يخيل أنه حتى في القيادة السياسية – الأمنية عندما تفاجؤوا من الخطأ الاستراتيجي للهجوم على السفينة، ومن الفرصة التي يوفرها لإسرائيل على المستوى الدولي لجباية أثمان دبلوماسبة وعسكرية من إيران، دون أن تكون إسرائيل هي التي دفعت هذه المرة الثمن.
هذه المرة الأولى أدت عملية ارهابية إيرانية من هذا النوع إلى قتلى، بل من بريطانيا. ليست واضحة المنفعة التي حصل عليها الإيرانيون من هذه العملية حين تكون الصلة الإسرائيلية هنا واهية؛ سفينة بملكية رجال اعمال يابانيين وشركة بريطانية تشغل السفينة التي توجد بملكية رجل الاعمال الإسرائيلي ايال عوفر (الذي حدد الإيرانيون أعماله التجارية ونشاط شركته في البحر كهدف إسرائيلي مشروع).
في القيادة السياسية – الأمنية يعملون كما أسلفنا على استغلال هذا الحدث كرافعة دبلوماسية لتشديد الضغط على إيران، ولا يستبعدون محاولة إنتاج تحالفات عسكرية لحماية مصالح غربية في قلب البحر ايضا.
في إسرائيل ليسوا واثقين على الإطلاق من أن الإيرانيين أرادوا موت اثنين من رجال الطاقم. مهما يكن من أمر، في جهاز الأمن لا يتجاهلون بند نية لإيران، التي حتى لو ارتكبت اخطاء عملياتية، تواصل السعي لضرب اهداف إسرائيلية في البحر ايضا، في سلسلة من الاحداث التي تتواصل منذ بضعة اشهر.
التقدير هو أن هذه الفرصة من المعقول الافتراض أن إسرائيل لن تفوتها. فإلى جانب الأعمال التي تنفذ على المستوى الدبلوماسي باحتمالية عالية جدا أن في الفترة القريبة القادمة سيأتي ايضا رد عسكري، بهدف التحديد للإيرانيين بانه حتى عندما تكون الصلة بإسرائيل هزيلة، وقد اخطؤوا في اختيار الهدف، فان الفرصة ستستغل لأجل جباية ثمن منهم هدفه نقل رسالة بأن إسرائيل لن تمر مرور الكرام على مثل هذه المحاولات.
ومع ذلك، في المستوى السياسي والأمني يفضلون هذه المرة ان تكون شارة الثمن دولية ايضا وليست فقط من جانب إسرائيل.
في السنوات الأخيرة كانت بالذات إسرائيل هي التي وسعت حدود المواجهة مع إيران إلى الساحة البحرية ايضا. وذلك بعد أن فهمت بانها ملزمة بأن توقف تهريبات النفط إلى لبنان وسورية، والتي نفذت في الخفاء وبوساطتها تم تبييض اموال الإرهاب التي نقلت إلى "حزب الله".
والى جانب الكفاح الاقتصادي كانت هناك ايضا حالات لاعمال ناجحة لاحباط تهريبات بوسائل تكنولوجية ووسائل قتالية متطورة.
التقدير هو أن عدد الأعمال والعمليات الإسرائيلية في السنوات الأخيرة في قلب البحر تجاوز بضع مئات.
حتى الآن عمل سلاح البحرية ضمن مفهوم عملياتي واضح بموجبة لا يتم اغراق سفن، ولا يصاب رجال طواقم، ولا يتم التسبب بضرر بيئي.
على مدى الزمن لم يكن للإيرانيين، وذلك بسبب الحرج ايضا، سبب لتحطيم مجال الغموض، حتى المنشورات الاولى في الولايات المتحدة عن حجم النشاط الإسرائيلي في قلب البحر، بما فيها الاعمال السرية، مؤخرا – وربما ايضا بسبب الضغط الأميركي – انخفض حجم الاعمال الإسرائيلية في الساحة البحرية.
بعد هذه المنشورات بدأت إيران تبحث عن اهداف إسرائيلية في قلب البحر، ولكنها وجدت صعوبة في ايجادها.
من المهم أن نفهم بأن إسرائيل رغم حدودها البرية، هي عمليا دولة جزيرة – 99 في المئة من البضائع منها واليها تدخل وتخرج عبر البحر، هكذا بحيث ان المس المنهاجي بالسفن في المسارات التجارية في إسرائيل من شأنه أن يؤدي إلى ارتفاع كبير في اسعار تأمين البضائع والتأثير بشكل مباشر على الاقتصاد الإسرائيلي. حتى الان كل هجمات إيران لم تؤثر على هذا المعطى على الاطلاق.
في نهاية الاسبوع فتح الإيرانيون حسابا مع اليابانيين والبريطانيين. بقدر كبير تشير العملية الإيرانية الحالية إلى الضائقة وليس إلى القدرة العملياتية الاستخبارية الاستثنائية. في إسرائيل يسعون الآن لاستغلال الفرصة لتوحيد دول مختلفة ضد إيران، ولكن في هذه اللحظة على الأقل يبدو أن العالم يحافظ على عدم اكتراثه.
عن "معاريف"