آليات الحماية الدولية لفلسطين تبدأ من مقر "المقاطعة" وليس نيويورك!

1625121147-434-3.jpg
حجم الخط

كتب حسن عصفور

 في خطابه الخاص بالذكرى 17 لاغتيال الخالد المؤسس ياسر عرفات، أعلن الرئيس محمود عباس مطالبته بفرض "آليات الحماية الدولية" على الأرض الفلسطينية، وبعقدِ "مؤتمرٍ دوليٍ لإنهاءِ الاحتلال، واعترافِ الدولِ التي لمْ تعترفْ بدولةِ فلسطين، ومنعِ تمويلِ إسرائيلَ بالسلاحِ الذي يقتلُ الأطفالَ والأبرياءَ وغيرِها منَ الإجراءاتِ العملية"، ردا على الممارسات الإسرائيلية من ضم وعنصرية و"تقويض حل الدولتين".

انتقال الرئيس عباس الى طلبه بآليات الحماية الدولية، خطوة متقدمة في المعركة السياسية الدائرة مع دولة الكيان، التي تعمل بكل السبل الممكنة على تدمير أسس الكيانية الفلسطينية، منذ أن قررت قتل عملية السلام يوم 4 نوفمبر 1995 بقرار أجهزتها كافة، باغتيال رئيس حكومتها اسحق رابين، لأنه قرر توقيع اتفاق مع منظمة التحرير وزعيمها ياسر عرفات

المطلب المستحدث عن طلب "الحماية الدولية العام"، يمثل حافزا من أجل الذهاب للتفكير في البحث بذلك الطلب لوضع "آليات وطنية فلسطينية"، تفرض على المنظومة الدولية التفكير العملي بتلك الخطوة التي طالبها الرئيس عباس.

مبدئيا، لن يتم بحث طلب الرئيس عباس في أي من مستويات المنظومة الدولية، والواقع القائم في الضفة والقدس على ما هو عليه من "خمول كفاحي" غير مسبوق، رغم "المشاغبات الفردية" التي تكسره بين حين وآخر، لكنها لا تمثل أبدا مظهر إزعاج للسكون الدولي، ليفرض تغييرا في كيفية تناول القضية الفلسطينية، مع بروز مظاهر جديدة من التأييد لعدالتها، شعبيا دوليا وفي الأمم المتحدة.

الرئيس عباس، طالب المنظومة الدولية الانتقال من بيانات الاستنكار والشجب الى "خطوات عملية" ضد الممارسات الاحتلالية، والحقيقة أن ذلك يجب أن يكون موجها الى الرئاسة الفلسطينية والمنظومة الرسمية بكاملها، وبات أمرا ملحا، بل ضروريا القيام بنقل الأمر من "كتف الكلام" الى "كتف الفعل"، كي يدرك الآخرين أن الأمر ليس كلاما من اجل خطاب في مناسبة ينتهي مفعوله في اليوم التالي.

وكي تصل فكرة الانتقال من "كتف الى كتف"، من المفيد متابعة ملف المهاجرين دوليا، وكيف أن الدول الأوربية تعيش حركة تفاعل لمواجهة آثار الهجرة المختلفة، بالتوازي مع "الحدث السوداني" و"الحدث الإثيوبي"، والحراك الدائم بحثا عن نتائج عملية للملفات الملتهبة، رغم ان القضية الفلسطينية أكثر قيمة سياسية ومرتبطة بجوهر الصراع، الا أنها لم تعد قضية تربك جدول أعمال المنظومة الدولية، خاصة مع تزايد حركة "النشاطات التطبيعية" مع دولة العدو القومي.

ومجددا ليس عيبا سياسيا الاستشهاد بما قاله كيسنجر ما قبل حرب أكتوبر لمسؤول الأمن القومي المصري، ان العالم لا ينظر الى الجبهات الباردة...ومن يعتبر أن قطاع غزة بكل ما لديها من ترسانة عسكرية يمكنها ان تحرك مجمل الملف فهو قاصر سياسيا، وعليه قراءة نتائج حرب مايو الأخيرة، رغم انها سجلت نقاطا هامة وطنيا، لكنها تبخرت تبخر الكحول، ولم تترك ما يمكن اعتباره "منجزا تغييريا" في مسار الصراع، بل ربما حدث ردة في حصار قطاع غزة إسرائيليا

الحديث عن "آليات الحماية الدولية" يجب أن يبدأ من مقر الرئيس عباس (المقاطعة) في رام الله، والبحث عن صياغة "آليات فلسطينية جديدة" للانتقال من "الخمول الكفاحي الى التفاعل الكفاحي" بالترافق مع خطوات الانتقال العملي لفك الارتباط بالمؤسسة الاحتلالية، لتكريس المؤسسة الفلسطينية، نحو إعلان دولة فلسطين تحت الاحتلال.

آليات المواجهة مع الجهاز الاحتلالي هي التي ستفرض تفكير المنظومة الدولية بالبحث في كيفية منع الانفجار العام، وكي لا يبقى أمر الخطاب كلاما في مناسبة، ومصداقية لخطاب "تهديد العام"، يجب الانتقال نحو الفعل المباشر بخطوات محددة:

*تعليق الاعتراف المتبادل بين منظمة التحرير وإسرائيل واعتباره "كادوك سياسي"، وأي اعتراف جديدة سيكون دولة بدولة.

*اعلان ان المنظمات الاستيطانية منظمات إرهابية، يتم اعتقال أي من عناصرها حال دخول مناطق النفوذ الأمني الفلسطيني في (أ وب)، والبدء بمحاكماتهم ضمن القضاء الفلسطيني والقانون الفلسطيني.

*تغيير طبيعة التنسيق الأمني كليا لتصبح سلاحا للفلسطيني وليس سلاحا عليه.

*رفض استلام أي رسائل من مؤسسات الكيان الاحتلالية تتجاوز اعتبار الضفة وقطاع غزة أرض فلسطينية.

*رفض استقبال أي وزير إسرائيلي يعتبر أن القدس عاصمة لإسرائيل، وأن تشترط الرئاسة الفلسطينية إما الاعتراف بالقدس الشرقية عاصمة لفلسطين او انها بشقيها موضوع للتفاوض.

*اعتبار الحكومة القائمة من الان هي حكومة فلسطين.

*توجيه الرسائل الى مؤسسات دولة الاحتلال موقعة باسم فلسطين.

خطوات أولية الى حين عقد المجلس المركزي القادم، والذي يجب أن يستبقه فعل "الترميم الداخلي"، لو أريد ان يكون لقراراته قيمة وطنية ودولية

دون ذلك سيضاف طلب الرئيس عباس بتوفير "آليات الحماية الدولية" الى "أرشيف الطلبات" التي لن يذكرها التاريخ سوى بضحكة صفراء!

ملاحظة: إطلالة خالد الشعب ياسر في ذكرى الاغتيال أكثر إشراقة من حضورهم الباهت وطنيا وإنسانيا..أبو عمار قاطرة الحراك الذي لن يتوقف سوى في محطة باب العامود ليرفع علم الوطن فوق مقر دولة فلسطين...شاء من شاء وأبى من أبى.. ويا أيها الخالد لن تموت!

تنويه خاص: يا ريت الرئيس عباس وكل فريقه يبطل "مكذبة الانتخابات" لو وافقت دولة الكيان عليها في القدس...التذاكي مرات استهبال مكثف بيقلل قيمتكم أكثر ما هي مقلولة!