أساس قيام دولة إسرائيل كدولة ديمقراطية آمنة للشعب اليهودي هو في تقسيم البلاد. فقد ورد في وثيقة الاستقلال: «في 29 تشرين الثاني اتخذت الجمعية العمومية للأمم المتحدة قرارا يلزم باقامة دولة يهودية في بلاد اسرائيل... اعتراف الامم المتحدة هذا بحق الشعب اليهودي في اقامة دولته غير قابل للمصادرة... بفضل حقنا الطبيعي والتاريخي وعلى اساس قرار الجمعية العمومية في الامم المتحدة فاننا نعلن بذلك عن اقامة دولة يهودية في بلاد اسرائيل، هي دولة اسرائيل». قبل سنة من ذلك، بالضبط قبل 68 سنة صوت اعضاء الامم المتحدة على اقتراح اللجنة الدولية لتقسيم بلاد اسرائيل غرب نهر الاردن الى دولتين، يهودية وعربية، واعلان القدس ومحيطها كأرض تحت الوصاية الدولية. كان في التاريخ السياسي لاسرائيل احزاب وزعماء حاولوا تجاهل هذه الحقيقة. نتائج حرب «الأيام الستة» هي التي تسببت بهذا التشويش، ولكن في اساس هوية الدولة كدولة يهودية، تقيم حكما يهوديا، لغة عبرية مهيمنة، رزنامة ورموز يهودية، تقف اولا وقبل كل شيء حقيقة أنه يمكن أن تتوفر في الدولة اغلبية يهودية واضحة. كما أن الدعم والاعتراف الدوليين بها ينبعان من ذلك. كما أن زعماء من الطرف اليميني في الخريطة السياسية توصلوا الى هذا الاعتراف المحتم. ولكن حكومة بنيامين نتنياهو، بخلاف تام لتصريحاته في صالح حل الدولتين، تعمل على سياسة تقوض الاساس الوجودي المذكور. ان التطلع الى توسيع الحدود الشرقية لاسرائيل، في ظل اقامة مستوطنات من اجل منع اقامة دولة فلسطينية الى جانب دولة اسرائيل، يتعارض والمبادئ التي على اساسها اقيمت الدولة، ويمس بجوهر الصهيونية: اقامة وطن قومي للشعب اليهودي. اضافة الى ذلك فان التطلع الى السيطرة في كل اراضي «بلاد اسرائيل» الغربية يعطي ريح اسناد لكل اعداء اسرائيل، الذين يحاولون التشكيك بحق وجود الدولة. والثمار الفجة بدأنا نتذوقها هذه الأيام، في شكل مقاطعات، وسم بضائع، قرارات من هيئات أكاديمية، BDS، مواجهات في الجامعات في ارجاء العالم وصراعات اعلامية، دبلوماسية، وسياسية، تفشل المرة تلو الأخرى. ان ابتعاد اسرائيل عن المبادئ التي أدت إلى اقامتها وعن قيمها الاساسية هو السبب لتآكل مكانة اسرائيل الدولية وشرعية وجودها. ولكن ليس بسبب هذا علينا أن نعمل، بل ببساطة لأن واقع الدولتين للشعبين جيد لاسرائيل ولأمنها القومي. ان السياسة التي تنتهجها حكومة اسرائيل الحالية تؤدي إلى ضياع هويتنا كدولة يهودية وديمقراطية بروح وثيقة الاستقلال. حكومة «تدير النزاع» (ولكن عمليا النزاع هو الذي يديرها) وتقدس الجمود السياسي لأنه ليس في نيتها تقديم التنازلات اللازمة، تدفن بكلتا يديها الرؤية الصهيونية وتؤدي إلى مصيبة الدولة ثنائية القومية. وحتى لو لم يكن ممكنا الان الوصول إلى اتفاق سلام مع جيراننا الفلسطينيين، وحبذا لو كان ممكنا، فان علينا أن نأخذ مصيرنا بأيدينا، بخطوات مستقلة، شجاعة ومخططة، للسعي إلى انفصال آمن عن الفلسطينيين – في صالحنا وتصميم حدودنا حسب ما هو صحيح لنا، حيث تحيط بدولة اسرائيل الآمنة، اليهودية، الديمقراطية، المزدهرة، والمستقلة.
عن «معاريف» *قادة حركة مستقبل أزرق – أبيض.