أكّد النائب في المجلس التشريعي الفلسطيني، والقيادي في حركة فتح، جمال الطيراوي، على أنَّ غياب الزعيم ياسر عرفات، ترك أثراً كبيراً على الشعب الفلسطيني بشكلٍ عام وحركة فتح على وجه الخصوص، ما أدى لحالة التراجع الكبيرة في الأداء السياسي وحصار شعبنا الفلسطيني.
فتح قبل وبعد عرفات
وقال الطيراوي، في حديثٍ خاص بوكالة "خبر": "إنَّ الحالة الفتحاوية الراهنة لا تُعبر عن حلم ياسر عرفات؛ بأنّ تقود المشروع السياسي والوطني والتحرري الفلسطيني"، مُستدركاً: "هناك فارق كبير وواضح في فتح قبل استشهاد عرفات وما بعده".
وأضاف الطيراوي: "فتح تُعاني الكثير، بدءًا من مشروع دولة الاحتلال الإسرائيلي، إلى استهداف الحركة من جذورها ومن تاريخها الوطني".
وبالحديث عن معاناة حركة فتح من أزمة قيادة بعد استشهاد عرفات، قال الطيراوي: "إنَّه لا شك أنّ حركة فتح تُعاني من أزمة قيادة وتغييب للعمل الجماعي بين قيادات الحركة وأبنائها وأُطرها، وهي حقيقة جلية لكل أبناء الحركة وفصائل العمل الوطني".
وأشار إلى تراجع دور الحركة في كل المستويات، بسبب تغييب وتهميش وإقصاء عدد كبير من أبناء فتح، وهو الأمر الذي يعكس أزمة الثقة بين القيادة والقواعد التنظيمية.
وتابع: "أزمة القيادة تمتد أيضاً بتغييب دور المجلس الثوري وعدد كبير من أعضاء اللجنة لمركزية، سواء ممن تغيبوا أو الذين تم تغييبهم، لأنّهم المسؤولين عن قيادة الحركة".
أما عن أزمة تجديد الدماء داخل حركة فتح بين أجيالها، قال الطيراوي: "يجب أنّ نُسقط هذا المنطق من حساباتنا؛ وذلك لوجود عدد من أعضاء المجلس الثوري من جيل الشباب والجيل الوسطي"، مُردفاً: "لكنّ غياب ثقافة الشراكة في حركة فتح وغياب القادة الحقيقيين القادرين على صنع واتخاذ القرار، هو سر أزمة فتح".
عقد مؤتمر ثامن دون وحدة هو قرار بتدمير فتح
وعلى صعيدٍ متصل، وعن تداعيات ذهاب فتح لعقد مؤتمرها الثامن في 21 مارس المقبل، أوضح الطيراوي، أنَّ "الذهاب للمؤتمر الثامن في ظل الأوضاع الداخلية الراهنة، وبعيدًا عن المصالحة الفتحاوية وترميم البيت الفتحاوي وقفز كل الأطراف عن جراحها والعودة إلى التعامل بثقافة وحكمة ياسر عرفات القائمة على المحبة والتسامح، تُعد خطوةً إضافية باتجاه تدمير وإضعاف فتح، وحرف مسارها عن القيام بدورها الطليعي في مشروع التحرر الوطني".
وأردف: "حزين جداً بوصول فتح لحالتها الراهنة، بعد نزولها في الانتخابات التشريعية الأخيرة التي تم تأجيلها في 30 إبريل الماضي، بثلاثة قوائم"، مُؤكّداً في ذات الوقت على أنَّ ما حدث يُعبر عن عمق الخلافات داخل إطار قيادة الحركة.
وفي تعقيبه على عرض روسيا، لعب دور في ملف المصالحة الفتحاوية الداخلية، قال الطيراوي: "إنّنا ننشد قراراً فتحاوياً بالمصالحة الداخلية، وأنّ تقفز كافة الأطراف عن رؤيتها الشخصية"، لافتاً إلى أنَّ المصالحة الحقيقية يجب أنّ تكون مع القواعد التنظيمية في الضفة الغربية وقطاع غزّة والقدس المحتلة.
وأشار إلى أهمية عدم استباق الأمور بالحديث عن أيّ مصالحة فتحاوية أو أيّ استطلاعات سياسية تُجريها أطراف دولية هنا وهناك، مُضيفاً: "المصالحة الفتحاوية يجب أنّ تبدأ في البيت الفتحاوي وتنتهي به".
الحكم النظام الداخلي وليس المزاجية
وبسؤاله عن الطرف المسؤول عن تعطيل المصالحة الفتحاوية الداخلية، قال الطيراوي: "هي مسؤولية الكل الفتحاوي ويجب على الجميع أنّ يرفع صوته عالياً ويتحدث بلغة جريئة وليس بصوتٍ خافت؛ لأنّه لا مجال في هذه الحركة إلا للبحث عن مكامن المصالحة بين كل أبنائها".
وأكمل الطيراوي: "القضية ليست في محمد دحلان ومحمود عباس وناصر القدوة ومروان البرغوثي وجمال الطيراوي وغيرهم؛ فأنا ضد تشخيص الأمور بين رموز وشخصيات؛ لأنّنا بحاجة إلى إعادة تصحيح وبناء مؤسسات الحركة على أسس تنظيمية بعيداً عن المزاجية والأهداف الشخصية".
وشدّد على أنَّ سيطرة المزاجية والشخصية على قرار الحركة، كانت السبب وراء بُعدها عن عمقها الجماهيري، مُشيراً إلى أهمية العودة للنظام الداخلي وليس ردود الفعل.
وختم الطيراوي حديثه، بالقول: "إنَّ حركة فتح أغلى وأقدس ما نملك؛ لأنّنا دفعنا فيها تاريخنا، بدءًا من دم ياسر عرفات وآلاف الشهداء في كل العالم وليس في فلسطين فقط، ومئات الأسرى الذين دفعوا الثمن زهرات شبابهم؛ ولذلك عودة فتح إلى أصولها وفقاً للنظام الداخلي وليس للأهواء الشخصية ضرورة وطنية للقيام بدورها الطليعي في قيادة المشروع التحرري والوطني".