أكّد رئيس الهيئة المقدسية لمناهضة الهدم والتهجير، ناصر الهدمى، على أنَّ خطة "تسوية الحقوق العقارية" التي أطلقها الاحتلال الإسرائيلي في مدينة القدس المحتلة، تأتي في سياق استكمال سياسة العربدة والقرصنة التي تقوم بها بلدية الاحتلال من أجل تغيير الواقع الديمغرافي؛ كي يصبح المقدسيون أقلية ديمغرافية لا تُساهم في صناعة الصورة الحضارية بالقدس.
جوهر الخطة تقصي الثغرات
وقال الهدمي في حديثٍ خاص بوكالة "خبر" اليوم الأحد: "إنَّ الخطة ليست جديدة على الرغم من أنّه يتم تنشيطها وإخراجها للعلن في الأيام الأخيرة؛ حيث إنَّ بلدية الاحتلال قامت بتطوير الخطة في القدس تحديداً"، لافتًا إلى أنَّ الاحتلال يستخدم الخطة في احتلال المدينة.
وأوضح أنَّ جوهر الخطة يعتمد بالدرجة الأولى على المعلومات؛ بمعنى أنَّ الصندوق القومي اليهودي التابع للوكالة اليهودية يقوم بجمع المعلومات حول ملكيات العقارات والأراضي في القدس قبل قيام دولة الاحتلال "الإسرائيلي".
وأضاف: "هذه المعلومات لا تعني بالضرورة أنّها ملكيات يهودية، بقدر ما هي نقاط ضعف يمكن الاعتماد عليها في أملاك المقدسيين؛ بمعني أنَّ هذه المعلومات تُفيد بوجود العديد من العقارات التي يمتلكها المقدسيين ولا يملكون أوراق ثبوتية لها أو لم يتم تصحيح وإخراج المعلومات القانونية التي تثبت ملكيتها".
وأردف: "بالتالي تقوم الوكالة اليهودية باستغلال هذه المعلومات في التوجه للسيطرة على العقارات؛ مُدعيةً أنّه كان يملكها يهود أو أنَّ المقدسيون لا يملكون أوراق ثبوتية لها".
وبيّن أنَّ سلطات الاحتلال تستخدم كل الأساليب لتهويد المدينة وتغيير معالمها، وهذا أحد الأساليب الذي يُعبر عن قرصنة وعن سرقة لاستغلال معلومات لا تُفيد بالضرورة أنَّ اليهود يملكون عقارات؛ ولكنّها تُفيد بأنّ أصحاب العقارات لا يستطيعوا حمايتها كونهم لم يكملوا الإجراءات القانونية بالذات في القدس".
واعتبر أنَّ الاحتلال من خلال خطة "تسوية العقارات في القدس" يفتح جبهة جديدة على المقدسيين بهدف إرهاقهم والوصول لمرحلة لا يستطيعوا الإحاطة بكل الجبهات التي تُحيط بهم.
وحذَّر ائتلاف فلسطيني من أنَّ خطة "تسوية الحقوق العقارية" التي أطلقها الاحتلال في مدينة القدس المحتلة تهدف إلى إنكار العديد من الحقوق الفلسطينية في العقارات ووضع يد دولة الاحتلال عليها ومصادرتها بحجج عدم وجود إثباتات ملكية كافية أو إعادة تفعيل قانون حارس أملاك الغائبين.
وقال الائتلاف الأهلي لحقوق الفلسطينيين في القدس: "إنَّ هذه السياسية هي جزء لا يتجزأ من سياسات الاحتلال التي تُمارس ضد شعبنا في القدس والتي تهدف بمجملها إلى تهويد المدينة وتفريغها من سكانها".
وشرعت سلطات الاحتلال الإسرائيلي بتوجيه رسائل الى مواطنين في القدس الشرقية المحتلة لإعلامهم أنّه "في الفترة القريبة المقبلة سنبدأ بتسوية الأراضي في المدينة".
المناورة عنوان المرحلة لصالح التهويد
أما عن أسباب تعليق الاحتلال عمليات الإخلاء في حي الشيخ جراح، قال الهدمي: "إنَّ عمليات تعليق الإخلاء في الشيخ جراح، تأتي من أجل المناورة والحصول على وقت وظروف أفضل يتم بها تنفيذ عمليات التهجير"، مُشدّداً في ذات الوقت على أنّ عمليات الهدم تندرج في إطار التهويد؛ كنشاط أساسي للاحتلال في القدس.
وحذّر من إعطاء قرارات تأجيل الهدم في الشيخ جراح شعور بالأمن والأمان للمقدسيين، مُردفاً: "هي عبارة عن مناورة من محاكم الاحتلال التي ما هي إلا أذرع لسلطات الاحتلال في تنفيذ سياسة التهويد".
وبالحديث عن علاقة الخطة بتفعيل قانون حراس أملاك الغائبين، قال الهدمي: "إنّه يصب في نفس الاتجاه، باعتباره أسلوب آخر من أساليب السيطرة على أملاك الغائبين المقدسيين، استخدمه الاحتلال في فترات متعددة ولا زال قائماً"، مُوضحاً أنَّ القانون يعتمد على فقدان عدد كبير من أهل مدينة القدس الذين يملكون عقارات حق الإقامة في المدينة المقدسة واعتبارهم غائبين.
واستدرك: "بالتالي يُصبح من حق دولة الاحتلال الإسرائيلي أنّ تُسيطر على أملاكهم، والسيطرة على كل العقارات التي يتشارك بها أخوة وأبناء عم وأقارب".
وشدّد الهدمي، على أنَّ سياسية المناورة سيدة الموقف الآن، وأنّ استغلال الظروف والتغيرات الميدانية هي التي تُحدد متي وكيف تسير المخططات؛ مُضيفاً: "في النهاية علينا أنّ نعي أنّ موضوع التهويد "أولوية قصوى" لبلدية الاحتلال ولا يمكن تغييره بناء على اعتراضات ورغبات ومصالح المقدسيين".
تقوية الجبهة الداخلية للمقدسيين
وبشأن المطلوب من المقدسيين لإفشال خطة "تسوية الحقوق العقارية"، أوضح الهدمي، أنّ "المقدسيين وصلوا لمرحلة المعضلة؛في ظل عدم وجود قيادة تقوم بتوجيههم وتدرس الواقع الذي يمرون به وتحديد كيفية الرد على تلك الخطوات؛ الأمر الذي يفسر ردود أفعالهم العشوائية وغير المتكملة ليس في مسألة التهجير والبناء بل في كل مناحي حياتهم".
وختم الهدمي حديثه بالقول: "المقدسيون وصلوا لمرحلة الذوبان بسبب قوانيين الاحتلال؛ ولكن هناك حل يساعد في إبطاء سرعة الذوبان المبني على أساس الحفاظ على هويتهم وتقوية الجبهة الداخلية وتقوية العلاقات الاجتماعية والوطنية فيما بينهم".