وحاولت عدم اغتيالهم

تحليل: لماذا فضّلت "إسرائيل" اعتقال أسرى نفق الحرية أحياء؟

نفق-سجن-جلبوع
حجم الخط

رام الله - خاص وكالة خبر - مي أبو حسنين

بخطة أسطورية تمكن الأخوين محمود ومحمد العارضة وزكريا الزبيدي ويعقوب قادري ومناضل انفيعات وأيهم كممجي، من استنفار المنظومة الأمنية "الإسرائيلية" بعد انتزاع حريتهم من سجن "جلبوع" الاحتلالي الأسبوع الماضي، حيث تمكنت دولة الاحتلال مؤخراً من اعتقال الأخوين العارضة والقادري والزبيدي، بعد ستة أيام من البحث المكثف، بينما لا تزال كلاب أثر الاحتلال تُواصل بحثها عن مناضل وأيهم دون جدوى حتى اللحظة.

الهروب العظيم والعبور الكبير، فجر السادس من سبتمبر، أعاد بث الروح الوطنية وتوحيد الفلسطينيين من جديد، وأعاد القضية الفلسطينية على صدارة الاهتمام الإقليمي والدولي وكشف هشاشة منظومة الاحتلال، الأمر الذي يُفسر خطوات "إسرائيل" الانتقامية بحق الأسرى في كافة السجون؛ وهو الأمر الذي دفع الحركة الأسيرة لإعلان التمرد الشامل وفقًا لبيانٍ أصدرته في الثامن من سبتمبر الحالي.

لكن "إسرائيل" التي تمرست على عمليات الإعدام بدم بارد لكل من تعتبره خطرًا وفقًا لادعاءاتها، كانت حذرة في عمليات إعادة الاعتقال، وفضلت اعتقالهم أحياء، الأمر الذي أثار علامات استفهام حول أهداف دولة الاحتلال من هذه الخطوة؟.

ضرب رموز الحرية

المختص في شؤون الأسرى، عبد الناصر فروانة، قال: "إنَّ إعادة اعتقال أربعة أسرى ممن انتزعوا حريتهم لا يُقلل من حجم الانتصار والمعجزة التي حققها هؤلاء، وإعادة الاعتقال أمر وارد في كل عمليات الهروب حول العالم".

وأكّد فروانة في حديثٍ خاص بوكالة "خبر"، على أنَّ دولة الاحتلال لا تُريد اغتيال هؤلاء الأسرى؛ كي لا يتحولوا إلى رموز حرية، مُشيراً إلى أنَّ الاحتلال يُريد اعتقالهم من أجل الحصول على معلومات كافية وشاملة حول آليات وشكل الهروب ومعرفة الثغرات التي ساعدتهم في العملية؛ لتجنبها في المرات القادمة.

وبيّن أنَّ الاحتلال يُريد تقديمهم بصورة المهزوم لكسر إرادة شعبنا الذي احتفى بنصرهم، وهو الأمر الذي ظهر بعمليات الضرب والإجرام الممارس بحقهم أثناء إعادة اعتقالهم.

كما حذّر فروانة، من تداول الصور التي يبثها الاحتلال للأسرى المُعاد اعتقالهم، والتي تهدف لضرب الروح المعنوية والصورة النموذجية الرائعة التي سطرها الأسرى الستة.

انفجار السجون

وبالحديث عن مستقبل الأسرى في سجون الاحتلال في ضوء الإجراءات الانتقامية ضدهم بعد هروب أبطال نفق الحرية، قال فروانة: "إنَّ الأوضاع في السجون متوترة ومشتعلة، حيث تشن إسرائيل حرب شرسة ضدهم، وفي مقابل ذلك يوجد حراك للأسرى قد يؤدي لاتخاذ خطوات أكثر تصعيداً من قبل الحركة الأسيرة للرد على إدارة السجون".

وأضاف: "هذه الخطوات ومستواها وحجمها وشكلها ومضمونها مرتبط بالمرحلة المقبلة وكيفية تعاطي إدارة السجون مع الأحداث ومطالب الأسرى"، مُشدًداً على أنَّ الأمور خاضعة للمتغيرات خلال الأسبوع القادم.

وتوقع أنّ تتجه الأوضاع في السجون نحو الانفجار واستمرار العمليات الفردية، وربما تذهب إلى انتفاض بعض الأقسام والتنظيمات أو بمشاركة بعض المجموعات؛ لكنّ التوجه العام أنّه من الضروري البحث عن خطوات للرد على هذه الممارسات القمعية التي لجأت لها إدارة السجون.

وطالب أسرى حركة فتح في سجون الاحتلال الإسرائيلي، مساء يوم السبت، الرئيس الفلسطيني محمود عباس، بإسنادهم ودعمهم في معركتهم للدفاع عن حقوقهم بالاتفاق مع باقي الأسرى الفلسطينيين، مُشيرين إلى أنَّ إدارة مصلحة السجون تُريد تحميلهم مسؤولية فشلها في جلبوع وتكسر إرادة كافة الأسرى.

وقالوا في بيانٍ لهم: "بالاتفاق مع كافة الفصائل سوف نشرع بإضرابٍ مفتوح عن الطعام اعتباراً من يوم الجمعة 17/9/2021، وسوف تكون كل دفعة بالمئات، وعند الوصول لليوم العاشر ستشرع قيادة الإضراب بالإضراب عن الماء، وبعد خروج الدفعة الأولى من السجون، يتم حل التنظيم في كافة السجون".

وتابع البيان: "قادتنا المحترمين، نحن لم نكن نسعى لذلك ولكن هذه المعركة فُرضت علينا ونحن لها بإذن الله، نتمنى منكم إسنادنا ودعمنا بكل الوسائل والوقوف بجانبنا بمعركة الدفاع عن الحق".

منع اشتعال انتفاضة ثالثة في الضفة

من جهته، رأى المختص في الشأن الإسرائيلي، عليان الهندي، أنَّ "عدم ذهاب الاحتلال لقتل الأسرى الهاربين، كان عن قصد؛ لاعتبارين الأول هو أنّه يُريد معرفة الطريقة التي تمت بها عملية الفرار؛ وذلك بسبب وجود شكوك بتعاون داخلي من ضباط الشرطة، لكنّه ليس السبب الرئيسي".

واستدرك عليان، في حديثٍ خاص بوكالة "خبر": "إنَّ الهدف الأساسي، هو أنَّ الساحة الفلسطينية في الضفة استمدت نوع من القوة والتشجيع  قد تؤدي لنوع من الانتفاضة بالضفة والقدس والداخل"، مُضيفاً: "تحليلات الاحتلال تقول إنَّ قتل الأسرى سيؤدي إلى اشتعال الضفة الغربية، وبالتالي سيكون هناك ضغوطات دولية على إسرائيل من أجل العودة لمسار المفاوضات والمسيرة السلمية".

أما عن التوقعات "الإسرائيلية" باستمرار التصعيد في الضفة رغم اعتقال أربعة من الأسرى، قال الهندي: "إنَّ عمليات القتل في الضفة مستمرة ولكن بالتقسيط وبأرقام فلكية وفقًا للمعايير الدولية، على العكس من غزة التي تجري بها عمليات القتل والتدمير بشكل مركز وبالجملة، الأمر الذي يؤكد أنّه لا قيمة لحياة الفلسطيني".

وفي آخر تطورات قضية أسرى نفق الحرية، ذكرت قناة "ريشت كان" العبرية، اليوم الأحد، أنَّ إدارة مصلحة السجون "الإسرائيلية" ستنقل الأسير زكريا الزبيدي إلى مستشفى رمبام في حيفا لتلقي العلاج.

ولم تذكر القناة، أيّ تفاصيل أخرى حول الوضع الصحي للأسير الزبيدي الذي أُعيد اعتقاله فجر أمس، قرب الناصرة بعد نجاحه بانتزاع حريته من سجن جلبوع.

وذكرت إذاعة "كان" العبرية، صباح اليوم الأحد، أنَّ وزراء الحكومة "الإسرائيلية" سيُطالبون خلال جلسة حكومتهم اليوم، بتشديد أوضاع الأسرى الفلسطينيين داخل السجون.

وبحسب الإذاعة، فإنَّ الوزراء يعتزمون مطالبة لجنة التحقيق التي تفحص فشل منع الأسرى من الهروب من “جلبوع”، بمعالجة القضية الحساسة التي تتعلق بظروف حياة الأسرى وتشديد الإجراءات ضدهم.