تحليل: الإعمار مقابل "الجنود" هل عدنا لنقطة الصفر من جديد؟

قصف برج الجلاء
حجم الخط

غزة - خاص وكالة خبر - مي أبو حسنين

رغم قرار إدارة الرئيس الأمريكي جو بايدن، بعدم ربط ملف إعادة إعمار قطاع غزّة والذي نشأ كنتيجة للعدوان "الإسرائيلي" الأخير على القطاع في مايو الماضي، باشتراطات سياسية كـ"الإعمار مقابل عودة الجنود"؛ كونه ملف إنساني بحت، وإعلان "إسرائيل" عن حزمة مما تصفه بـ"التسهيلات لغزّة" مثل إدخال الإسمنت والحديد وغيرها من المواد وزيادة مساحة الصيد في بحر القطاع، إلا أنَّ الملف ما زال يُراوح مكانه.

وبعد مرور سبعة أشهر على العدوان، لا يزال قطاع غزّة في مرحلة إزالة الركام، حيث إنَّ برج الجوهرة الذي يُعد واحداً من عشرة أبراج دمَّرتها "إسرائيل" خير شاهد على ذلك؛ ناهيك عن آلاف الوحدات السكنية وعشرات المصانع والبنية التحتية التي ينتظرها شتاءٍ قاسٍ.

كل ما سبق، دفع حركة حماس- الحاكم الفعلي في غزّة- للإعلان عن برنامج تدريجي للتصعيد، الأمر الذي دفع الوسيط المصري للتحرك لمنع التصعيد، بزيارة غزّة و"إسرائيل".

كما سلَّمت "إسرائيل" ورقةً لحركة حماس عبر الوسيط المصري، تُعلن فيها التمسك "بالإعمار مقابل الجنود"، وتهديد حماس بالعودة لسياسية "الاغتيالات" حال واصلت حماس عملياتها في الضفة الغربية، ما يطرح تساؤلات عن إمكانية عودة الأوضاع الميدانية إلى نقطة الصفر من عدمه.

المختص في الشأن الإسرائيلي، عمر جعارة، قلَّل من أهمية المفاوضات الجارية بين حماس و"إسرائيل" بوساطة مصرية، كونها لا تستطيع التحكم في عملية الإعمار، إضافةً إلى أنَّ الأسرى الفلسطينيين بيد "الإسرائيليين"، ما يعني أنّه لم يتم تحقيق أيّ إنجازات من العدوان الأخير.

وقال جعارة في حديثٍ خاص بوكالة "خبر": "إنَّ الإعلام الإسرائيلي يصف المفاوضات بين حماس وإسرائيل بحوار الطرشان"، داعياً حماس إلى التفاوض مع "إسرائيل" بشكلٍ مباشر بدون وسطاء.

وأضاف: "حماس ليست دولة كي تفاوض عبر وسطاء، وإنّما تنظيم يحكم 2.5 مليون مواطن مُحاصرين في غزّة منذ عام 2006، بدون أيّ مبرر"، مُعقداً أنَّ التفاوض المباشر، سينتج عنه اتفاق لإدارة القطاع؛ باعتبار أنَّ "إسرائيل" سلطة احتلال ولا زالت مسؤولة عن توفير مسلتزمات السكان الفلسطينيين.

وبالحديث عن أسباب تعنت الحكومة "الإسرائيلية" في إبرام صفقة تبادل مع الفلسطينيين، قال جعارة: "إنَّ السبب يعود إلى التنافس ما بين رئيس الوزراء الإسرائيلي الحالي نفتالي بينيت، والأسبق بنيامين نتنياهو، حيث إنَّ وضع "بينيت" فريد من نوعه في النظام السياسي الإسرائيلي من الناحية الانتخابية والبرلمانية بامتلاكه ستة مقاعد فقط"، لافتاً إلى أنَّ الاستطلاعات الأخيرة لا تُعطيه أكثر من ستة مقاعد، وبالتالي التنافس قوي بينه وبين نتنياهو.

وأكمل: "بينيت يُحاول بكل ما استطاع من قوة تحقيق أيّ إنجاز لإسرائيل، لكّنه لا يزال يراوح مكانه؛ سواءً في ملف كورونا، أو التصويت على القوانيين الثلاثة التي تُجيز اقتحام البيوت الفلسطينية، أو قمع التمرد في السجون بمعارضة 59 صوتاً؛ وذلك في إطار الصراع بين الإئتلاف الحكومي والمعارضة".

وأشار إلى أنَّ الإنجاز الوحيد لـ"بينيت" هو تمرير الميزانية؛ لكّنه أيضاً لم ينجح بالمقاعد الستة التي يتمتع بها في الكنيست، والذي نجح بها هو يائير لابيد كونه يمتلك 18 مقعداً، وبيني غانتس الذي يتمتع بـ8 مقاعد، بالتالي قوة "بينيت" في التحالف مع منصور عباس.

أما عن الموقف الإسرائيلي من ملف الإعمار وربطه بعودة الجنود، قال جعارة: "إنَّ إسرائيل تعرف بأنّ حماس كلمتها واحدة"، مُبيّناً أنّه لا يوجد للمعتقلين خاصة المحكومين بمؤبدات أي أفق بالإفراج، إلا عبر صفقة تبادل، وهي السبيل الوحيد الماثل أمام المعتقلين ورئيس حركة حماس بغزّة يحيى السنوار.

وأردف: "ليس بمقدور بينيت الصمود أمام ما لدى المقاومة بدون مقابل، وإذا وافقت أنّ يكون ذلك بلا مقابل فسيكون نقطة سوداء في تاريخها، وبالتالي لن تستطيع أنّ تفرض على إسرائيل إعادة الإعمار وغيرها من الشروط إلا من خلال الجنود الإسرائيليين في قبضتها".

واعتبر أنَّ ما تُمارسه والدة الجندي شاؤول أروون، من ضغوط على حكومة الاحتلال عبر الإعلام بصرخاتها وتمني رؤية ابنها وهي المصابة بالسرطان، عوامل ضغط على حكومة الاحتلال التي أرسلت الحاخامات لإقناعها بأنّه ميت؛ لكّنها تُصر بأنه لا زال على قيد الحياة؛ وإنّ كان ميتاً فإنّها تُريد عظامه؛ لدفنها في "إسرائيل".

ودعا قيادات المقاومة إلى التيقظ وأنّ لا تكون "لقمة سائغة في فم الاحتلال" عبرأخذ أقصى درجات الحيطة والحذر في ضوء تهديدات الاحتلال بالعودة لسياسة الاغتيالات، إذا واصلت حماس والمقاومة العمليات في الضفة الغربية.

وختم جعارة حديثه، بالقول: "في الحرب الأخيرة، حققت المقاومة انتصاراً عسكرياً، يجب أنّ يُكلل بإنجاز سياسي؛ خاصة أنَّ الشعب الفلسطيني في كل أماكن تواجده من أكثر شعوب العالم صمودًا وتحدياً للاحتلال، وإلا لا قيمة لأيّ إنجاز عسكري، والطريق لذلك تبدأ بالوحدة الفلسطينية لمواجهة المشروع الاستيطاني الإحلالي للشعب الفلسطيني".