أكّد مختصون على أنَّ قطاع غزّة يُعاني من تدهور الأوضاع الإنسانية في ظل تشديد الحصار من قبل الاحتلال الإسرائيلي، واستمرار الانقسام وما خلفة من تداعيات كان أخطرها فرض العقوبات الجماعية من قبل السلطة علي المواطنين والموظفين الحكوميين، إضافةً إلى تفشي فيروس كورونا.
جاء ذلك خلال لقاء نظمته الهيئة الدولية لدعم حقوق الشعب الفلسطيني "حشد"، يوم الثلاثاء الموافق 24/8/2021، بعنوان:" تداعيات الحصار و جائحة كورونا على الأوضاع الإنسانية في قطاع غزّة"، بمشاركة سياسيين واقتصادين ونشطاء شباب.
وطالب المختصون، الحكومة سواء في قطاع غزّة أو رام الله بضرورة إيجاد حلول سريعة لإنقاذ الوضع الإنساني والاقتصادي، وإبعاد الخدمات وحقوق وحريات المواطنين عن الخلافات والمشاكل السياسية.
وافتتح رئيس الهيئة الدولية "حشد"، د. صلاح عبد العاطي، حديثه بالترحيب بالضيوف، مُؤكّداً على أنّ قطاع غزّة يُعاني أوضاعاً كارثية تجعل من واقعة ومستقبله محفوفاً بالتحديات والمخاطر، بسبب عوامل متعددة أبرزها الحصار الإسرائيلي الذي جعل القطاع تتعمق فيه الأزمات، وما أحدثه من دمار هائل في البيئة والمرافق الاقتصادية، وارتفاع حاد في معدلات الفقر والبطالة، إضافة للإجراءات العقابية التي فرضتها السلطة الفلسطينية برام الله على الموظفين ومخصصات الأسرى والشهداء، وما أفرزته جائحة كورونا.
وأضاف:" كما أن هناك العديد من الأزمات المتمثلة في استمرار انقطاع الكهرباء وأزمة المياه وتراجع الخدمات الصحية وارتفاع نسب الفقر والبطالة ومعدلات العنف الاجتماعي، الضغوط النفسية وتوقف بعض المنشآت الاقتصادية وغيرها من التحديات الإنسانية والاجتماعية الأخرى، والتي ساهمت في تفاقم الوضع الإنساني.
وتابع: "المطلوب هو إتمام المصالحة الوطنية وتشكيل حكومة وحدة وطنية وتفعيل كل المطالبات الدولية مع توسيع الحراك الدولي في تقدم الدعم للقطاع ومساندته في هذه المحنة، ورفع العقوبات الجماعية عن قطاع غزة، وتقديم حصة قطاع غزة من الموازنة والمساعدات، وعلى حكومة غزة تخفيض الضرائب والجباية وتعزيز المشاركة المجتمعية، وفتح حوار مع كافة القطاعات لضمان تعزيز التعاون لحل الأزمات، وضمان توزيع عادل للمساعدات وإيجاد حضانات تنموية ومشاريع صغيرة للشباب، وتوفير الحماية للحقوق والحريات ومن المجتمع الدولي الضغط لتحمل الاحتلال المسؤوليات الواردة في قواعد القانون الدولي الإنساني، ورفع الحصار المفروض على قطاع غزة، وتقديم الدعم الإنساني لحل مشكلات الكهرباء والمياه ونقص الخدمات ودعم قطاعات الخدمات وخاصة الخدمات الصحية".
من جهته، قال المحاضر في جامعة الأزهر والمحلل الاقتصادي، سمير أبو مدللة: "إنَّ قطاع غزّة يتعرض لحصار ظالم منذ أكثر من 14 عاماً، إضافةً إلى الانقسام الفلسطيني، وأيضاً الإجراءات التي اتخذت بحق الموظفين، كما أن جائحة كورونا التي اجتاحت العالم كله أثرت على الأوضاع الاقتصادية في قطاع غزة والضفة الغربية، إضافة إلى أثار العدوان الإسرائيلي الأخير على قطاع غزة".
وأردف: "كل ذلك أدى إلى إغلاق كثير من المنشأت خاصة التجارية والاقتصادية وقطاع المواصلات، إضافةً إلى زيادة نسبة المتعطلين عن العمل، وارتفاع نسبة البطالة، والاعتماد على المساعدات وما يأتي من أموال المقاصة والمانحين والضرائب الداخلية".
وأوضح أبو مدللة، أنّ قطاع غزّة تعرض إلى ثالوث خطير وهي الانقسام والحصار والاحتلال، ما أدى إلى أوضاع اقتصادية قاسية، مُشيراً إلى أنَّ القطاع الخاص في قطاع غزة يواجه خطر الانهيار التام مع تفشي جائحة كورونا، واستمرار الحصار الإسرائيلي المشدد المفروض على أكثر من مليوني فلسطيني للعام الرابع عشر على التوالي"، فضلاً عن إجراءات مواجهة وباء كورونا.
ودعا إلى ضرورة الإسراع في اتخاذ التدابير اللازمة لفك وإزالة الحصار الإسرائيلي عن قطاع غزة، وإنهاء الانقسام وكافة مظاهره ومضامينه، والإسراع في الإصلاح وإعادة الإعمار، وتحسين البيئة الاستثمارية وخلق المناخ الاستثماري، وتقليص الاعتماد على المساعدات الخارجية، وتنمية القطاع الخاص وتفعيل دوره التنموي من خلال القوانين وتسهيل الإجراءات الإدارية وغيرها.
بدوره، تحدث مدير عام وزارة الصحة د. مدحت عباس، عن انعكاسات الحصار وجائحة كورونا على القطاع الصحي، لافتاً إلى أن هناك نقص كبير في وجود الأدوية والمستهلكات الطبية بسبب الحصار الإسرائيلي، الذي أثر بشكل كبير على مرضى قطاع غزة.
وشدّد على ضرورة إيصال رسائل ومعاناة المرضى في قطاع غزة نتيجة عدم توفر الأدوية والعلاجات خاصة لمرضى السرطان وزراعة الكلى، مشيراً إلى أن هناك الكثير من المرضى يموتون بسبب عدم توفر العلاج، والبعض الأخر وهم ينتظرون تحويلهم للعلاج بالخارج.
وبيّن أنّ الكثير من المرضى يواجهون صعوبات في التحويل للعلاج وممارسة الاحتلال الإسرائيلي في التضيق عليهم من خلال منعهم من السفر، أو رفض المرافقين، أو تعرضهم للتحقيق والاعتقال وغيرها من الممارسات غير الإنسانية.
ونوّه إلى أنَّ وزارة الصحة تمكنت من توفير أجهزة فحص كورونا بعد معاناة بسبب الحصار الإسرائيلي، مُوضحاً أنّه رغم قلة الإمكانات ونقص المعدات والأدوية والمستهلكات الطبية، ورغم الحصار الإسرائيلي، إضافة إلى أن معظم العاملين في القطاع الصحي يتقاضون نص راتب، إلا أن القطاع الصحي يقوم بأقصى جهوده لتوفير الخدمة الصحية للمرض.
كما تحدث مدير بوزارة التربية والتعليم، عبد السلام أبو مسامح، عن انعكاسات الحصار الإسرائيلي، وجائحة كورونا على قطاع التعليم، مُبيّناً أنّ قطاع التعليم يفقد في ظل الحصار إلى أهم المقومات، حيث يعاني من شح المواد والإمكانيات واللوازم التي تعتبر من المقومات الأساسية للعملية التعليمية، مما كان لها أثر عظيم على مخرجات التعليم الممثلة بالطالب والذي بات يعاني من فقدان أبسط حقوقه لتوفير عملية تعليمية حقيقية في وجود بيئة مدرسية آمنة وملائمة، والكتب المدرسية، وتوفر الكهرباء.
ولفت إلى العدوان الإسرائيلي المتعاقب أثر وبشكل كبير على القطاع التعليمي، ففي دمر الاحتلال 100865 مرفقاً تعليماً سواء الخاصة أو الحكومية أو الوكالة خلال عدوان 2008 – 2012- 2014- 2021، مما زاد الأثار السلبية على قطاع التعليم، إضافة إلى فقدان الكثير من المنح والأبحاث والمشاركات الدولية للباحثين، كما أثر الحصار على تنفيذ العديد من المشاريع التطويرية في القطاع التعليمي، إضافة إلى عدم توفر الإمكانيات لدى الأسر لاستمرارية التعليم عن بعد سواء الإنترنت أو الأجهزة الذكية والحاسوب، وانقطاع التيار الكهربائي، ما أدى إلى تدهور واضح في تحصيل الطلبة، ووجود مشاكل نفسية وسلوكية لدى الطلبة، وارتفاع معدلات التسرب.
واستعرض أبو مسامح بعض جوانب الاستجابة السريعة من قبل وزارة التربية والتعليم في مواجهة كورونا، والمتمثلة في تشكيل لجنة مركزية للطوارئ على مستوى الوزارة واللجان الفرعية على مستوى المديريات بشكل دائم، ومشاركة المجتمع المحلي والمدني، وتعزيز جاهزية فرق الصحة المدرسية في المدارس، والمرشدين، وإعداد البرامج والأنشطة للتعليم المدمج والإلكتروني، تأهيل وتدريب الكادر التعليمي على التعليم الإلكتروني، وإعداد البروتوكول الصحي بالتعاون مع وزارة الصحة، وإجراءات تعقيم المدارس بالتعاون مع الجهات ذات العلاقة، ونشر ثقافة التعليم عن بعد بين المعلمين، وتخصيص القناة التعليمية الرقمية، وإذاعة صوت التربية والتعليم المخصصة لبث الدروس التعليمية لمختلف المراحل.