أكّد القيادي في حركة فتح نبيل شعت، اليوم الأربعاء، على أنّ الرئيس الفلسطيني الراحل ياسر عرفات، كان شخصية غير عادية، ومن الصعب تكرارها.
وقال شعت خلال حديثه لوكالة "آكي" الإيطالية: "ذكراه تعني الكثير، أنا أعرف هذا الرجل منذ أنّ كان عمري عشر سنوات وعمره 21 عامًا، وبالتالي أنا اعرفه طوال حياتي وبما أنني عرفته صغيرًا فهو بالنسبة لي القائد والوالد والرئيس والحبيب على قلبي، فقد انتميت إلى فتح على يديه وعملت إلى جانبه في كل مراحل النضال، وعليه فهو بالنسبة لي مصدر الإلهام الوطني".
وتابع: "أذكر في أبو عمار الكثير من الأشياء منها شجاعته واتخاذه القرارات الاستراتيجية الصعبة وأخرها قراره بالصمود رغم علمه بأنّه مهدد وأنا اذكر تمامًا أنّه في قمة كامب ديفيد عام 200، قال للرئيس الأمريكي الأسبق بيل كلينتون: أنا ادعوك إلى جنازتي ، عندما بدأ كلينتون بالضغط عليه للقبول بما لا يستطيع القبول به".
وأشار إلى أنّ الشهيد ياسر عرفات هو الذي قاد الكفاح المسلح ومعركة الكرامة، التي هي معركة الانطلاق الحقيقي للكفاح المسلح، مُضيفًا: "هو الرجل الذي كنتا إلى جانبه وكتبت له خطابه الذي ألقاه في الجمعية العامة للأمم المتحدة عام 1974 والذي قال فيه جئتكم بغصن زيتون بيد وببندقية بيد أخرى فلا تسقطوا الغصن الأخضر من يدي، فهو لوح بغصن الزيتون للإسرائيليين".
وأوضح شعت، أنّ عرفات كانت الوحدة الوطنية بالنسبة له هي القتال والكفاح المسلح، مُستكملاً: "على مدى 14 سنة من 1974 وحتى 1984 رفض الاعتراف بالقرار 242 إلى أنّ يحصل على تفويض وأغلبية من الفصائل، ففي العام 1974 كان قرارنا إقامة الدولة الفلسطينية على كل شبر من فلسطين يمكن تحريره أو انسحاب العدو منه ولكن هو لم يعترف بحق إسرائيل بالوجود إلا بعد 14 عاما لأنّه كان مع كل استعداده بتحمل المسؤولية وكل شجاعته باتخاذ القرارات ولكن هناك قرارات لا يتخذها إلا الوطن بكامله وليس القائد وحده ولا يستطيع القائد أنّ يتصرف وحيدًا في هذه المسائل".
وأردف: "لقد حرص الرئيس عرفات دائمًا على الوحدة الوطنية وفي فترات فان أنظمة عربية تقف إلى جانب فصائل معينة حتى تكون مدخلاً لها إلى القرار الفلسطيني، ومع ذلك كان يتعامل معهم كرفاق ومناضلين وكان يسعى دائمًا إلى توحدهم، وعندما خرجنا من بيروت قضى 5 سنوات إلى أنّ تمكن من عمل مجلس وطني فلسطيني يضم كل الفصائل وكل الاتجاهات".
وذكر شعث أنّ شجاعة الرئيس عرفات في التحمل في المعارك كبيرة جدًا، مُستعرضًا ذكرى معركة بيروت عام 1982 التي استطاع أنّ يقود الصمود في بيروت مدة 88 يومًا، وهذا غير مسبوق أمام كل الجيش "الإسرائيلي" بمشاته ومدفعيته وطائراته وبوارجه في البحر.
واستكمل: "ولذلك هو عندما خرج وسؤال إلى أين أنت ذاهب فرد أنا ذاهب إلى فلسطين ، فطبعًا صموده ساهم في انفجار الانتفاضة لاحقًا وهو بالانتفاضة استطاع أنّ يأخذ القرار بإقامة دولة فلسطينية ".
وأضاف: "أعتقد أنّ معجزته ليس فقط في صموده في بيروت وإنما صموده 14 سنة كنا فيها خارج الوطن وخارج القرب من الوطن، فهو في تونس وقواته في الجزائر واليمن والسودان والعراق، وبالتالي في بلاد بعيدة عن الحدود الفلسطينية إلا أنّه استطاع أنّ يحافظ على وحدة هذا الوطن ويعود لتجميع منظمة التحرير، يفرض شرعيتها ويعلن الدولة الفلسطينية التي اعترفت 96 دولة في اليوم الأول للإعلان، وأنّ يتمكن من الاستفادة من كل التطورات في العالم التي سمحت لنا أنّ نعود إلى الوطن وأنّ نحاول أنّ نبني دولتنا المستقلة من الداخل وليس من الخارج ثم صموده طول هذا الأيام هي مسألة".
وتابع: "مع ذلك لا أنسى أبو عمار الإنسان المحب لأقصى درجة وعطوف إلى أقصى درجة وعنده ذاكرة حديدية فيذكر كل الناس وأولادهم وعائلاتهم وأحوالهم ويحب الأطفال ويرى فيهم الزهرة والشبل الذين سيرفعون علم فلسطين على المسجد الأقصى وكنيسة القيامة".
ونوّه إلى أنّ ياسر عرفات كان شخصية غير عادية من الصعب جدًا تكرارها، وبنفسه وصموده نتحمل المرحلة الحالية وهي مرحلة صعبة جدًا، مُبيّنًا أنّه يوجد هجوم شامل في غزّة والقدس والداخل والضفة واستيطان وضم وسرقة ونهب في ظل وضع عربي يشبه الوضع الذي ساد عام 1967 ولكن شعبنا لديه الشجاعة والاستعداد للصمود والمواجهة.
وقال: "لا يمكن أنّ ننسى هذا الرجل ، وأنا في أيامه الأخيرة كنت الهاتف الذي يتحدث من خلاله ففي الفترة من 2000-2004 لم يعد يتمكن من السفر وكنت أسافر في طائرته من مكان إلى أخر وكل مكان أذهب إليه أطلبه في سجنه داخل مكتبه ويتكلم معه قادة العالم ووزراء الخارجية وأيضًا لإلقاء خطابات في مهرجانات جماهيرية".
وشدّد شعت على أنّ الراحل أبو عمار بقي صامدًا حتى أخر لحظة على الشمعة، ولم يتراجع ولكن اللحظات الأكثر إيلامًا كانت مرافقة جثمانه من باريس إلى القاهرة وإلى العريش ثم رام الله، وحضر الجنازات الثلاث وكانت هذه هي الذكريات الأكثر إيلامًا معه.
وأضاف: "لا شك لديّ بأنّ إسرائيل مسؤولة عن قتله، في المناقشة مع الأطباء الفرنسيين في مستشفى بيرسي أكّدوا على أنّه لم يمت بالبكتيريا ولا فايروس ولا سرطان، وإنما بمادة خارجية غريبة لم يستطيعوا التعرف عليها، قالوا أنّه قُتل بسم لا يعرفوا عنه شيئًا فهو لا يتطابق مع عينات السموم التي عندهم ".
وختم شعت حديثه بالقول: "كيف يمكن لإسرائيل أنّ تتهرب من قتله عندما كان سجين لديهم لمدة 3 سنوات فلا يدخل له طعام ولا شراب ولا دواء إلا من خلالهم، وبالتالي ليس من الصعب تصور مسؤوليتهم عن وفاته فهم لم يتيحوا له أيّ فرصة حقيقية بإنهاء حصارهم له".