قررت إدارة جامعة بيرزيت قبل أيام تعطيل الدراسة وإغلاق الجامعة أمام الطلاب والعاملين، والسبب المعلن هو احتمال تلوث المياه التي يتم استعمالها داخل الجامعة، وبالأخص مياه الشرب، ونحن نعرف أن أكثر من 15 ألف شخص من الطلاب والأساتذة والموظفين يدخلون حرم الجامعة بشكل يومي، وبالتالي من المتوقع أن يستخدموا المياه المتواجدة داخل الجامعة بشكل أو آخر، وما لذلك من تداعيات صحية قد تكون خطيرة.
ورغم أنه لا توجد توضيحات رسمية من إدارة الجامعة حتى الآن حول أسباب ونوعية التلوث، أو حول المدة الزمنية التي كانت المياه خلالها ملوثة، وبالتالي فترة الاستخدام والتبعات المحتملة لذلك، وربما بانتظار نتائج الفحوصات المخبرية النهائية للمياه، ولكن وحسب بيانات أو معلومات غير رسمية، وبالأخص من نقابة العاملين في الجامعة، يتضح أن التلوث كان من مصدر المياه الأساسي.
ومن المعروف أن مصادر المياه تتلوث بأشكال مختلفة من الملوثات، سواء أكانت مصادر مياه سطحية أو جوفية، ومن المعروف أن الغالبية العظمى لمصادر المياه في بلادنا هي مصادر جوفية، أي خزانات طبيعية تحت الأرض، ومثلاً هناك التلوث الكيميائي، أي وصول المواد الكيميائية المتنوعة إلى مصادر المياه. وعلى ذكر ذلك، فقد أدى القصف الإسرائيلي خلال أيام العدوان الأخير على قطاع غزة، لمخازن زراعية في شمال القطاع، إلى تسرب مئات الأطنان من المواد الكيميائية المستخدمة في الزراعة إلى التربة المحيطة، ومن ثم احتمال وصولها إلى مصادر المياه الجوفية، وهذه المواد الكيميائية هي أسمدة ومبيدات ومواد بلاستيكية قد تتحلل إلى مواد كيميائية أخرى، وما لذلك من آثار بعيدة المدى.
فالتلوث الكيميائي للمياه وبالأخص الجوفية، مصادره متعددة ومتنوعة، وتتراوح من تلك الناتجة من فضلات المصانع أو المواد الكيميائية الناتجة عن الاستخدام الزراعي للمبيدات والأسمدة، وكذلك استخدام المواد الكيميائية في مجال الثروة الحيوانية، حيث يؤدي تراكم هذه المخلفات بالبيئة المحيطة بتلك النشاطات ومن ثم نزولها إلى طبقات التربة الدنيا وبالتالي المياه الجوفية، إلى احتمالات انتقالها إلى مواد أكثر سميّة وخطورة على صحة الإنسان حين تستخدم المياه للشرب، وكذلك تأثيرها السلبي على المزروعات حين تستخدم في الري.
ومن المعروف أن هناك معايير ومواصفات عالمية محددة لاستخدام المياه سواء للشرب أو للاستخدامات الأخرى، وهذه المعايير سواء أكانت من منظمة الصحة العالمية أو من وكالة حماية البيئة الأميركية مثلاً، تحدد نوعية وتراكيز بعض المعادن مثل الرصاص والنحاس والكادميوم والزرنيخ، التي إن زادت عن الحد الأقصى المسموح به، يمكن أن تؤدي إلى أضرار قصيرة المدى مثل التأثير على عمل الكلى أو على الجهاز العصبي أو الهضمي أو التنفسي، أو آثار بعيدة المدى، تظهر بعد فترة على شكل أمراض مزمنة.
وبالإضافة إلى المعادن، فإن المياه يمكن أن تحوي على تراكيز أعلى من المسموح بها من مواد كيميائية غير عضوية أو من الأملاح مثل الكلوريد والفلوريد والنيترات والفوسفات وغيرها، فتراكم أملاح النيترات والفوسفات في المياه، كما هو الوضع في قطاع غزة الآن، بسبب تسرب الأسمدة ومياه الصرف الصحي إلى المياه الجوفية، واحتمالات انتقالها إلى مواد أكثر سميّة وخطورة على صحة الإنسان حين تستخدم المياه للشرب، مثل تأثير الفلوريد على الأسنان، أو التأثير السام لمادة النيترات خاصة على الأجنة والأطفال.
وبالإضافة إلى التلوث الكيميائي، فقد تتلوث المياه بيولوجياً نتيجة وصول مياه شبكات المجاري إليها، أو حتى تراكم الحشرات في الخزانات والآبار المفتوحة، وقد تحتوى هذه الملوثات بكتيريا وفيروسات مرضية تهدد حياة البشر، فهناك أمراض محمولة بالمياه الملوثة مثل التيفوئيد والدزنتاريا والتهاب الكبد وغيرها.
ومع تكرار ظواهر تلوث المياه في بلادنا، من المفترض أن يتم إجراء فحوصات روتينية لعينات من المياه، سواء أكانت للاستخدام البشري أو لاستخدامات أخرى، وبأن تشمل الفحوصات تحديد نوعية وتركيز مواد كيميائية مثل بعض المعادن والأملاح، ومواد عضوية ومبيدات كيميائية يمكن أن تكون وصلت إليها كملوثات صناعية أو زراعية أو منزلية.
وكذلك إجراء الفحوصات لاحتمال وجود ملوثات بيولوجية من بكتيريا وفيروسات نتيجة وصول المياه العادمة أو النفايات إلى شبكة المياه، وبأن يتم الحصول على عينات من المياه من مواقع مختلفة خلال عملية تزويد المستهلك بها، أي من المصدر الأساسي وهو البئر أو البئر الجوفي، ومن الخزانات، ومن شبكة التوزيع، ومن النقطة النهائية للتوزيع، أي من داخل البيت أو من داخل المنشأة التي سوف يتم استخدام المياه فيها، وبأن يتم إجراء فحوصات بيولوجية وكذلك كيميائية روتينية.
"حماس" تدعو السلطة وقيادتها إلى إنهاء ظواهر الاعتقال السياسي
05 أكتوبر 2023