جنين تربك "خلية المقاطعة" صباح مشهد الذل الأمريكي!

1625121147-434-3.jpg
حجم الخط

كتب حسن عصفور

 العالم يزدحم بمتابعة حسابات الانهزامية الأمريكية الكبرى في أفغانستان، ومظهر هروبها المذل، وما أثاره من صور تعيد ما حدث عام 1974 في فيتنام، وأن أمريكا هي أمريكا مرتعشة عندما تجد من يتمرد عليها، رغم انها من صنعت المتمرد عليها، صناعة إرهاب ضد الاتحاد السوفيتي والمنظومة الاشتراكية، أصبح ذاته من كسر هيبتها في زمن آخر...ليس لأنهم على حق أو تخلوا عما بهم، بل لأن حسابات وموازين قوى تغيرت.

ووسط تلك "الزحمة السياسية – الإعلامية"، تعلن مدينة جنين أنها لم تغمض عينيها عن حقها في مواجهة عدو ومحتل، فقدمت صباح الهزيمة الأمريكية الكبرى في كابول شهداء جدد في مسار المواجهة الفلسطينية المتلاحقة، وأن الحدث العالمي لن يسرق ضوء القضية الوطنية.

صباح جنيني بامتياز، رفضا وفعلا، يؤكد المؤكد، أن روح الثورة لن تنتهي مع خنوع رسمي وهروب فصائلي من "الفعل المقاوم الى الكلام المقاوم"، جنين تتفاعل كفاحيا مع مواجهة بلدة بيتا في نابلس، كلاهما شرارة يمكن لهما في أي لحظة أن تربك حسابات الظانين أنهم تمكنوا من "روح الفلسطيني"، وإرث الخالد المؤسس ياسر عرفات.

حدث جنين ليس الأخير، قطعا، وهو استمرار لأحداث مقاومة خلال الأسابيع الأخيرة، قدمت شهداء ونموذج مواجهة، اختلط فيها دم ابن تنظيم متمرد على سكون فصيله، وابن أجهزة تفاعل مع أهله، مؤكدا بأن "التنسيق المقدس" هو "الفعل المقدس" ضد عدو ومحتل.

"نموذج جنين"، درس متواصل لم يكن جزءا من حركة "السكينة السائدة"، التي تعمل لها عبر سنوات سلطة بقايا الحكم الانتقالي، تغرد في غالب الأحيان منفردة، مع بروز نتوءات بين حين وآخر تدعم "تمردها الخاص"، ولعل أحداث جنوب نابلس ودخول جبل صبيح كاشتقاق كفاحي عبر حركة الارباك الليلي، والتي لو استخدمتها القوى الفلسطينية كخيار للرد على العدو بديلا للكلام الممل والبينات التي صارت دعاية معيبة، ستنقل المشهد كليا من "الخمول العام" الى "الصفع العام".

جنين، ورغم أن خيارها العسكري أعلى من الشعبي، لكنها تصر ألا تُقتل روحها التي انطلقت عبر سنوات النضال الوطني، ولعلها في حرب المواجهة الكبرى 2000 – 2004، كانت رأس حربة في الدفاع عن المشروع الوطني ضد مشروع "البديل الوطني"، محافظة لها سمات غير غيرها، فكلما اعتقدوا أنها خبت تعود من حيث هم يخبون تقديرا.

جنين، تعلن أنها ستواصل التمرد على "الخنوع الرسمي" بشقيه السلطوي والفصائلي، وأنها نموذج خاص ومختلف، مع أن غالب من بها من أبناء الثورة والسلطة والأجهزة، ولكنهم بصفات غير "مقولبة" ضمن آليات يوم الحشر السياسي في معادلة الصمت مقابل البقاء.

قيمة حدث جنين الفعل والتوقيت، تزامنا مع سواد سياسي أمريكي في أفغانستان، وكيف له أن يخطف مكانة في مشهد من الصعب اختراقه، وأنه رسالة الى مدير المخابرات المركزية الأمريكية، الذي يعمل لصياغة معادلة "رشوات سياسية وتحسين مستوى المعيشة" مع توفير أمن المشروع التهويدي والاستيطاني على طريق بناء "دولة اليهود"، لتؤكد أن "اتفاقات العتمة" ليس دوما يمكنها أن ترى النور.

خيار الناس دولة بلا رتوش أمريكية مشوهة...قد يبدو ذلك صعبا في معادلة المشهد الانقسامي العام والجعجعة العالية، لكن تراكم فعل الضرورة لا يستأذن سلطة ولا أجهزة...وبالتأكيد المشهد الأمريكي المذل الثاني سيكون قوة دفع لشعب مخزون بالمقاومة والفعل الكفاحي، وحب الحياة الوطنية وليست "الممكيجة".

ملاحظة: تسارع بعض "الحمساويين" بالتغني بنصر طالباني ونشر صورة رئيسهم مع وفدها بترتيب قطري، ينم عن سذاجة سياسية فريدة... طالبان لم تنتصر يوما لفلسطين فلا تنتصروا لفصيل سيقدم خدمات بالجملة لعدونا القومي!

تنويه خاص: زيارة الرئيس المفاجئة الى الأردن بعد كم يوم من زيارة سابقة، فتحت باب أسئلة كتيرة...وبدأت حركة "النميمة السياسية" ما دام الحكي مش معلن...منها أن الحال الماشي اليوم مش حيكون ماشي بكرة...حدا فهم شي..فكروا طيب!