نشاطات الرئيس عباس السياسية وتغييب "تنفيذية المنظمة"..لما؟!

1625121147-434-3.jpg
حجم الخط

كتب حسن عصفور

 منذ إعلان قيام السلطة الفلسطينية 4 مايو 1994، وبعد دخول الرئيس الخالد المؤسس ياسر عرفات في الأول من يوليو 1994، وتشكيل مجلس وزراء للسلطة، كان حريصا جدا أن يكون عقد جلسات الحكومة بحضور أعضاء تنفيذية منظمة التحرير، رغم "احتجاج" بعض الوزراء الباحثين نقاش قضايا محددة بعملهم ونشاطهم "المهني"، ولكن تلك "الهمهمة" كانت تنتهي مع تأكيد الشهيد المؤسس، أن "التنفيذية" هي القيادة السياسية للسلطة ومرجعيتها بكل نشاطاتها.

وبالقياس، لم تخل يوما رحلة خارجية وزيارات رسمية وشبه رسمية للمؤسس الشهيد أبو عمار، من وجود عضو أو أكثر من "تنفيذية المنظمة"، تكريسا لمبدأ أن م ت ف "الممثل الشرعي والوحيد" للشعب الفلسطيني، وهي قائدة كفاحه ومسيرته بل وسلطته الوطنية الوليدة، مما عزز مكانتها في المحافل العربية والدولية، وترسخ معها الشعار الذي لم يغب سوى ما بعد رحيل الخالد شعار (P L O-  Israil NO).

منذ انتخاب الرئيس محمود عباس بدأت حركة تقليص حضور "تنفيذية المنظمة" في كل النشاطات التي يمارسها الرئيس، لقاءات أو نشاطات خارجية، زيارات او المشاركة في مؤتمرات، ولعل حضور الراحل صائب عريقات في كثير من نشاطات الرئيس كان يغطي على تلك الحقيقة، دون ان يلاحظ المتابع السياسي أن ذلك بصفته حاملا للملف التفاوضي وعضو مركزية فتح، وليس بصفته أمين سر تنفيذية المنظمة، وهو ما بدأ واضحا بعد وفاة صائب عريقات.

لعل غالبية نشاطات الرئيس عباس في العمل الخارجي (سواء لقاءات داخلية أو زيارات خارجية)، لا يشارك بها أي عضو من اللجنة التنفيذية للمنظمة، وكذلك من أعضاء مجلس الوزراء، وأختزل التمثيل بشخصيتين ثابتتين، وأحيانا وزير الخارجية، في ظاهرة سياسية ملفتة، ليس لاستبدال مجلس الوزراء وتغييب كل فعالية خارجية أو داخلية بمشاركة الرئيس، ولكن لتغييب مطلق لأعضاء التنفيذية، من أي نشاط رسمي بحضور الرئيس عباس.

المسألة ليست مظهر شكلي، كما تحاول بعض أوساط "موالي الرئيس" تبريرا لسلوك يكرس أن "المؤسسة الرسمية الفلسطينية"، لا تمثل حضورا حقيقيا في آلية تفكير الرئيس عباس، وبالتالي لا "قيمة لها" في صناعة الموقف العام، وتلك رسائل تصدر بشكل شبه يومي، عندما تغييب كليا عن أي دور وحضور في العمل المركزي للرئيس، مضافا لها، حالة "التهميش" الغريبة جدا لدور اللجنة واجتماعاتها، التي باتت وكأنها "مناسبة اجتماعية".

المثير للدهشة، ان ذلك "التغييب" و "التهميش"، يتوازى مع الحديث الذي لا يتوقف من (فتح – م7) حول ضرورة اعتراف حماس والجهاد بالمنظمة ممثلا شرعيا وحيدا، فيما رئيسها لا يعترف بها "عمليا"، وبلا دورها أو مكانتها سوى فيما ندر.

ويمثل ذلك "التغييب" و"التهميش" خطيئة سياسية كبرى ولا يمكن التعامل معها، باعتبارها "سقطت سهوا"، كونها ظاهرة متواصلة منذ انتخاب الرئيس عباس وتكرست نهائيا بعد وفاة عريقات، ما يتطلب "حراكا" من فصائل منظمة التحرير، ومنها حركة فتح، لإعادة الاعتبار لمنظمة التحرير دورا ومكانة وقرارا، ووقف مصادرتها ومصادرة حضورها، فذلك يمثل "هدايا سياسية" ليس لـ "خصوم" المنظمة، بل لعدوها القومي، الذي لم يعد يعترف بها كليا، رغم أن ثمن الاعتراف بها كان اعترافا بالكيان.

مسألة تغييب منظمة التحرير سياسية بامتياز، ولا يجب أن تستمر لو أن الأمر "خطأ سياسي"، وليس "تدبير سياسي" لإنهاك المنظمة، وتسطيح الدور والمكانة لـ "غاية في نفس يعقوب"...!

ملاحظة: كم هو "محزن جدا" أن يكون الرئيس محمود عباس على بعد "رمية حجر" من منزل عائلة القائد التاريخي أبو إياد ولا يجد وقتا لزيارتهم "مواسيا" وليس "معزيا" في رحيل أم إياد..ولكنه وجد وقت فسيحا لحفلات "تكريم"...التمثيل الوطني مش "منصب"!

تنويه خاص: غاب مفكر فلسطيني وكاتب وأكاديمي كبير ، د. شفيق الغبرا..بعيدا عن عمق الوعي فحضوره الإنساني أي كان زمن اللقاء كان كبيرا..سلاما يا شفيق سلاما لكل من ترك أثرا طيبا علما أو فعلا إنسانيا فهو لا يموت!