الارتفاعات سببها جائحة كورونا

تحليل: مطلع العام المقبل سيشهد استقراراً عالمياً في أسعار السلع باستثناء النفط

ارتفاع أسعار السلع عالمياً
حجم الخط

غزة - خاص وكالة خبر - مي أبو حسنين

يمر العالم بأزمة شديدة في سلاسل التوريد مع ارتفاع أسعار الطاقة بشكلٍ كبير؛ لكن ذلك لا يعني أنَّ الاقتصاد العالمي يُعاني من ركود بل من فرط نشاط مع تعثر كبير في التوريد، وفق وصف أحد خبراء لحالة الاقتصاد العالمي في الوقت الراهن.

وتشهد فلسطين في الوقت الراهن ارتفاعاً على أسعار السلع الأساسية كـ"السكر والبقوليات والزيت وغيرها من المواد التموينية"، الأمر الذي دفع المواطنين لتبادل أطراف الحديث بتذمر حول الارتفاعات المتتالية وأسبابها؛ خاصةً مع ارتفاع معدلات البطالة في قطاع غزّة لأكثر من 60% والفقر فوق مستوى 46%.

ويطرح ما سبق تساؤلات حول أسباب هذا الارتفاع وإنّ كان مرتبطاً بجائحة كورونا من عدمه، والسقف الزمني المتوقع لهذا الارتفاع، بالإضافة إلى بحث إمكانية استقرار الأسعار تلقائياً أم أنّها بحاجة لتدخل اقتصاديات الدول الكبرى؟.

العرض أقل من الطلب

الخبير الاقتصادي، نصر عبد الكريم، قال: "إنّه في أعقاب التعافي الجزئي للاقتصاد العالمي من جائحة كورنا، بدأت دورة الإنتاج والاستهلاك بالعودة إلى طبيعتها في غالبية دول العالم".

وأضاف عبد الكريم، في حديثٍ خاص بوكالة "خبر": "الطلب أصبح أكبر من العرض، وعليه ارتفعت الأسعار بسبب تنامي الطلب وعدم تنامي الإنتاج بنفس الوتيرة، وكذلك ارتفعت تكاليف الشحن بسبب الطلب المرتفع على الشحن، عدا عن مصاريف الوقود في ظل الارتفاع العالمي بأسعار النفط"، مُشيراً إلى ارتفاع أسعار التأمين بسبب مخاطر العملية الإنتاجية.

وتابع: "كل ما سبق أدى إلى ارتفاع تكاليف السلع النهائية الاستهلاكية أو مدخلات الإنتاج التي، يؤثر ازدياد سعرها بشكل طبيعي على المنتج النهائي الذي يُباع للمستهلك".

الانفراجة مع بداية العام القادم

وبالحديث عن السقف الزمني المتوقع لارتفاع أسعار السلع الأساسية، أوضح عبد الكريم، أنّه ليس من المتوقع طول أمد ارتفاع الأسعار الحالي، وذلك بسبب ضرورة حدوث التوازن في السوق؛ على اعتبار أنَّ الإنتاج سيزداد وفي المقابل فإنَّ الطلب سيكون نموه أقل من الإنتاج.

وأردف: "إذا اختفت جائحة كورونا، ولم تعد هناك مخاوف جدية منها، وعادت الحركة الاقتصادية إلى طبيعتها، فمن الممكن أنّ نشهد انخفاضاً في أسعار السلع، أيّ إعادة تصحيح الأسعار واستقرارها، باستثناء بعض السلع مثل النفط كونه سلعة ضرورية في الإنتاج".

وتوقع ارتفاع الطلب على النفط في حال تعافي الاقتصاد العالمي، خاصةً مع السقوف التي وضعتها "أوبك" -الدول المنتجة والمصدرة للنفط- لإنتاج آبارها، مُردفاً: "مع السقوف التي وضعتها أوبك، ومع تزايد الطلب فمن المتوقع استمرار ارتفاع أسعار النفط؛ مع استقرار أسعار باقي السلع مطلع العام المقبل".

الاقتصاد الفلسطيني يُعاني من عدم كفاءة السوق

وبيّن عبد الكريم، على أنَّ القفزات السعرية تختلف من اقتصاد لآخر؛ كما يختلف أيضاً منسوب الكفاءة في السوق؛ مُشيرًا إلى أنّ الفلسطينيين يُعانون من قلة كفاءة؛ بمعنى أنّ الأسعار "غير مرنة"، وبالتالي في حال ارتفاع الأسعار يتم الاستجابة له؛ لكن في حال انخفاض الأسعار يستغرق ذلك وقتاً أطول.

واستدرك: "أيضاً يوجد ظواهر احتكارية في فلسطين؛ بسبب عدم وجود كفاءة في السوق، وبالتالي كبار التجارمن المُصدرين والمُصنعين أكثر تحكماً في الأسعار؛ لذلك يجب الانتباه إلى أنّ فلسطين لا يُقابلها تاريخياً انخفاض في الأسعار بقدر ارتفاعها كبقية دول العالم".

وأكمل: "باستثناء أسعار النفط فهي مرنة؛ لأنّنا لسنا نحن من نُحدد سعره؛ بل دولة الاحتلال الإسرائيلي، وبالتالي يتم الاستجابة للارتفاع والانخفاض بخلاف أسعار باقي السلع التي نتحكم بأسعارها".

أما عن ارتباط الاقتصاد الفلسطيني بالشيقل "الإسرائيلي"، في التخفيف من ارتفاع الأسعار، قال عبد الكريم: "إذا كانت عملة الشيقل قوية، يعني أنَّ شراء برميل النفط على سبيل المثال بـ80 دولار يُقابلها 340 بعملة الشيقل، لكن في حال ضعف الشيكل سيُدفع 400 شيقل".

وأشار إلى أنّه من المفترض أنّ تخدم قوة الشيقل المستهلك، وتؤدي إلى انخفاض أسعار السلع المستوردة وحتى المُنتجة محليًا؛ لهذا فإنَّ السبب في قوة أيّ اقتصاد في العالم يعني أنَّ عملتها قوية، وبالتالي انخفاض أسعار السلع تلقائياً.

فلسطين من أقل الدول تأثرًا بارتفاع الأسعار

من جهته، اتفق الخبير في الشأن الاقتصادي، أنور أبو الرب، مع سابقه، في أنَّ ارتفاع أسعار السلع الأساسية الذي يشهده العالم وكذلك فلسطين، سببه جائحة كورنا وتأثيرها على الاقتصاد العالمي، لافتاً إلى أنّها أدت لارتفاع معظم مدخلات العملية الإنتاجية، حيث أصبح المُنتج يُعاني بشكلٍ عام من ارتفاع أسعار النقل.

وقال أبو الرب، في حديثٍ خاص بوكالة "خبر": "إنَّ ارتفاع أسعار النقل أدى لارتفاع مدخلات العملية الإنتاجية، الأمر الذي أدى لارتفاع الأسعار ومازال هناك بعض المحتكرين لبعض السلع الأساسية وبخاصة الحديد والأخشاب وإلخ".

واستدرك: "إنَّ ارتفاع أسعار المحروقات عالميًا، أدى لارتفاع أسعار السلع في العالم بشكلٍ عام، ونحن في فلسطين شعرنا أقل من دول أخرى بذلك، نتيجة ارتفاع سعر صرف الشيقل الإسرائيلي؛ ولكن الأسعار في العالم شهدت ارتفاعاً أكبر بسبب انهيار بعض الشركات ونتيجة ارتفاع دخول السلع الأساسية التي تُستخدم في العمليات الإنتاجية، خاصةً النقل وشركات النقل والحاويات".

كما رجَّح استمرار ارتفاع الأسعار حتى نهاية العام الحالي، لكن بعد نهاية هذا العام سيجري تعديل الأسعار عالمياً، مُوضحاً أنَّ انخفاض الأسعار سينتج بسبب تنظيم السوق نفسه، لأنَّ العملية الإنتاجية عادت إلى طبيعتها، بعد انتهاء جائحة كورنا، وبالتالي العملية الإنتاجية في كل دول العالم، عادت لما كانت عليه، وستعاود الأسعار للاستقرار مع بداية العام القادم.

وأكّد أبو الرب، على أنَّ معظم الدول العالم تدخلت لمساعدة الطبقة الفقيرة بالشؤون الاجتماعية، ولكنّ في فلسطين لم يتم ذلك نظراً لشح الموارد الاقتصادية التي تمتلكها السلطة الفلسطينية، مُتوقعاً عودة السوق لتنظيم نفسه مع بداية العام المقبل.