مُنذ انتهاء العدوان "الإسرائيلي" الرابع على قطاع غزّة في الـ21 من مايو الماضي، يُعاني القطاع من حصارٍ مطبق؛ نتيجة المماطلة في تنفيذ بنود وقف إطلاق النار التي تضمنت تخفيف حدة الحصار، الأمر الذي دفع حركة حماس والفصائل الفلسطينية للعودة إلى خيار المسيرات الجماهرية على طول الحدود؛ في محاولة للضغط على الاحتلال لرفع الحصار وإعادة الإعمار.
لكنّ رئيس وزراء الاحتلال نفتالي بينت، عاد مُجدداً للتهديد بشن عملية عسكرية ضد قطاع غزّة، قبل جولته الخارجية للولايات المتحدة ومصر، الأمر الذي يطرح تساؤلات عن قبول المجتمع الدولي بعملية عسكرية جديدة ضد القطاع قبل إعادة إعماره؟ وما هي خيارات "إسرائيل" تجاه ضغط الفصائل على الحدود.
"إسرائيل" وهندسة احتلال غزة
الخبير في الشأن الإسرائيلي، عليان الهندي، رأى أنَّ "إسرائيل" لا تُريد حل مشاكل قطاع غزّة بأيّ شكلٍ من الأشكال؛ لأنّها انفصالها عن القطاع عام 2005، جاء تنفيذاً لقرار مجلس الأمن 242 فيما يتعلق بالقضية الفلسطينية.
وأضاف الهندي في حديثٍ خاص بوكالة "خبر": "بالتالي عندما رفض المجتمع الدولي هذا الأمر وكذلك الفلسطينيين، تم إعادة هندسة احتلال قطاع غزّة من جانب إسرائيل بعد انسحابها منه، بحيث يتم السيطرة عليه كإطار وليس كحارة أو شارع".
وأردف: "عندما رسمت إسرائيل هذه السياسية لقطاع غزّة بطريقة إما التوصل لحل نهائي للقضية الفلسطينية عبر قطاع غزّة، أو أنّ يخرج القطاع بشكلٍ مطلق من الصراع الإسرائيلي الفلسطيني".
المجتمع الدولي ومنع الحرب القادمة
وأكمل: "عندما كان هناك توجه فلسطيني لرفض أنّ يكون قطاع غزّة خارج الصراع الإسرائيلي الفلسطيني، أخذ الحصار الشكل الذي نراه اليوم، وذلك بغض النظر عن موقف الولايات المتحدة الجديد من إصلاح قطاع غزّة، لانّ إسرائيل لا تُريد الذهاب باتجاه حلول لغزّة؛ لأنّها ستضطر لإيجاد حلول للضفة بالتوازي".
ولفت إلى أنّ أكثر من نصف المبالغ المخصصة لإعمار قطاع غزّة من مخلفات حرب 2014، ذهبت لجيوب الوسطاء والخبراء والموظفين، وبالتالي فإنّ الأمور لن تذهب لحلٍ قريب.
وتوقع أنّ يتم إصلاح بعض المنازل والمرافق المتعلقة بالبنية التحتية مع استمرار الحصار؛ خاصةً في ظل وجود أصوات متصاعدة تُطالب بحربٍ شاملة على غزّة على غرار حرب عام 2002 في الضفة الغربية، وتشمل اجتياح بري، مستبعداً في ذات الوقت اللجوء لهذا الخيار.
واستدرك: "وفقًا لمعطيات الحرب الأخيرة، فإنَّ المجتمع الدولي يرفض شنّ إسرائيل حرب جديدة على غزّة، وذلك لاعتبارين الأول هو أنّ إسرائيل تشنّ حروباً بلا معني لقتل الفلسطينيين بدون أيّ مبرر".
وتابع: "الاعتبار الثاني هو رفض الدول الأوروبية بناء ما تدُمره إسرائيل، وأيضاً رفض الدول العربية إعطاء حماس مبرر لإسرائيل للهدم ومن ثم تمويل البناء من جديد".
أما عن ضغط المجتمع الدولي على "إسرائيل" لمنعها من شن عملية عسكرية تجاه قطاع غزّة، قال الهندي: "إنَّ الذي منع إسرائيل من شنّ حرب على غزة منذ 2014 حتى العدوان الأخير، هو تهديد المجتمع الدولي بعدم استعداده لإعمار قطاع غزّة".
واستدرك: "بالتالي إسرائيل لديها يقين أنَّ عدم تدخل أطراف لإعادة إعمار ما دمرته في غزّة خلال الحرب الأخيرة، سيزيد رغبة فصائل المقاومة الفلسطينية؛ بقصف إسرائيل بالصواريخ"، لافتًا إلى أنّ "أحد أسباب وقف الحرب تنبه المجتمع الدولي لرغبة إسرائيل في التدمير فقط، وممارسة التميز العنصري ضد الفلسطينيين في الضفة والقدس والإبادة في غزّة".
لا اغتيالات خارج الحرب
وبشأن احتمالية ذهاب إسرائيل إلى اغتيال قيادات حركة حماس للضغط على الحركة، قال الهندي: "إنَّ الرسائل الأخيرة في حرب غزّة حسب الصحافة الإسرائيلية، هي أنَّ القصف كان يتمحور حول مُستشفى الشفاء، في رسالة لقيادات حماس أنّه يمُكن ممارسة الاغتيالات".
وبيّن أنّ "إسرائيل" ترفض ممارسة سياسية الاغتيالات خارج الحرب؛ خوفًا من العودة من جديد إلى إطلاق الصواريخ، مُشيرًا إلى إمكانية ذهاب "إسرائيل" باتجاه الاغتيالات حال قناعتها بالذهاب لسيناريو الحرب.
وختم الهندي حديثه، بالقول: "إنَّ إسرائيل تعتبر الوضع الحالي مع غزّة مُنذ العام 2007 حتى اليوم، هجمات وتهدئة من حماس، وذلك بناءً على تقديرات الصحفي الإسرائيلي المقرب من الأجهزة الأمنية رون بن شاي"، مُردفاً: "المستوى العسكري والسياسي الإسرائيلي يعتبر أنّ هذه السياسة مع قطاع غزة فشلت، ويجب تبنى استراتيجية جديدة لكنّ هذه الاستراتيجية لم تتبلور بعد، ولن تكون مختلفة إلا حال ذهاب سكان غزّة للقول إنّهم سيعشون بعيدًا عن القضية الفلسطينية وهذا مستحيل".