يبدو أن الوضع الاقتصادي التركي لن يشهد أي تحسن في الفترة القادمة بعد تخطي سعر صرف الليرة 9.60 أمام الدولار الأميركي عقب إعلان البنك المركزي التركي خفض أسعار الفائدة، وكذلك بيانات البنك برفع توقعاته لمعدل التضخم بنهاية 2021 إلى 18.4 بالمئة.
وفي ظل هذه الأوضاع الصعبة، أدرجت الأسبوع الماضي، مجموعة العمل المالي (فاتف)، وهى هيئة رقابية دولية، تركيا على ما تعرف باسم "القائمة الرمادية" لتقاعسها عن التصدي لغسيل الأموال وتمويل الإرهاب، في قرار قد يؤدي إلى تراجع الاستثمارات الأجنبية بصورة أكبر.
هجوم حكومي
وقالت وزارة الخارجية التركية إن "إدراج بلادنا على اللائحة الرمادية قرار غير عادل"، لافتة إلى جهود تركيا في مكافحة الجرائم المالية.
بينما قال رئيس مجموعة العمل المالي، ماركوس بليير، في مؤتمر صحفي، إنه يتعين على تركيا معالجة "مشكلات إشراف خطيرة" على القطاعين المصرفي والعقاري وعلى تجار الذهب والأحجار الكريمة في تركيا.
وأضاف: "على تركيا أن تثبت تصديها بفاعلية لقضايا غسيل أموال معقدة وأن تثبت تعقبها عمليات التمويل الإرهابية بالملاحقة القضائية.. وأن تضع في أولويتها قضايا تتعلق بمنظمات صنفتها الأمم المتحدة على أنها إرهابية مثل داعش والقاعدة".
وخلص بحث لصندوق النقد الدولي هذا العام إلى أن الإدراج في تلك القائمة يقلل تدفق رؤوس الأموال بنحو 7.6 بالمئة من الناتج الإجمالي المحلي، كما يؤثر سلبا على تدفق الاستثمارات الأجنبية المباشرة.
أكشنر تؤكد
تأكيد هذه الاتهامات أتت تحت قبة البرلمان التركي، في كلمة أدلت بها رئيسة حزب الخير ميرال أكشنر، وهو حزب قومي معارض، التي قالت إن الحكومة ستتعامل مع إدراج البلاد في القائمة الرمادية بطريقتها المعتادة وهي أن الأمر مؤامرة خارجية على تركيا من أجل التهرب من المسؤولية.
وأضافت أكشنر في كلمتها، الخميس، التي تابعها ، أنه يجب أن نجيب على هذا السؤال "هل يوجد غسيل أموال في تركيا؟ نعم يوجد غسيل أموال في تركيا، والأمر الأكثر كارثية أن غسيل الأموال هذا يقوم به مسؤولون في الحكومة الحالية".
وتابعت أنه يمكن لأي شخص أن يقوم بغسيل الأموال بسهولة من خلال التقدم بطلب مراجعة سلامة الأصول والقيام بدفع عمولة 1 بالمئة على هذه الأصول دون التطرق إلى مصدر هذه الأموال وبالتالي يصبح الأمر قانونيا.
ازياداد المعاناة
المحلل التركي جودت كامل كشف أن هذا التنصيف سيزيد من معاناة الاقتصاد التركي الذي يعاني بشكل كبير خلال الفترة الأخيرة، وخاصة في ظل التراجع المستمر لقيمة الليرة التركية، خاصة بعد قيام البنك المركزي التركي بخفض نسبة الفائدة.
وأضاف كامل ، أن إخضاع تركيا للمراقبة على خلفية "قصور في مكافحة تبييض الأموال وتمويل الإرهاب، سيؤثر بشكل كبير على تدفق الاستمثارات والأموال الأجنبية إلى البلاد وقد يساهم في هروب رؤوس الأموال".
وتابع أن الرئيس التركي رجب طيب أردوغان يحاول العمل على تحسين الوضع الاقتصادي من أجل رفع تأييده في الشارع الذي يشهد تراجعا بشكل مستمر في مقابل صعود أسهم المعارضة.
وأشار المحلل التركي إلى قضية بنك خلق المملوك للدولة الذي يخضع إلى تحقيقات في الولايات المتحدة بسبب المشاركة في التهرب من العقوبات الأميركية على إيران، وأن الأمر كان برعاية الحكومة التركية الحالية، ولا يستبعد مشاركتها في أعمال غسيل أموال أخرى.
والأسبوع الماضي، رفضت محكمة استئناف أميركية، طلب بنك خلق التركي بإلغاء إدانته بتهمة مساعدة إيران في التهرب من العقوبات الأميركية. وفي مايو 2020، حكمت محكمة أميركية على مساعد المدير العام السابق للبنك محمد هاكان أتيلا بالسجن 32 شهرا لإدانته بتهم عدة مثل "الاحتيال المصرفي والتآمر لانتهاك العقوبات الأميركية على طهران".
ارتفاع التضخم
وفي ذات السياق، رفع البنك المركزي التركي، توقعاته لمعدل التضخم بنهاية 2021 إلى 18.4 بالمئة، بدلاً من التقديرات السابقة عند 14.1 بالمئة، وكذلك في العام المقبل إلى 11.8 بالمئة من 7.8 بالمئة.
وفي يوليو الماضي، توقع البنك المركزي أن ينخفض التضخم السنوي إلى 14.1 بالمئة بنهاية العام. وبلغ معدل التضخم السنوي 19.58 بالمئة في سبتمبر.