هآرتس – منصور عباس، أبو الثورة الاسرائيلية ..!!

حجم الخط

هآرتس – بقلم  كارولينا ليندسمان 

 

منصور عباس ليس حماس. القول بأن عباس هو حماس فهذا يعني أننا نظلمه، سواء كان القائل هو من اليمين أو من اليسار. في محاولة للدفاع عن عباس من اليمين كتب جدعون ليفي بأن “المسلم الفلسطيني الذي يحمل الجنسية الاسرائيلية لا يمكن أن يكون مختلف في جوهره عن مسلم فلسطيني ليس لديه جنسية. لا يمكن أن نتوقع أن لا يتماهيان معا” (“هآرتس”، 4/11). الجملة الاولى هي غريبة والجملة الثانية مضللة. ولكن الغريب جدا هو عرضهما كشخصين متساويين. ماذا يعني أنه لا يوجد فرق جوهري بين فلسطيني اسرائيلي وفلسطيني من غزة؟ ما الذي يريد جدعون ليفي قوله باستثناء المفهوم ضمنا، أنهما فلسطينيان. 

ليفي نفسه، كشخص يتماهى مع النضال الفلسطيني، بالتأكيد يعرف أن التماهي لا يساوي الهوية. وفي الاصل السؤال المهم هو درجة التماهي. هل من المستحيل التفكير بفلسطيني من الضفة أو من غزة يتعاطف مع النضال الفلسطيني، لكنه يعارض الكفاح المسلح، أو على الاقل يعارض العمليات الارهابية ضد المدنيين؟ هل لا يمكن التعاطف مع هدف ومعارضة الوسائل؟ هل لا يمكن التعاطف مع الشعب بدون تأييد سلطته؟. في نهاية المطاف ليفي هو مثال واضح على أن التعاطف له مستويات كثيرة. 

الاكثر من ذلك هو أن اقوال ليفي تجعل مسألة التعقيد كهوية وتماهي ضحلة، من خلال الغاء السيرة الذاتية الشخصية لعباس وكأنها عامل هامشي في بلورة هويته. ليفي كتب: “فقط السيرة الذاتية الشخصية هي التي فصلت بينهما. يحيى السنوار ولد في مخيم خانيونس للاجئين لعائلة تم طردها من المجدل، ولم يبق امامه سوى الانضمام للكفاح المسلح. وعباس ولد في المغار لعائلة كان مصيرها افضل ولم يتم طردها. وكان يمكنه أن يتوجه الى طريق النضال الديمقراطي وليس العنيف”.

ماذا يعني ذلك؟ هل فقط السيرة الذاتية؟، هل يوجد عامل حاسم اكثر في حياة شخص وفي تشكيل هويته من سيرته الذاتية الشخصية؟ اذا اراد ليفي القول بأنه اذا كان مكان ولادتك وعيشك يملي حياتك فان اهود باراك كان سيكون راديكالي اكثر منه عندما قال (في مقابلة مع جدعون ليفي): “لو أنني كنت فلسطيني لكنت سأنضم لمنظمة ارهابية”. اذا باراك كان يمكن أن يكون عرفات وعباس كان يمكن أن يكون السنوار، لكن ما العمل اذا كان باراك غير فلسطيني وعباس ولد في دولة اسرائيل، وهما لم ينضما لمنظمة ارهابية؟.

في نهاية المطاف، ايضا في انتقاد اليمين وفي دفاع اليسار يتم تلقين نفس الافتراض الاساسي وهو أن عباس، في جوهره الاسلامي الفلسطيني، لا يمكنه التماهي مع اسرائيل، هذا رغم أنه مواطن اسرائيلي. بالضبط هو من مواليد البلاد الفلسطينيين وأب لثلاثة اسرائيليين، ورئيس حزب “راعم” الذي حطم الآن أحد المحرمات واصبح موجود في الائتلاف. في كل حياته، بتعقيداتها، هناك عدد لا يحصى من آثار الاقدام التي ترسم مساره هنا بشكل قاطع. الخلاصة، هم يقولون له أنت مسلم فلسطيني. 

ألا يخطر بالبال أن عباس يتماهى مع اسرائيل رغم الاحتلال؟ وأنه بالنسبة لكثيرين من بين المليوني اسرائيلي فلسطيني قد تطورت علاقة مع الدولة رغم الكراهية والتحريض والاهانة والتمييز؟ وأنهم يشعرون بمشاعر الانتماء، ربما مؤلمة وخشنة وتحمل الندب ومتضاربة، لكن رغم كل ذلك هو انتماء للدولة وليس فقط للارض. هذا هو بالضبط ما يمثله عباس. 

ليفي يحاول الدفاع عن شرعية تعاطف عباس مع اخوته في غزة، لكن الموجود حقا تحت الضغط ويحتاج الى الحماية هو الامر العظيم الذي يؤسسه الآن عباس، بحكمة تستحق التقدير وبقدرة على الصمود التي قلائل يمتلكونها في الكنيست، وهو الثورة الاسرائيلية للمواطنين العرب.