معاريف : لماذا تجريم منظمات حقوق الإنسان؟

ران-ادليست.jpeg
حجم الخط

بقلم: ران أدليست

 


ما الذي فكر به بالضبط  بيني غانتس بينه وبين نفسه عندما صادق على الإعلان عن ست منظمات حقوق إنسان كمنظمات إرهابية؟ هو لم يفكر. عمل تلقائيا. رئيس الشباك أوصى، وغانتس استجاب. بعد نشر الأمر، في رد فعلي غريزي فوري قلت في البرنامج الإذاعي لشارون غال انه الى أن افهم تسلسل البراهين لإغلاق المنظمات فهذه من ناحيتي مناورة سياسية وليست أمنية. وقلت أيضا اني افترض ان امراً لن يغير من ناحية سلوك المنظمات ومؤيديها في العالم ومن ستكون عرضة للنقد هي دولة إسرائيل. في البرنامج (نضحك أساساً) لم يكن ممكناً التوسع، وبالتالي فهنا المكان للإيضاح بان إعلان غانتس قانوني تماماً. الى جانب وزير الدفاع تعمل "لجنة استشارية" (ليست كلها متشكلة من رجال امن)، وحسب قانون منع الارهاب يمكن الاعلان عن منظمة حقوق انسان كمنظمة ارهابية "حين يثبت انها تساعد على مدى زمن منظمة ارهابية، ترتبط بها او تعمل من قبلها، حتى عندما تكون هذه المنظمة تقوم بأعمال إنسانية مدنية".
ليس لي أي فكرة عما يحصل حقاً في هذه المنظمات. لدي فكرة كيف تأخذ صورتها كل محاولة لعرضها كمنظمات إرهابية ومنع نشاطها كمناورة أخرى في التنكيل بجمهور عديم الوسيلة وهي تمس بقدرة إسرائيل على أن تعالج – دبلوماسياً وإعلامياً – الإرهاب الحقيقي. فالناس والدول يقولون: اذا كانت منظمات حقوق إنسان هي الإرهاب الذي تقاتلون ضده، فلعله يمكن التساؤل فيما اذا كان ايضا باقي "الارهاب" في غزة، في الضفة وفي لبنان الذي تقاتلون ضده هو نوع من التلاعب. ناهيك عن أنه بين الدافعين الى الاعلان عن منظمات الحقوق كارهابيين كانت محافل مدنية جاءت مباشرة من الصهيونية الدينية – القومية (NGO مونيتر).
في هذه الاثناء ارسل الى الولايات المتحدة رجل الشاباك مع الاثباتات التي امتنع غانتس اطلاع وزراء حكومته عليها. واضح انه غداة لقاء مندوب الشاباك ستنقل المواد الى الفلسطينيين، وهم على ما يبدو سينقلونها الى نيتسان هوروفيتس وميراف ميخائيلي عبر وسائل الإعلام. اغلب الظن، سيكون الرد الأميركي هو أيضا في المستوى الإعلاني: فتح القنصلية في القدس (في واشنطن أيضا ينتظرون إقرار الميزانية في إسرائيل وأساساً عودة إيران الى مباحثات الاتفاق النووي). ما لن يمنع المعارضة من أن تدعي بان كل إنجازات ترامب ونتنياهو ضاعت هباء، وحدوث هذا كله خير.
في هذه الأثناء، لم تنشر بعد تفاصيل تسمح للإنسان العادي ان يقرر أين يختبئ الإرهاب في تلك المنظمات. هل ينبع القرار من غباء ذي نزعة قوة او من خوف غير عقلاني اصله في رسم شياطين على الحائط. ان المنطق من خلف إلصاق شارة الإرهاب هو في اغلب الظن الضرر الدولي الذي تلحقه تلك المنظمات بسياسة حكومة إسرائيل. هذا الضرر اكبر من انتفاضة إجرامية، والتي بالمناسبة تخدم مباشرة سياسة الحكومة. تعمل هذه المنظمات في المجال الدولي وهي تشرح عملها وطلبها للمساعدة من خلال ضخ مواد قاسية تعنى بواقع الاحتلال. لهذه المواد توجد قوة عاطفية وهي تستغلها الـ BDS والدول التي تريد حل الدولتين. والآن لا يتبقى الا أن نكتشف ماذا تريد حكومة إسرائيل.   
عن "معاريف"