معادلة إسرائيل مع حكومتي عباس و حماس: خدمة مقابل خدمة!

1625121147-434-3.jpg
حجم الخط

بقلم حسن عصفور

ليس مجهولا لكل فلسطيني وغير فلسطيني، ان زمن نتنياهو منذ عام 2009 وحتى 2021، كان الأكثر "سوادا سياسيا" بالنسبة لحكم الرئيس محمود عباس، ليس لجهة تنامي المشروع التهويدي – الاستيطاني واضعاف المشروع الوطني فحسب، بل لجهة التعامل معه وكأنه هامشي، غير ذي صلة بأي أثر على مسار الأحداث.

ودون العودة لمراحل ذلك العهد فأفضل تلخيص كان وصف الإعلام العبري، بأنه "زمن اضعاف عباس وتقوية حكم حماس"، وصف دقيق الى حد كبير، لكنه تجاهل أن الأمر لم يكن فقط متعلقا بالفاسد السياسي نتنياهو، بل الأساسي هو أن سلطة الرئيس عباس استسلمت بشكل غريب لذلك، رغم انها كانت تمتلك (ولا زالت) "أوراق قوة" كان لها ان تنهي "زمن بيبي" مبكرا، خاصة بعد عام 2012، سنة إعلان دولة فلسطين، الحدث التاريخي الذي لا زال قابعا في "أرشيف الرئاسة الفلسطينية".

ومع فشل الليكود ورئيسه نتنياهو، في تشكيل حكومة إسرائيلية جديدة، وقدوم ما يعرف بـ "حكومة التغيير" بقيادة "الثنائي بينيت – لابيد"، توهم قاطني "مقر المقاطعة" في رام الله، ان "التغيير قادم" وزمن تهميش "الحكم العباسي" انتهى، والمستقبل أفضل، مع استقبالهم مكالمات بعض وزراء من الحكومة الجديدة.

ولم يمر وقت حتى أعلن "الثنائي" بينيت – لابيد، ان لا اتصالات سياسية مع الرئيس عباس، وذهب لابيد الى ما هو أبعد بأنه لا دولة فلسطينية في زمن هذه الحكومة، وأن الاتصالات السياسية والحل ينتظر وصول "قيادة ديمقراطية" تحكم الشعب الفلسطيني.

مقابلها، تعمل حكومة "الثنائي" على تغذية حكم حماس بالممكن للبقاء، عبر المال القطري، بعد أن أحدثت نظاما مختلف جذريا عما كان في عهد نتنياهو، بحيث تصل وفق "شروط" تكسر "عنجهية حماس"، ولكنها تصفع حكم الرئيس عباس، رغم الادعاء بأنها تريده مشرفا وقناة، ولكن "الشروط الأمريكية" قطعت الطريق على "الفائدة العباسية" سياسيا وماليا من "المنحة القطرية، ورحلتها الى "الأمم المتحدة وصندوق الغذاء العالمي".

ولأول مرة منذ زمن، سارعت الخارجية الأمريكية بالترحيب بتلك "المساعدات الإنسانية" وفق تصريح برايس المتحدث الرسمي باسم خارجية واشنطن، ما يشير الى أن "المفاوضات السرية" كانت بعلم الإدارة الأمريكية ومشاركتها.

أن يعلن لابيد لا اتصالات سياسية مع عباس وأن العلاقة فقط تقتصر على التنسيق الأمني، وأن لا دولة في زمن "حكومتهم"، في وقت انجاز اتفاق تغذية حكم حماس المالي، فتلك رسالة واضحة، انه لا يوجد أي مكان لـ شراكة سياسية" لطرف فلسطيني، وأن دولة الكيان تتعامل مع طرفي الحكم في بقايا الوطن (عباس وحماس)، بأنهما يؤديان "خدمة وظيفية" لإسرائيل.

فحسب لابيد وحكومته، دور الحكم في الضفة خدمة إسرائيل عبر مهمة "التنسيق الأمني"، وذلك سر الحفاظ عليها، دون أي بعد سياسي أو مستقبل سياسي، فيما تقدم الأموال لحركة حماس، من أجل خدمتها الوظيفية في توفير "الهدوء مقابل الغذاء"، واستمرار حرصها على الحالة الانقسامية في قطاع غزة.

المشهد، لم يعد يحتاج بحثا عن السؤال، هل بالإمكان تغيير جذري في المشهد القائم، وأن تفرض الحالة الفلسطينية من طرفيها، واقعا جديدا، بل هل يريد الرئيس عباس وقيادة حماس ذلك، فمن مسار الأحداث بعد "حرب مايو"، التي خسرت كل مالها، وأنتجت مآسي سياسية مضافة لما كان، لا يوجد أي مؤشر أنهما يبحثان كسر معادلة الخدمة الوظيفية القائمة.

هل ننتظر رد فعل فلسطيني يطيح بمسار دولة الكيان المفروض قائما، لا ملامح بعد، وعلى العكس، تعمل سلطة الرئيس عباس على "التكيف معها" عبر محاولات تعديل حكومة، لتعزيز الخدمة الوظيفية، فيما حماس تعمل أن تستمر قناة المال كي تستمر في وظيفتها...

والى حين بروز فلسطيني جديد، سيبقى السواد السياسي هو سيد المكان في بقايا الوطن.

ملاحظة: مؤشرات الحالة الوبائية في قطاع غزة لا تسر أبدا..كلها تقول أن المصيبة قادمة ودون حرب على الاستهتار فالنتائج ستكون كارثية...بدها "هبة غضب" حقيقية ضد الاستهبال السائد..دونها حضروا مزيدا من بيانات اللطم!

تنويه خاص: فتح  غرقانه في ترتيبات "حكومة المقاطعة الجديدة"...الحرب دايرة بين مراكز القوى مش بس عشان "الوزراء"، بل، وهو الأهم، على مسؤولي الأجهزة الأمنية، لأنهم "السلاح السري" لمن سيكون "الموظف الأول" بعد عباس!