أوجدوا شريك إسرائيلي قبل البحث عن كسر "جمود السلام"!

1622458077-1144-3.jpg
حجم الخط

 كتب حسن عصفور

 عندما كسرت منظمة التحرير الفلسطينية وقائدها الخالد الشهيد ياسر عرفات، ودولة إسرائيل ورئيس حكومتها إسحق رابين كل الجدر السياسية بالتوصل الى أول اتفاق من أجل بناء سلام منذ العام 1948، كانت مفاجأة التي لم تكن ضمن الحسابات التقليدية الدائرة في المنطقة، خاصة ما رسمته الإدارة الأمريكية لإطار يلغي وجود منظمة التحرير سياسيا، وفصل مكونات القضية الوطنية، لتضع الضفة وقطاع غزة، بديلا عن الكل (القدس والشتات)، ضمن محددات مؤتمر مدريد، وأيضا كان يسمى للسلام.

اتفاق إعلان المبادئ 1993، المعروف إعلاميا بـ "اتفاق أوسلو"، واجه أوسع تحالف شر سياسي، رأسه في مقر الإدارة الأمريكية بقيادة "الطاقم اليهودي" دينس روس وفريقه، وجسده في المنطقة، كما داخل إسرائيل، كل لحساب، ولم يهدأ لهم بالا حتى توصلوا لتصفية أحد طرفي ذلك الاتفاق، باغتيال رابين نوفمبر 1995، لقطع الطريق على وجود "شريك إسرائيلي" في عملية سلام تفتح الباب لحل "متوازن" ضمن الممكن التاريخي.

خلال عامي 1993 – 1995، كان الحديث السائد كيفية تعزيز عملية السلام التي بدأت موضوعيا بين الطرفين الفلسطيني والإسرائيلي، ولكنها منذ نوفمبر 1995، انتقلت كليا الى تعابير البحث عن عملية السلام، وسجلت محادثات "واي ريفر" الشهادة الثانية بخروج "الإسرائيلي" من مسار عملية بدأت، عندما رفض نتنياهو تفاهمات تم التوصل اليها بحضور الرئيس الأمريكي كلينتون، الى أن كانت قمة كمب ديفيد 2000 بحضور رئيس حكومة إسرائيلي جديد هو يهود براك، أحد أطراف تحالف الشر السياسي ضد اتفاق إعلان المبادئ (اتفاق أوسلو).

وانتهت تلك "القمة الثلاثية" الفلسطينية – الإسرائيلية - الأمريكية، بإعلان براك رسميا خروجه من عملية السلام، والذهاب نحو تنفيذ الخطة ب، التي تم رسمها بعد اتفاق أوسلو شراكة مع شارون والليكود، من اغتيال رابين الى اغتيال عرفات وبالتالي اغتيال أي عملية سلام حقيقي نسبي، متوازن تاريخيا، خلال عملية عسكرية بدأت سبتمبر 2000 انتهت باغتيال مؤسس الكيانية الفلسطينية المعاصرة ياسر عرفات نوفمبر 2004.

خلال الحرب الإسرائيلية لتدمير السلطة الوطنية، وتصفية مؤسسها الأول، تقدمت قمة بيروت بمبادرة سلام عربية مارس 2002، منعت بعض أطرافها رئيس فلسطين ياسر عرفات، الطرف المعني أكثر من غيره بالسلام، من الحديث عبر القمر الصناعي الى القمة ليشرح لهم واقعا، غاب عنهم، لكن "الحقد السياسي" لبعض من تحالف الشر في حينه رفض ذلك.

وحاول بوش الابن في يونيو 2002 ان يكمل مبادرة السلام العربية بتصور أسماه "حل الدولتين" المخادع، وكان هدفه تصفية أبو عمار واستبداله بما أسماها "قيادة ديمقراطية يستحقها الشعب الفلسطيني"، وأبرز أسماء الخيار كان أمين سر اللجنة التنفيذية لمنظمة التحرير في حينه محمود عباس، وبعد عامين من "رؤية بوش" تخلصوا من ياسر عرفات، وبات عباس رئيسا منتخبا منذ يناير 2005، وتحقق لهم ما أعلنوه.

وكي لا نغرق في تفاصيل سياسية، منذ ما يزيد على 16 عاما، تولى حكومات إسرائيل شخصيات متعددة، والرئيس عباس ثابت رغم الدفع بخلق "مواز سياسي" لحكمه في قطاع غزة من خلال انتخابات "التفصيل السياسي لحماس"، لكن دولة الكيان، ومعها الولايات المتحدة، وبجوارها "الرباعية الدولية" لم تتمكن أبدا أن تصنع "إطارا للسلام" وليس عملية سلام.

المفارقة الكبرى، أن المفاوضات انتهت عمليا مع انتهاء قمة كمب ديفيد واغتيال ياسر عرفات، والسؤال، لماذا لم يتم "صناعة السلام" بعدما توصلت أمريكا وإسرائيل وبعض الأطراف العربية والفلسطينية من الخلاص من ياسر عرفات...من الذي كان عائقا أمام ذلك طوال 17 عاما.

السؤال، فرضه بيان " اللقاء الثلاثي" الوزاري المصري الأردني الفلسطيني يوم 27 ديسمبر 2021، الذي أشار الى أن الأطراف ناقشت (إيجاد أفق سياسي لتحقيق السلام العادل والشامل على أساس حل الدولتين الذي يُجسد قيام الدولة الفلسطينية المستقلة وعاصمتها القدس الشرقية المحتلة على خطوط الرابع من حزيران/ يونيو 1967، ووفق القانون الدولي ومبادرة السلام العربية. وفي هذا السياق، جرى دراسة عدد من المقترحات المستهدفة كسر الجمود الذي تشهده عملية السلام في الوقت الراهن".

كيف يمكن أن يتم بحث ما اسموه "كسر جمود عملية السلام" ولا يوجد من حيث المبدأ "شريك إسرائيلي" يريد صناعة سلام، لا متوازنا ولا ممكنا، وذلك ليس هروبا بل تذكيرا بما حدث منذ اغتيال ياسر عرفات الشرط المفروض في حينه لـ "مكذبة حل الدولتين"، حتى الخلاص من نتنياهو وانتخاب "البديل"، الذي يرفض أي اتصال مع رئيس السلطة الفلسطينية محمود عباس.

الحديث عن بحث مقترحات لـ "كسر جمود عملية السلام" يحمل صيغة سياسية تضليلية، لأن الأمر ليس "جمود العملية" بل غياب طرفها الآخر المسمى الطرف الإسرائيلي...ولذا الأدق الحديث عن ضرورة العمل من أجل البحث عنه، والى حين ذلك يتم "تعليق كل اتصال سياسي" مع حكومة إسرائيل حتى تقر بطريق السلام.

كيف يمكن "كسر جمود عملية سلام" لم يكن لها وجود منذ 2004، رغم كل ما قدم الطرف الفلسطيني من "تسهيلات تاريخية" لدولة الكيان فاختارت حكوماتها المتعاقبة "عملية التهويد الاستيطاني" بديلا لعملية سلام مكسور.

كان يمكن أن تعلن "الأطراف الثلاثة" تعليق الاتصالات السياسية مع حكومة بينيت - لابيد حتى تكف أولا عن عمليات التهويد والتطهير العرقي، وأن يتم بلورة إطار عربي يحدد قواعد الحل وفق قرار الأمم المتحدة 19/ 67 لعام 2012.

كان يمكن أن يكون البيان أكثر قيمة سياسية، لو أنهم حددوا مهلة زمنية لستة أشهر لدولة الكيان والرباعية الدولية، للذهاب الى وضع قواعد سياسية محددة، وبعدها يصبح لفلسطين حق الانتقال رسميا من مرحلة السلطة الى مرحلة الدولة...وتنتقل العملية من مفاوضات بين سلطة ومنظمة الى مفاوضات دولة لدولة.

دون ذلك، ستبقى عملية البحث عن "كسر الجمود في عملية السلام" لسنوات طويلة أخرى...

رؤية الحقيقة لا يعني ضعفا أبدا ولكن الهروب منها هو الضعف الحقيقي.

ملاحظة: تشكيلة وفد السلطة في "اللقاء الثلاثي" تكشف أن هناك مراكز صناعة قرار خارج كل المسميات الرسمية المعروفة إعلاميا...هل من يجرؤ ويعلن ما هي مهمة حسين الشيخ الرسمية التي منحته حق المشاركة في اللقاء وليس المالكي ولا عضو تنفيذية آخر...!

تنويه خاص: من استمع الى خطاب الرئيس اللبناني عون أدرك أنه يهدد "الثنائي الشيعي".. يا باسيل شريك كما يريد يا "بأطبئ الأنون"... الصراحة يا هيك رؤوسا يا بلا!