملتزم بايديولوجيا ارض اسرائيل الكاملة ليس اقل من نتنياهو، سيوافق على التنازل لليساريين في حكومته حول موضوع مهم جدا وحاسم جدا لتخليد التفوق اليهودي بين البحر والنهر، مثل استمرار البناء والتملك شرق جدار الفصل؟ الجواب هو أنه الى جانب حقيقة أنه ظاهريا التزم امام ميرتس بسداد دينه له عن دعمه لتعديل قانون المواطنة، حتى لو تراجع بينيت عن سياسة توسيع مشروع الاستيطان خارج الكتل الاستيطانية، فلن يكون من شأن هذا الامر أن يحدث ضرر فوري وفعلي لحلمه بارض اسرائيل الكاملة وذلك لسببين. الاول، وقف البناء شرق الجدار ليس فيه ما من شأنه أن يقرر بصورة فعلية “خطر” تقسيم البلاد بسبب استمرار الجمود السياسي الذي لا يبدو ذوبانه يلوح في الافق. الثاني، حتى اذا واصل بينيت تمسكه بالتملك والاستيطان خارج الكتل الاستيطانية التي توجد داخل التجمعات السكانية الفلسطينية فان هذا الامر لن يسرع تطبيق حلمه بالضم، لأن الادارة الامريكية الحالية لا يتوقع أن تسمح بذلك. هكذا، عندما يكون موضوع امامه على كفة الميزان مسألة ايديولوجية يكون التنازل فيها لا يضر من جهة، واستمرار التعاون الموضوعي والفعال مع شريكه اليساري في الحكومة على الكفة الاخرى، فربما سيكون مستعد لابتلاع الضفدع بنفسه ويوافق على تجميد البناء خلف الجدار.

ورغم أن نظام الاحتلال واستعباد الشعب الفلسطيني دخل هذا الصيف الى السنة الـ 55، إلا أنه توجد هناك أي علامة على نهايته في المستقبل المنظور. لذلك، يجب على بقايا اليسار التحلي بطول النفس وتبني نفس الطريقة القديمة والمضمونة التي اتبعتها في البداية حركة العمل وبعدها حركة غوش ايمونيم، دونم هنا ودونم هناك ولكن بصورة معاكسة: كل دونم يمكن أن تؤخر فيه استمرار توسع مشروع الاستيطان وتعميق الابرتهايد يعتبر انتصار صغير، لكن لا بأس به في الطريق الطويلة للدفع قدما بالمساواة المأمولة بين الشعبين في هذه البلاد. هذا هو اذا الدور السياسي لميرتس في حكومة بينيت – لبيد، الذي يستطيع ويجب عليه أن يلعبه.