خطيئة حم-اس السياسية بمنع الانتخابات المحلية في قطاع غزة!

1625121147-434-3.jpg
حجم الخط

كتب حسن عصفور

 أثار بعض الفلسطينيين مخاوف من إجراء الانتخابات البلدية في الضفة الغربية، بأنها قد تكون "البديل السياسي" لمرحلة ما بعد عباس، التي تطل ملامحها بقوة وسرعة تفوق سرعة تفكير القائمين على الحكم الرسمي، مستذكرين تصريحات أوروبية حول ذلك "الخيار الكامن".

الواقع الانتخابي لا يمنح تلك المخاوف قوة فعل تطبيقية، خاصة وأنها حدثت في غياب البلديات الكبرى للمدن الرئيسية في الضفة، دون قطاع غزة، ولذا ليس من الممكن أن تخلق فروعا انتخابية أصلا سياسيا تمثيلا بالمعنى العام.

وبالتأكيد، هذه الانتخابات المحلية الفرعية لا تماثل أبدا، الانتخابات البلدية التي حدثت في أبريل 1976ـ التي أخترعها شمعون بيريز لاختيار "قيادة معتدلة" تكون بديلا عن منظمة التحرير في الضفة، فكانت المفاجأة المدوية فوزا ساحقا في غالبية المدن لمرشحي ومؤيدي الثورة والمنظمة، ومنهم بسام الشكعة وكريم خلف ومحمد ملحم وابراهيم الطويل وفهد القواسمي وحلمي حنون، وآخرين، شخصيات أعادت حضور منظمة التحرير بفعالية أربكت كليا المخطط الاحتلالي، الى أن بدأت بعمليات تصفية واغتيالات وإبعاد.

ما حدث، من انتخابات محلية كان بمثابة "فرصة سياسية" لترسيخ ملامح مختلفة عن "البلادة السائدة"، وتنشيطا للحركة الشعبية التي تبحث عن خيار تفعيل لبعض مؤسسات الحكم القائم، وتطوير أدوات العمل الخدماتي، بديلا عن "صفقات التعيين" التي تتم بين أجهزة أمنية وفصائل تستهويها تلك العمليات "من وراء الستار الشعبي".

ولذا كان مستغربا تماما أن تخرج حركة حماس برفض المشاركة في الانتخابات، وهذا بالنهاية حق فصائلي لها، تشارك ام لا تشارك، خوفا أو حذرا من كشف حقيقة قوتها التي تختفي وراء "نقاب" دون قياس، ولكنها ارتكبت "جريمة سياسية" كبرى بمنع إجرائها في قطاع غزة، بذرائع طفولية لا يمكن قبولها، بل تحمل كل ملامح "الريبة والشك الوطني"، بأنه رفض في سياق التجاوب الموضوعي مع مشروع ما بعد عباس بشكل عملي وتحت "غلاف ثوري".

ذريعة حماس برفض الانتخابات المحلية، ردا على الغاء الانتخابات التشريعية خطيئة كبرى، خاصة وأنها تتشدق ليل نهار بأنها "ضد سلطة أوسلو"، وتطالب الخلاص منها وكل منتجها السياسي، ثم فجأة تقاتل لاستمرارها بما هي عليه فاقدة لكل أركانها التي تأسست من أجلها، وترفض بالمقابل انتخابات خدماتية، تعيد حيوية التفاعل المجتمعي مع مظهر انتخابي.

خطيئة حماس برفض الانتخابات، تشكل قناة جديدة لتأكيد، أن "الانفصالية الكيانية" تشق طريقها لتصبح "بديل موازيا" لسلطة موحدة، وعاملا مساعدا لتشجيع دولة الاحتلال للمضي بتعزيز "المحميات الكيانية" في الضفة الغربية، دون القدس.

رفض حماس لا ينطلق من مخاوف تزوير وتشكيك بالانتخابات، لأنها هي السلطة المطلقة في قطاع غزة، بخلاف الضفة الغربية، الذي يتواجد بها عمليا 3 سلطات رقابية، أجهزة دولة الاحتلال، وأجهزة السلطة ومنظمات قانونية – حقوقية ومجتمعية قوية تملك من القدرة الكثير، خاصة وان لديها "حصانة ما"، فيما تغيب بقوتها تلك عن قطاع غزة.

"خطيئة حماس"، جاءت في زمن البحث عن تنفيذ معادلة "المال مقابل التهدئة"، التي تتعايش معها الحركة الإسلاموية منذ سنوات مع دولة الاحتلال، مع بروز ملمح تغيير ذو بعد سياسي لتطوير تلك المعادلة بما يعزز "الانفصالية الكيانية"، ولذا رفض اجراء الانتخابات جاء كرسالة سياسية لدولة الكيان، وجاء فتح باب العمالة المضاعفة من قطاع غزة الى إسرائيل كثمن مباشر لحكم حماس لرفضها.

بالتأكيد، يضاف الى البعد السياسي برفض الانتخابات تعزيزا للفصل الكياني، أن حركة حماس ترتعش من انتخابات في قطاع غزة، وهي تعلم حقيقة التدهور الكبير الذي أصاب حضورها الشعبي، وزاد الطين بلة بعد حرب مايو، وما تركته من دمار وتخريب وتشريد وافقار، مع وعود ذهبت الى عمق بحر غزة، فيما ظهر التباين في التعامل مع المتضررين.

ما حدث خطيئة سياسية كبرى تستوجب التفكير للتراجع والبحث عن صيغة مع لجنة الانتخابات لإجرائها، لو لم يكن هناك "صفقة ما" بين حكم حماس وحكومة دولة الكيان على طريق قادم انفصالي يدق باب قطاع غزة.

ملاحظة: اتهامات متعددة من جهات أردنية، ان وزارة الثقافة الفلسطينية وافقت على فيلم "أميرة" وسمحت بعرضه قبل مهرجان الأردن الأخير...صمت الوزارة والوزير يمثل "إدانة سياسية"...لو صح الحكي بيكون طرد أبو سيف واجب!

تنويه خاص: حذار من "ولدنة سياسية" مع مقار ومدارس وكالة الأونروا..ما حدث من اقتحام مقر لها في قطاع غزة ورفع علم حماس عامل تحريضي يخدم أعداء استمرار الوكالة الأممية..اعتذار حماس وقيادتها عن الولدنة واجب!