هارتس : قفزة كبيرة في عدد جرائم المستوطنين.. وخطورتها

هاجر.png
حجم الخط

بقلم: هاجر شيزاف



على خلفية الخلاف الجماهيري والسياسي، الذي اثاره وزير الأمن الداخلي، عومر بارليف، عندما دان عنف المستوطنين في محادثة مع شخصية رفيعة في الادارة الأميركية، فإن بيانات جهاز الأمن تظهر أن العنف في الضفة الغربية قد تفاقم في السنة الاخيرة، إلى جانب تدني ثقة السكان هناك بالسلطات الإسرائيلية. تُظهر البيانات أنه خلافا لادعاء رئيس الحكومة، نفتالي بينيت، الذي انتقد أقوال بارليف وقال إن "الامر يتعلق بظاهرة هامشية"، فإن أبعاد هذه الظاهرة تتسع وتستمر في الارتفاع.
من البيانات يتبين أنه في العام 2021 تم توثيق 135 عملية رشق حجارة على الفلسطينيين مقابل 90 عملية رشق في 2019، و250 حالة عنف أخرى مقابل 100 في 2019. حدث أيضا ارتفاع على عدد حالات العنف ضد قوات الأمن، من 50 حالة في 2019 الى 60 في السنة الاخيرة. منظمة "يوجد حكم"، التي توثق حالات العنف في الضفة، وثقت في السنوات الثلاث الأخيرة 540 حالة عنف نفذها المستوطنون، وفقط في 238 حالة منها اختار الفلسطينيون تقديم شكوى في الشرطة بمساعدة هذه المنظمة. من بين الشكاوى تم تقديم 12 لائحة اتهام فقط، وهي الحالات التي وثقت فيها منظمة "يوجد حكم" الاعتداءات.
في منظمة "بتسيلم"، التي تجمع البيانات أيضا، قالوا إنه في هذه السنة لاحظوا ارتفاعاً بنسبة 28 في المئة في عدد حالات عنف المستوطنين مقارنة مع السنة الماضية (192 حالة مقابل 247). سألت "هآرتس" الشرطة عن عدد الملفات التي تم فتحها في حالات العنف على خلفية قومية في العام 2021، لكن الشرطة رفضت تقديم بيانات، وحولت الصحيفة لتقديم طلب حرية معلومات.
مصعب صوفان، من قرية بورين، قال إن هناك مستوطنين يرشقون الحجارة على بيته منذ بداية سنوات الألفين. وبعد سنتين انخفض فيها عدد الاعتداءات فان الوضع ازداد شدة في الشهرين الأخيرين. "هم يحطمون النوافذ والألواح الشمسية. في السابق قتلوا الأغنام. هم يحاولون طردنا"، قال. "في كل هجوم يشارك بشكل عام 20 – 30 مستوطنا". حسب قوله يؤثر العنف بشكل أشد على الاولاد والنساء. قبل بضعة أشهر لاحظت عائلته وجود خيمة للمستوطنين قرب البيت. ومن هناك انطلق الاعتداء الأخير. "في كل مرة نقوم بالاتصال مع الشرطة. وهي تأتي وتذهب ولا يحدث أي شيء".
فلسطينيون كثيرون تحدثت معهم الصحيفة في السنوات الأخيرة قالوا إنهم توقفوا عن تقديم الشكاوى في الشرطة؛ لأنه لا توجد أي فائدة من ذلك. بدأت "يوجد حكم" في توثيق الأسباب التي بسببها لا يقدم الفلسطينيون الشكاوى في اطار مشروع "لا يشتكون". في تحقيق من الأعوام 2019 – 2021 جمع أعضاء المشروع 416 شكوى لاشخاص فلسطينيين توجهوا للمنظمة. 43 في المئة من المشتكين قالوا إنهم غير معنيين بتقديم شكوى في الشرطة. وعند سؤالهم عن السبب قال 51 في المئة منهم بأن سبب ذلك هو عدم ثقتهم بالسلطات الإسرائيلية، و21 في المئة خافوا من الانتقام أو من فقدان تصاريح العمل و22 في المئة لم يحددوا السبب. آخرون قالوا إنهم يئسوا من إجراء تقديم الشكاوى أو أنهم كانوا من موظفي السلطة الفلسطينية، لذلك هم لا يستطيعون تقديم شكوى في إسرائيل.
حسب اقوال مديرة قسم التحقيق في "يوجد حكم"، زيف شتيهل، فانهم في المنظمة يلاحظون في الاشهر الاخيرة وجود ارتفاع في عدد أعمال العنف وخطورتها، الى جانب انخفاض بارز في استعداد الفلسطينيين لتقديم شكاوى في الشرطة. "كما هو معروف فإن عنف المستوطنين لا يعتبر ظاهرة جديدة. يبدو أنه في اعقاب سنين طويلة من غياب انفاذ فعال للقانون مع مخالفي القانون ودعم سلطات الدولة فان هذه الظاهرة آخذة في الازدياد، والمشاغبون تزداد جرأتهم من خلال زيادة وتيرة الاعتداء وشدته"، قالت زيف.
خميس، وهو أحد سكان مخيم الجلزون للاجئين، قال للصحيفة بأنه في تشرين الثاني عندما كانت ابنته (14 سنة) في الطريق الى البيت في سيارة أجرة، قام المستوطنون برشق الحجارة عليها. وحسب قوله فان الحجارة التي رشقها المستوطنون قرب بيت ايل دخلت الى السيارة وأصابت رأس ابنته وكتف السائق. ومنذ ذلك الحين ذهبت الابنة الى العيادة مرتين. ويقول والدها إنها تعاني من مشكلة في التركيز. وعندما سئل إذا قدم شكوى في الشرطة قال: "ما هو المنطق في ذلك؟ النظام في إسرائيل معهم. الجنود يدافعون عن المستوطنين الذين يرشقون الحجارة. عندما يرشق الفلسطينيون الحجارة على المستوطنين فان الجيش يقلب المخيم رأسا على عقب. ولكن عندما يكون الأمر بالعكس فانه لا يحدث أي شيء".
محمد، وهو صاحب مشتل في الساوية، قال إن المستوطنين خربوا مشتله ست مرات منذ بداية العام 2020 وسرقوا منه اغراضاً. حسب قوله في كل مرة يقوم بابلاغ الشرطة ولكن لم يساعد ذلك في أي شيء. "لم أقم بفتح المشتل من أجل التشاجر، بل أردت كسب الرزق. وقد قلت للشرطة بأنني أريد منهم القاء القبض عليهم. من الواضح لي أنهم يفعلون ذلك لأنني فلسطيني"، قال. وأضاف بأنه ذات مرت وجد السارقين، وهم أربعة مستوطنين في أعمار 20 فما دون، يدخلون الى المستوطنة المجاورة رحاليم. يوم الاثنين الماضي كانت المرة الاخيرة التي تم تخريب المشتل فيها. ايضا هو يعتقد بأنه لو كانت الجريمة من جانب فلسطينيين تجاه يهود لكان الأمر تم علاجه منذ فترة بعيدة.
فحص التقرير الذي نشرته مؤخرا حركة "السلام الآن" تموضع الاحداث التي نشرت عنها "يوجد حكم"، من 2012 وحتى تموز 2021. وحسب التقرير 63 في المئة من الاحداث جرت قرب بؤر استيطانية غير قانونية. مصدر امني أيد هذا الاستنتاج في محادثة مع الصحيفة، وقال إن ارتفاع الجرائم على خلفية قومية يرتبط بالبؤر الاستيطانية والمزارع الزراعية في الضفة. "في منطقة يتسهار وشيلو كان هناك ارتفاع في الجريمة، سواء في تخريب اشجار الزيتون أو رشق الحجارة على السيارات الفلسطينية على مفترقات الطرق"، قال. منطقة اخرى يظهر فيها ارتفاع في العنف هي جنوب جبل الخليل، التي أقيم فيها عدد من البؤر الاستيطانية والمزارع في السنوات الاخيرة.
في ايلول الماضي حدثت هناك احدى الجرائم الأخطر على خلفية قومية، مؤخرا، عندما جاء عشرات المستوطنين الى قرية خربة المفقرة ورشقوا الحجارة على البيوت. في هذا الاعتداء اصيب طفل ابن ثلاث سنوات، محمد حمامدة. ورغم أن الجنود كانوا في المنطقة، ورغم كل الشهادات التي قالت بأن عشرات الإسرائيليين شاركوا في الاعتداء، إلا أنه حتى اليوم تم تقديم لائحتي اتهام ضد مستوطنين قاصرين من جنوب جبل الخليل.
حاغي العاد، مدير عام "بتسيلم"، قال: "الحديث عن هذا التوجه أو غيره يغيب رؤية الصورة الكبيرة، هذا واقع ثابت، وهذا يوجد له انجازات استراتيجية في سياق السيطرة على الاراضي الفلسطينيين. هذا امر تفعله إسرائيل بعدة طرق، بعضها منظم بمصادقة المحكمة، واحيانا يكون هذا عنفا، توجد له نتائج استراتيجية". في تقرير نشرته المنظمة بعنوان "عنف دولة"، فحص أعضاء المنظمة كيف أن العنف ضد الفلسطينيين حول بؤر المزارع يتسبب بابعاد الفلسطينيين عن أراضيهم وسيطرة البؤر عليها. وحسب قوله "يوجد هنا مظهر دعائي ملائم جدا لإسرائيل. الدولة والمستوطنون يريدون طرد الفلسطينيين من أراضيهم".
يدفع وزير الدفاع، بني غانتس، قدما بخطة في اطارها سيخصص جنودا آخرين للشرطة بهدف تفريغ المزيد من رجال الشرطة للعمل في لواء شاي (يهودا والسامرة)، ضمن امور اخرى، في وظائف مرتبطة بالجرائم على خلفية قومية. وحسب الخطة فانه في نصف السنة القادمة سيتم عمل مشترك جراء في وزارة الدفاع ووزارة الامن الداخلي والشرطة والجيش في هذا الموضوع لفحص امكانية تطبيق هذه العملية. ولدت الخطة في اعقاب نقاش اجراه قبل بضعة اسابيع وزير الدفاع ورئيس الاركان ورئيس "الشاباك" والمفتش العام للشرطة، حيث قال المفتش العام للشرطة بأنه في لواء شاي يوجد نقص في القوة البشرية. عمل الطاقم المشترك تمت المصادقة عليه في اطار قرار حكومي بتمديد خدمة جنود في الشرطة.
في الشرطة قالوا إن "أي تقرير أو شكوى يتم تسلمها في الشرطة وتظهر وجود اشتباه بتنفيذ مخالفة جنائية يتم فحصها وتعالج بصورة جذرية ومهنية. في أعقاب تقرير عن رشق حجارة على بيوت في قرية بورين قامت الشرطة بفتح تحقيق، في اطاره يتم تنفيذ عدد من النشاطات بهدف الوصول للحقيقة وانفاذ القانون ضد المتورطين. تواصل شرطة إسرائيل العمل طوال الوقت ضد اعمال العنف وخرق النظام من شتى الانواع بحزم وبدون علاقة بهوية المتورطين. وبخصوص الحالة الاخرى التي تمت الاشارة اليها (حالة المشتل)، لأنه لم تنقل لنا التفاصيل الكاملة فانه لا يمكننا التطرق لهذه الحادثة".

عن "هآرتس"