«اسرائيل اليوم : حزب الله واختبار التفوّق الإسرائيلي

يواف ليمور.jpeg
حجم الخط

بقلم: يوآف ليمور

 

 


صورة الوضع الإستراتيجي في المنطقة يمكن أن تشوش العقل: فمن جهة، تتمتع إسرائيل بتفوق غير مسبوق، عسكرياً، سياسياً وتكنولوجياً. من جهة أخرى، فإن التحديات التي تقف أمامها أعقد مما كانت من قبل، و2022 لن تجعلها أبسط.
التحدي الأساس هو بالطبع إيران وبرنامجها النووي. في إسرائيل يجدون صعوبة في أن يبدوا، أيّ إشارة تفاؤل بالنسبة لإمكانية أن ينشأ أمر خير من محادثات النووي. ويخيل أن الخيار الآن يتراوح بين اتفاق سيئ واتفاق أسوأ. هذا لا يترك إسرائيل بلا أوراق، ولكنه يلزمها أن تحسم ما هي خطوطها الحمراء، وماذا تعتزم عمله إذا ما تم اجتيازها.
صحيح أن جهاز الأمن يتحدث عن قدرة لإلحاق ضرر ذي مغزى بالبرنامج الإيراني في حالة تقرر هجوم عسكري، ولكن يخيل أن هذه أمور سابقة لأوانها وزائدة أساساً. وكما قال رئيس الوزراء بينيت: هذا نوع من المواضيع التي يفضّل الحديث عنها أقل والعمل فيها أكثر "عند الحاجة".
لكن إيران تقلق إسرائيل ليس فقط في الجانب النووي، فمساعي تسليح فروعها في المنطقة تتواصل بلا انقطاع بما في ذلك وسائل قتالية متطورة، مع التشديد على الصواريخ الجوالة وعلى قدرات دقيقة أخرى. معقول الافتراض بأن إرسالية كهذه كانت ما تعرضت له، أمس، من هجوم في اللاذقية، مثلما بدا كهجوم كبير وناجح على نحو خاص إذا ما أخذنا بالحسبان المدة الزمنية التي اشتعلت فيها المخازن في الميناء السوري.
هذه هي المرة الثانية التي ينسب فيها لسلاح الجو هجوم في اللاذقية في الأسابيع الأخيرة، ما يشهد على أن الإيرانيين ينوعون وسائل تهريبهم إلى "حزب الله": أحياناً من الجو عبر دمشق، أحياناً من البر عبر الحدود العراقية، وأحياناً عبر البحر.
تنجح إسرائيل في أن تحبط معدلاً عالياً جداً من وسائل التهريب هذه، ولكن ليس كلها. يمكن أن نجد لذلك دليلاً في التعديلات التي أجراها سلاح الجو مؤخراً على طلعاته في سماء لبنان، بسبب التهديد المتزايد من جانب "حزب الله". يعد هذا موضوعاً حرجاً على نحو خاص لأن حرية طيران سلاح الجو في لبنان حيوية أيضاً للهجمات في سورية، والتي تتم حسب المنشورات الأجنبية في معظمها من سماء لبنان تقليصاً للخطر على طائرات سلاح الجو من جانب بطاريات مضادات الطائرات السورية، وكذا لجمع المعلومات الجارية عن لبنان نفسه وعن أعمال "حزب الله" فيه.
في شباط من هذه السنة، أطلق "حزب الله" صواريخ نحو طائرات مسيّرة لسلاح الجو، طارت في لبنان في مهمة جمع المعلومات. ومع أن الطائرات المسيّرة لم تصب بأذى ولكن يبدو أنه في أعقاب ذلك أجرى سلاح الجو تعديلات مختلفة كي يقلص الخطر على الطائرات وعلى الطواقم الجوية. معقول الافتراض بأن الإيرانيين نجحوا في أن يهرّبوا إلى "حزب الله" منظومات مضادة للطائرات، بقدر ما هو معروف، يحوز التنظيم تحت تصرفه منظومات من طرازَي SA-22 وSA-8، التي استخدمت في بداية السنة.
إن تقليص حرية عمل سلاح الجو في لبنان يقلق ليس فقط في الجانب العملياتي، بل وفي جانب الوعي أيضاً.
يسعى "حزب الله" الذي يعرض نفسه كـ"درع لبنان"، لأن يخلق في لبنان معادلة ردع جوي تشبه تلك التي يفرضها على الأرض. من ناحيته، فإن الطلعات المتواترة للطائرات الإسرائيلية هي مبرر للهجوم من جهته، والهجمات يختارها بعناية وبتقنين كي لا يحطم الأدوات فيؤدي إلى رد إسرائيلي مضاد.
ولكن إسرائيل ملزمة بأن تقرر لنفسها، بنفسها، ما الذي تعتزم عمله مع هذا التهديد الجديد. سنوات التلعثم لديها تجاه التسلح المتسارع لـ"حزب الله" بالصواريخ بعد حرب لبنان الثانية أدت إلى ميزان الرعب القائم اليوم حيال إيران. محظور عليها أن تدع لميزان مشابه أن يوجد في الجو أيضاً، ويحتمل أن تكون مطالبة باتخاذ خطوة مانعة لحرمان "حزب الله" من هذه القدرات، قبل أن يعمل التنظيم مرة أخرى فينجح - لا سمح الله - بإسقاط طائرة.   
توجد معضلة مشابهة أيضاً حيال قدرة "حزب الله" في مجال الصواريخ الدقيقة. هنا أيضاً من الأفضل لإسرائيل أن تبادل وألا تنجر، يمكن أن تستغل لهذا الغرض مناوشة محلية على الجدار أو حدث تكتيكي آخر. خسارة أن إسرائيل لم تفعل هذا في شباط، عندما أطلق "حزب الله" النار نحو طائرات غير مأهولة، ما كان سيؤدي أغلب الظن إلى الهجوم على بطاريات مضادات الطائرات في سورية، والتي امتنعت إسرائيل عن ممارستها في لبنان.
سيجد سلاح الجو على أي حال حلولاً تكتيكية للمشكلة، ولكن محظور أن يسمح هذا لإسرائيل بأن تهرب من الموضوع المبدئي. في هذا الجانب، وحيال الفاعلية الإيرانية التي قد تتعاظم أكثر فأكثر من لحظة التوقيع مجدداً على اتفاق نووي، إسرائيل كفيلة أن تكون مطالبة باستعراض العضلات في 2022 كي تذكر الجيران بأن تفوقها يمكن أيضاً أن يتجسد.

عن "إسرائيل اليوم"