الاعتقال الاداري .. ضياع للعمر دون حكم او تهمة

e6ffe140-557c-4feb-a517-063389fd3a5a.jfif
حجم الخط

غزة _ ضياء مسعود

الاعتقال الإداري، سياسيةٌ يمارسها الاحتلال ضد الفلسطينيين، منذ عام 1967م، وفيها يُحتجز الفلسطيني دون لائحة اتهام لمدة تتراوح بين شهرين وستة أشهر، يمكن تمديدها بشكلٍ تلقائي، وبدون سبب، ما يدفع المعتقلين إلى خوض إضرابٍ عن الطعام، كمحاولةٍ أخيرة للإفلات من واقعهم الصعب، غير مكترثين للضريبة التي يمكن أن يقدموها بمجرد المضيّ قدمًا في هذا القرار.

الأسير "الغضنفر أبو عطوان" البالع من العمر 28 عامًا، ابن "دورا" في مدينة الخليل بالضفة الغربية، والذي خبِر الاعتقال الإداري "فتىً" في السابعة عشرة، مرّ بفترةٍ صار فيها السجن جزءًا من حاضره، بل إنه دخل في حسابات المستقبل. 

بدأ يشعر بأن الاعتقال بدون سبب، يقتطع من عمره، فخاض الإضراب حتى نُقل إلى مستشفى "كابلان" في حالةٍ سيئة، واستمر هناك يقتربٍ من موتٍ محقق لولا رضوخ الاحتلال إلى مطلبه في آخر لحظة.

  65 يوما قضاها الاسير الغضنفر مضربًا عن الطعام في سجون الاحتلال الإسرائيلية، كانت كفيلةً بفتح ملف "الاعتقال الإداري" على مصراعيه للحديث عن انتهاكات "إسرائيل" لأقل حقوق الأسير الإنساني: أن يعرف تهمته! 

وأيضا المحررة هناء شلبي، عاشت تجربة الاعتقال الإداري لسنوات، ثم خاضت إضرابًا عن الطعام مدة 47 يومًا، حتى أفرج الاحتلال عنها عام 2012، إلا أنه أبعدها عن مسقط رأسها في مدينة جنين بالضفة الغربية، إلى قطاع غزة.

تقول شلبي لـ " وكالة خبر الفلسطينية ": "خضت الإضراب عن الطعام احتجاجًا على اعتقالي الإداري الذي سبقه اعتقال لثلاث سنوات، فكان سؤالي الواضح: لماذا أُعتقلُ من جديد؟".

وأضافت : "هي تجربة تأكل الروح والجسد، لكن أردتُ وضع الاحتلال تحت الأمر الواقع بالإضراب، مع إدراكي لصعوبة القرار".

ووفقًا لوكالة الأنباء الرسمية "وفا"، فإن سلطات الاحتلال الإسرائيلي تعتقل حاليًا 540 فلسطينيًا دون تهمة (أي إداريًا)، من أصل 4850 أسيرًا فلسطينيًا يقبعون في سجون الاحتلال.

وأشار مركز فلسطين للدراسات ، إلى أن الاحتلال يهدف من وراء استخدام سياسة الاعتقال الإداري، إلى الإبقاء على الأسير أطول فترة ممكنة خلف القضبان، دون محاكمة أو تهمة، بحجة وجود ملف سري له، ما يجعل من هؤلاء الأسرى رهائن سياسيين لدى الاحتلال، خاصةً أنه يركز على فئة الناشطين وقادة العمل الوطني، والإسلامي، ممن يتهمهم بالتحريض.
وقال الباحث في شؤون الأسرى عبد الناصر فروانة لـ" وكالة خبر الفلسطينية ": : " منذ عام 1967 أصدرت سلطات الاحتلال أكثر من (54) ألف قرار بالاعتقال الإداري أو التجديد، وقد بات جزءًا من السياسة الإسرائيلية في التعامل مع الفلسطينيين، ووسيلةً للعقاب الجماعي، الذي تلجأ إليه "إسرائيل" لتبرير اعتقالها المواطنين الفلسطينيين دون تهمة أو محاكمة".
ويضيف فروانة : "ومنذ مطلع العام الجاري، أصدرت سلطات الاحتلال (778) قرارًا بالاعتقال الإداري، بينها (350) قرارًا جديدًا، بنسبة (45%) من مجموع القرارات الإدارية، والباقي (428) أي (55%) تجديد للاعتقال الإداري".

نادي الأسير بدوره صرّح أن (13) أسيرًا يواصلون الإضراب المفتوح عن الطعام في سجون الاحتلال الإسرائيلي، بينهم (12) أسيرًا خاضوه رفضًا لاعتقالهم الإداريّ، وأقدمهم الأسير سالم الزيات.

وقد علّق الأسيران محمد خالد أبو سل، وأحمد عبد الرحمن أبو سل إضرابهما، بعد اتفاقٍ بتحديد سقف اعتقالها.

ويواجه المضربون عن الطعام -وفقًا لنادي الأسير- أوضاعًا صحيةً صعبة؛ جرّاء تعنّت ورفض سلطات الاحتلال الاستجابة لمطلبهم المتمثل بإنهاء اعتقالهم الإداري، فيما يقبع غالبية الأسرى المضربين عن الطعام في زنازين سجن "النقب الصحراوي"، حيث تواصل إدارة سجون الاحتلال، إجراءاتها التنكيلية بحقهم من خلال عزلهم وحرمانهم من الزيارة، وعرقلة زيارات المحامين للضغط عليهم لثنيهم عن مواصلة معركتهم.

ومن الجدير ذكره، أن غالبية المعتقلين إداريًا أمضوا سنوات تجاوزت 15 عامًا لدى بعضهم، ووصل عدد من أضربوا رفضًا لهذه السياسة هذا العام، 45 أسيرًا.