أرادت "إسرائيل" القدس عاصمةً موحدة لها، وانتزعت اعترافاً من الدولة الأعظم في العالم، الولايات المتحدة الأمريكية في العام 2018؛ لكّن الوقائع على الأرض تنطق بخلاف ذلك، فهوية القدس العربية والإسلامية التي يُدافع عنها شباب القدس ومن استطاع الوصول إليها من كل بقاع فلسطين، تُرعب وتُربك حسابات الاحتلال "الإسرائيلي".
فالمقاوم الذي تصفه صحافة دولة الاحتلال "الإسرائيلي"، بـ"الذئب الأزرق أو الأبيض"، مجهول الهوية، يجعلها تشك في نفسها، فلا بنية تنظيمية وراءه تنجح أجهزتها التجسسية في تتبعه وكشفها والعمل على تفكيكها كما كان الحال في سنوات الانتفاضة الأولي والثانية، وإنّما تُعيد العمليات الفردية التي نفذها الشهداء عمر أبو عصب وفادي أبو شخيدم ومحمد أبو اسليمية، الذاكرة إلى انتفاضة الأفراد في العام 2015.
ولذلك تتعامل "إسرائيل" مع هؤلاء الشهداء، برعب وجرم لا مبرر له، فعلى الرغم من إطلاق الرصاص عليهم أو كما تدعي "تحييد" المنفذ، وعدم تشكيله خطر، تقوم بإعدامه بدمٍ بارد في جريمة متكاملة الأركان على مرأى ومسمع العالم؛ مما يدل على عجزها في التعامل معهم رغم أنّها تمتلك جيش نظامي مدجج بالسلاح.
وبعد كل عملية، يُنادي وزراء حكومة الاحتلال وآخرهم وزير الاتصالات بضرورة تثبيت بوابات إلكترونية لتفتيش الفلسطينيين ومنع العمليات؛ لكنه سلاح تم تجريبه وأثبت فشله بقيام انتفاضة شعبية في تموز يوليو 2017، ورفض فلسطيني عارم للخطوة امتد للمحيط العربي والإسلامي، ليُعيد التساؤل من جديد "ماذا تمتلك إسرائيل للتعامل مع الانتفاضة الفردية؟".
الكاتب والمحلل السياسي المقدسي، راسم عبيدات، قال: "إنَّ القدس تعيش حرب شاملة ضد الفلسطينيين عبر الاقتحامات اليومية للمسجد الأقصى من غلاة المستوطنين وبحماية وحراسة من جيش الاحتلال، وإقامة صلواتهم التلمودية، وعمليات الاعتقالات، بالإضافة للمجازر بحق الحجر".
وأضاف عبيدات في حديثٍ خاص بوكالة "خبر": "إنَّ محاولات التهجير القسري لـ38 منزلاً في حي ياصول بسلوان التي يسكنها 500 مواطن تمتد على عشرات الدونمات، وما يجري في الشيخ جراح من محاولات التهجير والمشاريع الاستيطانية في كل مكان بالقدس، تُؤكّد على أنَّ المقدسيين أصبحوا قاب قوسين أو أدني من الانفجار".
وبيّن أنَّ العمليات الفردية التي تأتي بدافع ديني ووطني من الشباب، تندرج في إطار الرد على تصاعد الجرائم التي يرتكبها الاحتلال ضد الحجر والبشر في مدينة القدس، ومحاولات الاحتلال تثبيت التقسيم الزماني والمكاني بالمسجد الأقصى في ضوء استمرار الحفريات أسفل المسجد المبارك.
ورأى أنَّ العمليات الفردية تعمل على عرقلة محاولات الاحتلال السيطرة على الأقصى وتهجير السكان في أحياء سلوان والشيخ جراح، لافتاً إلى أنَّ الهبة الشعبية في الشيخ جراء كانت وراء إحباط مشاريع الاحتلال لتهجير سكانه.
وأكّد على أنَّ الاشتباك الشعبي مهم؛ حتى اندلاع انتفاضة شعبية كاملة تُربك وتُفشل مشاريع الاحتلال في السيطرة على الأرض والحجر والبشر بالقدس.
كما استبعد عبيدات، عودة الاحتلال إلى خيار إقامة بوابات إلكترونية على أبواب الأقصى لتفتيش المصلين قبل دخولهم المسجد؛ لأنَّ التداعيات ستكون أبعد من القدس، وستمتد إلى الضفة والداخل المحتل وغزّة.
وختم عبيدات حديثه، بالقول: "إنَّ المستوى الأمني والسياسي والعسكري لن يستطيعوا السيطرة على العمليات الفردية وستستمر، رغم الإجراءات الأمنية المُشدّدة؛ لأنّها عمليات غير منظمة".