رسالة إسرائيلية الى حماس عبر "نفق الانقسام"!

1625121147-434-3.jpg
حجم الخط

كتب حسن عصفور 

من باب المفارقات السياسية، التي تستحق التفكير جدا من جانب الفلسطيني، أي كان صفته موقعه، أن دولة الكيان، مؤسسات وقوى وإعلام، تعمل منذ زمن على الترويج لمسألتين بالتوازي، والترويج لهما بشكل مستمر ومتناسق، وبطرق مختلفة وأساليب متعددة، هما أن السلطة الفلسطينية، وتنظيمها الرئيسي حركة فتح ورئيسها محمود عباس تعيش لحظات "الانهيار"، وأن زمنها على الانتهاء بات "وشيكا"، فيما تنفخ في سور قوة حماس وتعزيز مكانتها، بصفتها "البديل الممكن" المطلوب.

وزاد الترويج لتلك بشكل لافت جدا، بعد حرب مايو 2021، مستفيدة من الانحياز "العاطفي" للفعل الكفاحي ضد دولة الاحتلال، ما كشف أن تطور المواجهة مع المحتلين هو الخيار الأول للشعب الفلسطيني، رغم مرور 17 عاما على آخر مواجهة شاملة قادها الخالد المؤسس ياسر عرفات الى أن خرج من حصاره رافعا شارة نصره شهيدا.

ترويج المؤسسة الاحتلالية لتلك "المسألة" هو تجديد لمنظومة التفكير، التي أسسها شارون، حول تعظيم "البعد الانقسامي" بين المنظمة – السلطة وحركة حماس ما بعد اتفاق إعلان المبادئ عام 1993، حيث وجد اليمين واليمين المتطرف أنه اتفاق لكسر جوهر "الفكر التهويدي"، طون "الانقسامية" السلاح الذي يوازي نشر "الطائفية" أثرا وتأثيرا.

وعام 2005، بدأ الانتقال الى مرحلة جديدة من التعزيز الانقسامي، عبر الخروج الإسرائيلي من قطاع غزة دون تنسيق مع السلطة الفلسطينية ورئيسها عباس، رغم "التوافق السياسي" بينهما بعد الخلاص من "العقبة العرفاتية"، وبعدها فرضت أمريكا وإسرائيل ومن خلال قطر انتخابات ثانية لبقايا الحكم الذاتي، فتحت الباب لشرعنة الانقسامية من "الباب الديمقراطي"، عملت دولة الكيان خلالها بكل ما لها من تأثير لتفتيت قوة فتح كي تفوز حماس، وكان لهم ذلك يناير 2006.

ولم تمض أشهر حتى بدأت المرحلة الثانية من تطوير "الانقسامية الفلسطينية"، بتشجيع حماس على الانقلاب، كان نتيجتها أن خسرت قوتها في المؤسسة العامة، لتخطف الجزء الغزي منها، وتقيم "سلطتها" الخاصة، وكان لـ "مهندسي الانقسامية" نجاحا فاق ما كان تقديرا.

ولأن "الانقسام" قاطرة دولة الكيان لحصار الكيانية الفلسطينية الموحدة، فهي تعمل بكل ما لها كي لا تصاب عجلات القاطرة بعطب، وكلما أصابها "خلل ما" وجدت من يسارع لتصويبها، ومنذ مايو وحتى تاريخه، تطورت حركة التعزيز الإسرائيلي لتعزيز "الانقسامية"، والعمل على ركيزتيه بشكل مكثف عبر "ترهيب طرف والتغرير بالآخر".

ويوم 24 أغسطس 2021، خرجت الرسالة السياسية التي يمكنها وصفها، تطورا نوعيا صريحا، لفرض "الانقسامية" بشكل جديد، عندما نشرت صحيفة عبرية تصريحات لعضو الكنيست عيساوي فريج عن حزب صهيوني "ميرتس"، له موقف من الاحتلال وكان له علاقات مع منظمة التحرير، من خلال رئيسه الأشهر يوسي ساريد.

رسالة فريج، محددة بلغة لا يوجد بها أي انحناءة، بدعوته حكومة إسرائيل "التفاوض المباشر" مع حركة حماس بديلا عن "التفاوض معها عبر قطر أو مصر"، كون ذلك سيخدم رؤية الدولة العبرية، مستخدما الاتفاق السابق مع منظمة التحرير والخالد أبو عمار نموذجا.

الرسالة، والتي لا تزال دون رد رسمي إسرائيلي، فتحت الباب لتناولها إعلاميا، وتكريس مفهوم  أن "التفاوض مع حماس" لا يمثل خطرا بل ضرورة لمصالح الكيان، وخلال زمن سيكون ذلك "مطلبا إعلاميا وسياسيا" لبعض تيارات إسرائيلية، وستلعب الحركة الإسلاموية في إسرائيل بقيادة "الشريك السياسي" لحكومة بينيت – لابيد قوة محركة.

بالتأكيد، ستجد بعض كتبة حماس ونشطائها على مواقع لتواصل الاجتماعي قوة "محللة" لتلك الخطوة، وبأنها خيار الضرورة والذي يمكن وصفه بكل الصفات التبريرية، ولن يكون التاريخ وخاصة الإسلامي بعيدا عنهم، استخداما للتمرير والبرير.

وتوضيحا لما يجهله المدعو عيساوي فريج أحد شركاء حكومة رفض الدولة الفلسطينية، أن المقارنة بين منظمة التحرير وحماس هو جهالة سياسية بامتياز، فالمنظمة ليس فصيلا بل هي ممثل الشعب، فيما حماس أي كان قوتها ليس سوى فصيل ضمن فصائل، وبلا تفاصيل لواقع حكمها في القطاع، فهي لا تستطيع أت تكون ممثلا للشعب وبالتالي لا يمكنها التفاوض نيابة عنه.

بالتأكيد قد لا يكون فريج جاهلا لتلك الحقيقة، ولكنه يبحث عن تسريع خلق "البديل"، الهدف التاريخي للحركة الصهيونية وكيانها إسرائيل منذ 1969، وحتى تاريخه، بعد أن فشلت كل الأساليب القديمة، فكان لا بد من "تطويرها"، عبر ذلك الاقتراح.

قد يتورط بعض من حماس أو كلها، عبر نصح من طرف عربي وتشجيع من "الشقيق" الإسلاموي داخل الكيان، ولكن الدعوة ليس بحثا عن حماس قوة وتأثيرا لخدمة مسار القضية، ولكنها دعوة لحماس أن تتعمق في البعد الانفصالي عبر رسالة جديدة من خلال "نفق الانقسام".

عدم رد حماس، والتي تصدر يوميا عشرات الردود، مؤشر أن هناك "نصيحة ما" بالتفكير فيما قاله "العيساوي"، علها تحقق ما تبحث عنه تطويرا لحركة الحضور على طريق "استبدال التمثيل"، تحت راية "المقاومة والتصدي"...ويبدو أن المناورة الصهيونية الجديدة لن تمر مرورا عابرا وستترك بصمتها على حراك حماس القادم.

الرسالة الأهم هل تستيقظ فتح ومكونات منظمة التحرير وتنتفض دفاعا لما كان رافعة لحماية القضية والمشروع الوطني، أم أنها فقدت كل قدرة مع عجز شبه عام...على طريق تمضية ما تبقى من عمر في "بيت العاجزين"...تلك هي المسألة!

ملاحظة: بيان مركزية فتح (م7) أربك المشهد أكثر فأكثر...رمي التعديل الحكومي في حجر الرئيس عباس سيبقى "التوزير" هدفا لمن يستحق أو لا يستحق...وكأن الناس ناقصها تشويش فوق هالتشويش "ثلاثي الأبعاد"!

تنويه خاص: رسالة "أحفاد الناصر" الى قائد حماس في قطاع غزة السنوار، عن اعتقال بعض منهم لأنهم أطلقوا كم بالون تثير سؤال خاص..هل هناك "هوية" للبلايني الأخضر مسموح ..الأحمر مشكوك والأبيض ممنوع..بدها رد بلاش نقول لكل لون ثمن!