معادلة.. بين سيف القدس وسيف ابي تمام

حجم الخط

بقلم : حمدي فراج

 

“سيف القدس” الاسم الذي أطلقته حركة حماس وبقية فصائل المقاومة على قصف عمق الكيان نهاية نيسان الماضي لنصرة سكان حي الشيخ جراح ، بعدها قال رئيس المكتب السياسي للحركة ان ما قبلها ليس كما بعدها ، ثم تطور الى : سيف القدس لن يغمد ، وحملت شاشة حماس الفضائية الرسمية هذا الشعار على مدار الساعة ، حتى هذه الساعة ، وها هي قد مرت اربعة اشهر على العملية ، توحشت فيها اسرائيل ضد الشعب وارضه ، ناهيك عن الوحشية المفرطة التي قصفت فيها غزة ، في انتظار الاعمار الذي لم يبدأ بعد ، ناهيك عن حملاتها الامنية والشرطية ضد جماهير الشعب في الداخل التي طالت المئات بالاعتقال والتحقيق والتعذيب.
لم يفهم أحد من شعار “ما قبلها وما بعدها” ان كل ممارسة اسرائيلية ضد الشعب الفلسطيني سيتم الرد عليها بالصواريخ ، فهذه مسألة تحتاج الى مزيد من الوقت لكي تستطيع المقاومة تعويض خسائرها العتادية في ظل حصار اسرائيلي عربي محكم ، طال حياة ثلاثة اشخاص بالغاز السام في احد الانفاق مؤخرا “قتلا أخويا” .
زيارتان قامت بهما قيادة حماس ، أفسدتا سيف القدس وما بعدها ، الاولى للمغرب التي لم يجف حبر توقيعها الاعتراف باسرائيل والتطبيع معها ، والثانية للاردن التي مضى على اعترافها العلني بالكيان عشرات السنين دون ان تتقدم القضية الفلسطينية أنملا واحدا . سيقولون ذهبوا لتشييع مجاهد اخواني ، لكنهم لم يفعلوا مع المجاهد محمد مرسي الذي انتخب رئيسا ، وبعدها زج به في السجن ولفظ انفاسه الاخيرة فيه .
هل عمدت سيف القدس الى اقامة صرح الوحدة الوطنية ؟ هل فرملت اندفاعة السلطة نحو مشوار اوسلو الذي يبدو انه لن ينتهي ، بل يتجدد في نسخة جديدة ؟ . ماذا سنسمي اتصال هنية بطالبان مهنئا في “تحرير” افغانستان بالاتفاق مع الامريكان ، ما لم يفعله هنية مع سوريا ، وهل كان سيتردد لو ان “طالبان سوريا” (أمس او غدا) أطاحت بالنظام الوطني السوري في ان يرفع سماعة الهاتف فيهنؤها بنصرها الرباني . ماذا ستصدّر غزة بعد خمسين سنة للعالم أكثر ما صدرته افغانستان ، ارهاب افيون برقع ؟
سيف القدس تتطلب فيما بعدها ، الصدق مع الذات مقدمة للصدق مع الاخرين ، محاربة الارهاب بغض النظر عن دينه ، وقف التذيل للأنظمة العميلة التي تتذيل للاحتلال أن يمنحنا حقوقنا ، حرية الناس في اختيار معتقداتها والتعبير عنها . إخراج الصراع مع الاحتلال من برقع الدين الذي وصل ببعضنا تحويله الى تنسيق مقدس . فهل هذا ما نراه في فلسطيننا بعد سيف القدس ؟
عارض شاعر يمني الشاعر الكبير ابو تمام في بائيته الخالدة ومطلعها : السيف أصدق إنباء من الكتب ، يقول فيها : مـا أصدق السيف إن لم ينضه الكذب * وأكـذب السيف إن لم يصدق الغضب / وأقـبح الـنصر… نصر الأقوياء بلا فهم.. سوى فهم كم باعوا… وكم كسبوا/ مـاذا تـرى يـا (أبا تمام) هل كذبت أحـسابنا؟ أو تـناسى عـرقه الذهب؟/ يـكـفيك أن عـدانـا أهـدروا دمـنا * ونـحن مـن دمـنا نـحسو ونـحتلب / ألا تـرى يـا أبـا تـمام بـارقنا * إن الـسماء تـرجى حـين تحتجب .