قلب المعادلة في غزة مهما كان الثمن

حجم الخط

بقلم: يوآف ليمور

 

 



بخلاف أحداث السبت الماضي مرت التظاهرة، أول من أمس، على حدود القطاع بهدوء نسبي. وكان واضحاً انه على جانبي الحدود استُخلصت الدروس، في محاولة للامتناع عن تدهور غير مرغوب فيه.
أوفت "حماس" بتعهدها للمصريين العمل على لجم المتظاهرين. فقد أبدت قوات التدخل لديها تشدداً أكبر مما في الماضي، بما في ذلك قرار مرابطة قوات خفية عملت من داخل الجمهور في محاولة للسيطرة عليه. لم ينجح هذا في وقف عموم المتظاهرين من الوصول الى الجدار ولكنه قلص جداً عددهم وحماستهم.
بالتوازي استخلص الجيش الإسرائيلي دروساً من أدائه التكتيكي الفاشل، السبت الماضي، والذي سمح لمتظاهرين كثيرين بالوصول الى الجدار والإصابة الخطيرة للمقاتل برئيل حدارية شموئيلي. وعززت الحدود بقوات ووسائل عديدة مع التشديد على القناصة. كما تواجدت في الميدان كل قيادة المنطقة الجنوبية التي أشرفت على ما يجري عن كثب.
والأهم من هذا، استخدمت قوة، وان كانت ملجومة ولكنها قوة استهدفت كبح العناصر العنيفة قبل وصولهم الى الجدار.
استخدام بندقية روجر والغاز المسيل للدموع وان كان أوقع اصابات في الجانب الفلسطيني، ولكن البديل كان استخدام النار الحية وعدداً من المصابين أكبر بكثير.
كل هذا سمح للتظاهرة، أول من أمس، بأن تنتهي بهدوء، ولكن يجدر الامتناع عن استخلاص الاستنتاجات بالنسبة للمستقبل.
"حماس"، كما يبدو، مصممة على مواصلة استخدام سلاح التظاهرات، مع العلم بأنها تجتذب اهتماماً دولياً واعلامياً، وأنها تتحدى إسرائيل. في الماضي رتبت هذه الأداة موضوع حقائب المال القطري برعاية إسرائيل، ومن المعقول ان في الجولة الحالية أيضا ستحاول "حماس" ترجمة التظاهرات الى إنجاز مشابه – مباشر (بالمال أو بالبضائع) او غير مباشر (بتسهيلات أخرى للقطاع).
هذا سيتطلب من إسرائيل ان تبلور في اقرب وقت ممكن استراتيجية وخطوطاً حمراً واضحة. حتى الآن أوضحت صراحة ما هو لا: لا لأي تقدم بدون حل موضوع الأسرى والمفقودين.
بفرض معقول بأن هذا الموضوع لن يحل بسرعة على خلفية الفجوات الواسعة بين الطرفين، ستكون إسرائيل مطالبة بان تقول ايضا ما هو نعم. وإلا فانها ستجد نفسها بسرعة شديدة تجرّ الى مناوشات يومية على جدار قطاع غزة، وربما الى استئناف نار الصواريخ الى الأراضي الإسرائيلية والى إطلاق البالونات الحارقة.
كل هذه، او بعضها، قد تحصل في الأيام القريبة القادمة، في محاولة لإلقاء الظلال على زيارة رئيس الوزراء بينيت في واشنطن. وهنا بالذات، خيراً تفعل إسرائيل إذا ما تنفست عميقاً وعدت حتى المئة.
لقمّة بينيت -بايدن أهمية هائلة، تتجاوز بكثير ما يجري في غزة. حتى لو حاولت "حماس" جذب الرأي العام نحوها، على إسرائيل ان تبقى مركزة على الاساس – إيران، إيران وإيران، وبعض القليل الاضافي على إيران.
ولكن من اللحظة التي تنتهي فيها هذه الزيارة، على إسرائيل ان تفعل ما كان عليها أن تفعله فور حملة "حارس الاسوار": ان تقرر ما تنوي فعله مع غزة. لا للتصريحات الفارغة بأن كل بالون وكل صاروخ سيُرد عليه بخطورة.
اذا كانوا في القدس يعتقدون بأن المشكلة هي يحيى السنوار (مثلما فُهم، أول من أمس، من أقوال وزير الدفاع بيني غانتس)، ينبغي أن نوضح له ولمحيطه بأنه اذا لم يغير طريقه، فان أيامه معدودة. بكلمات اخرى على إسرائيل ان تقلب المعادلة. بدلاً من ان تتقرر القواعد في قطاع غزة، يجب ان تتقرر في القدس.
في المكان الذي ستفعل فيه إسرائيل كل شيء كي تمتنع عن استئناف القتال، فان "حماس" هي التي ينبغي أن تخشى ذلك. ومع أن هذا من شأنه ان يكلّف تصعيداً موضعياً او واسعاً، ولكن لـ "حماس" وللسنوار ما يخسرونه أكثر.
اذا لم يفهموا هذا بالكلام، يخيل انه لن يكون لإسرائيل مفر غير العودة للحديث معهم بالصواريخ.

عن "إسرائيل اليوم"