في حوارٍ خاص بمناسبة ذكرى انطلاق الثورة

مستشار عرفات يُدلي بتصريحات نارية عن القضية الفلسطينية وسُبل النهوض بالمشروع الوطني

أبو شريف
حجم الخط

رام الله - خاص وكالة خبر - مي أبو حسنين

تزامناً مع قرب حلول الذكرى السابعة والخمسين لانطلاقة الثورة الفلسطينية وحركة فتح، والتي تُصادف الأول من يناير للعام 2022م، تحدث مستشار الزعيم الفلسطيني الراحل ياسر عرفات، بسام أبو شريف، عن أهم مفاصل الثورة والواقع الراهن كونه عايش عرفات سنوات طوال ورافقه في الكثير من المحطات المهمة.

في حوارٍ خاص مع وكالة "خبر" قال أبو شريف: "إنَّه بحلول الذكرى الـ57 لانطلاقة الثورة الفلسطينية، نرى جلياً في الوقت الراهن وجود قوى عقدت العزم على الاستمرار في الكفاح والنضال والتضحية لتحرير فلسطين المغتصبة، وفريق لم يعد باستطاعته ترجمة أقواله بشأن حل الدولتين".

وأضاف: "الفريق الثاني يعلم تماماً أنّه استسلم منذ أنّ وضع أوراق قضية فلسطين في كفة الولايات المتحدة الأمريكية، التي يعلم الكبير والصغير أنّها أكبر الداعمين لدولة الاحتلال وتُقاتل إلى جانبها وتُقدم لها كل أشكال الدعم".

وأكمل: "هذا الفريق لم يعد بمقدوره الخروج من المستنقع الذي أغرق نفسه فيه، مهما حاول أو انتفض في بعض المناسبات، وذلك لهول ما يُطلب منه من ركوعٍ وسجود لإملاءات العدو"، مُردفاً: "كما أنَّ هذا الفريق لم يعد قادراً إلا على الاستجداء من إسرائيل، وبالتالي أصبح تحت حماية الإسرائيليين من غضب الشعب الفلسطيني".

وتابع: "في هذه الذكرى نرى أنَّ الشارع الفلسطيني الذي يتأجج الغضب في صدور أبناءه، لا يجد حتى بالفريق المقاوم ما يُريده؛ ومن الضروري أنّ تعلم المقاومة أنَّه لن يُواجهها قوات الاحتلال فقط، بل سيكون هذا الفريق ضدها أيضاً، والأمر الذي يتطلب وضع استراتيجية تُحوّل قوات الأمن إلى قوة داعمة للمقاومة".

وأردف: "ما يشغل فكري بعد 60 عاماً من النضال لتحرير وطننا، هو ما يُرسم لشعبنا الفلسطيني من مخططات لمصادرة الأرض والحق في تقرير المصير والعيش بحرية وكرامة كباقي سكان الأرض".

مقاومة شاملة وليس مُتفرقة

وأوضح أنّه لا بد من توحيد المقاومة لتكون شاملة وليس متفرقة هنا وهناك، مُضيفاً: "في الانتفاضة الأولى كانت المظاهرات تتشكل في مناطق مُتباعدة بالزمان والمكان حتى وحدت خططها وأصبحت منسجمة ومتزامنة في كل مكان وزمان، وبذلك تحول حصار العدو لشعبنا إلى حصار عليه، فقد حاصرت الانتفاضة الأولى العدو حصاراً خانقاً، وأوضحت للعالم أنّ أطفالنا بحجارتهم يستطيعون مُحاصرة العدو المعتدي والمستوطنين الهمجيين".

واستدرك: "على العالم أنّ يعي بأنَّ شعبنا لن يسمح لأعدائه بالإجهاز عليه وسحق حقوقه؛ وذلك بتأجيج الانتفاضة في صفوف الشعب الفلسطيني في كل مكان وزمان، ضد العدو التوسعي الصهيوني العنصري المجرم".

واستطرد: "المستوطنون يُحاولون التمدد للجولان والضفة في أكثر من مكان، كما أنّ القدس على رأس قائمة التهويد، ولذلك على المقاومة أن تُشكل غرفة عمليات مُوحدة لوضع لبنة انتفاضة الشعب ضد السلطة والاحتلال؛ لأنَّ الانتفاضة ضد الاحتلال أصبحت تعني بالضرورة مواجهة أمن السلطة الذي ينسق مع إسرائيل"، وفق حديثه.

ولفت إلى أنَّ جزءًا من أمن السلطة يلعب دوراً في حماية أمن "إسرائيل" من غضب الشعب الفلسطيني؛ ولذلك فإنَّ غضب شعبنا ينبغي أنّ ينصب على كل أدوات الاحتلال سواء كانت المستوطنين أو جيش الاحتلال أو من يقوم بحمايته، وفق تعبيره.

ودعا بمناسبة الذكري الـ57 لانطلاقة الثورة الفلسطينية إلى ضرورة تدريب الشباب جسديًا وعسكريًا على مواجهة جيش الاحتلال بتكتيكات بسيطة دون الحاجة إلى دبابات وطائرات وصواريخ.

حركة فتح والثورة

قال أبو شريف: "إنَّ حركة فتح بجوهرها وجسدها الكبير، هي التي تتصدى للاحتلال وهذا سبب وجودها، لكّن هذه القيادات حرفت فتح وحولتها إلى منشأة تجارية، يُوظف فيها الناس ومن لا يلتزم بالعمل يُفصل ويُقطع رزقه".

واستكمل: "ما وصلنا إليه الآن ليس في ذهن القادة التاريخيين، حيث إنّه ليس من المعقول أنّ يتم مواجهة العدو إلا من خلال المقاومة، التي ستُحرر الأرض وستُمكن شعبنا من ممارسة حقوقه كأيّ إنسان مستقل وله كامل السيادة على أرضه وسمائه وبحره".

وأكّد على أنَّ عدم الوصول بنضالنا إلى النتائج المرجوة لا يعني فقدان الأمل أو أنَّ استراتيجيات الكفاح كانت خاطئة، وعلى النقيض تماماً هي رؤية واستراتيجية صحيحة، لكّنها واجهت انحرافات خطيرة، كان من بينها وأخطرها اتفاق أوسلو.

كمين أوسلو

قال أبو شريف: "إنَّ الرئيس ياسر عرفات خُدع ونُصب له كمين أوسلو، وعندما عارضناه وطلبنا منه عدم الذهاب، انكب عليه كل من هو ضالع في تلك المؤامرة ليُمنى عرفات على إقامة دولة مستقلة وهي حلمه التاريخي والإنساني".

وأضاف: "وقع عرفات في الكمين على يد ثلة من الذين سبق لهم أنَّ اتفقوا على نتائج تلك المفاوضات السرية، التي كنا نُعلم دون الاطلاع عليها أنّها كمين من أجل سرقة ما تبقى من أراضي الشعب الفلسطيني واستعباده كعمال لدى سيادة استعمارية عنصرية صهيونية، تستغل الأرض والإنسان وتستعبد الفلسطيني وتستغل أرضه المُصادرة وتُهجر من يقاومها".

وقال: "ما رسمناه لم يكن خطئاً، بل أخطأت بعض القيادات بعدم التمسك بالقواعد الضرورية والشروط لجعل هذا المسار مُنتصراً"؛ مُردفاً: "لم نُحقق الانتصار؛ لأننا لم نكن حريصين على أنَّ يمتلك المقاتل القدرة والدراية الكاملة على كيفية استخدام السلاح".

وأشار إلى ضرورة العلم بأنّه لا يُمكن فرض كل ما نؤمن به على الآخرين، لأنّنا نسير في مسار طويل ومسيرة نضالية طويلة، لا يُمكن أنَّ تجد تطابقاً في كل زمان ومكان حول كافة القضايا.

وشدّد على أهمية التيقن من وجود قاسم مشترك يضم الجميع ويُوحدهم على طول هذا المسار الطويل، لمواجهة الاحتلال، فهو التناقض الرئيسي، مع عدم السماح لأيّ تناقض فرعي بالمساس في توجهاتنا الرئيسية في مقاتلة الاحتلال بكل القوة الممكنة.

دماء القادة روت أرضنا الطاهرة

بيّن أبو شريف، أنَّ قادة الشعب الفلسطيني ومنهم على سبيل المثال "ياسر عرفات وجورج حبش ووديع حداد وسعد صايل وأبو جهاد وأبو إياد وأبو علي مصطفى" رووا بدمائهم أرضنا الطاهرة، مُستدركاً: "لقد روت هذه القيادات الفذة أرضنا دون أنّ نُحقق ما نرجوه من شلالات الدم هذه، ومع ذلك لن نيأس لأنّ واجبنا يفرض علينا أنّ نبذل كل الجهد حتى لا نُمكن العدو من ضربنا والسيطرة على أرضنا واستعباد شعبنا".

وبالحديث عن المطلوب بمناسبة الذكرى الـ57 لانطلاقة الثورة الفلسطينية، أوضح أنَّ الأمل ينعقد على نهوضٍ جماهيريٍ كبير، وانتفاضة في كل زمان ومكان، لتصل إلى عصيانٍ يقوده شعبه بأكمله ضد المحتل وكل من يتحالف معه.

لقاء الرئيس مع غانتس

قال أبو شريف: "إنَّ لقاء الرئيس محمود عباس، بوزير الجيش الإسرائيلي بيني غانتس، الذي قتل الأطفال قبل الرجال، يُعبر عن ما وصلت له هذه القيادة، فحركة فتح التي انطلقت في عام 1965 كان هدفها تحرير فلسطين، وليس تحويل منظمة التحرير كأداة ضد المناضلين".

وأكمل: "هذه المذلة التي تمثلت في الرشوة الرخيصة التي أُعطيت للرئيس؛ كي يقبل بالتنسيق العملي الأمني وزيادته، وفي مقابل ذلك تدفع إسرائيل أموال الشعب الفلسطيني التي تحتجزها أو جزء منها، لا يُمكن القبول بها ومن الضروري وقفها على الفور".

وتابع: "نُطالب القوى القيادية في محور المقاومة بالتحرك، فلا نُريد منهم إعلانات أنّ الرد سيكون في حال تنفيذ العدو الاعتداءات، لأنّ الشعب الفلسطيني سَئِمَ من هذه العبارات، فالصمت وعدم الحديث أفضل من هذه الشعارات، وحينما تقوموا بعمل عسكري فإنه سيتحدث عنكم، فقد ملَّ الفلسطينيين منكم ولا تجعلوهم ينتفضوا عليكم إذا كنتم كثيرو الادعاء قليلو الفعل".

وفي كلمة وجهها للقيادات المقاومة، قال: "الآن مع قرب حلول الذكرى الـ57 لانطلاقة الثورة الفلسطيني، إذا ظهر تنظيم غير معروف وبدأت بعمليات دفاعية ضد المستوطنين وقوات الاحتلال، فإنّه يوماً بعد يوم سيُصبح هو القائد الفعلي وستُصبحون أنتم في ذيله"، وفق حديثه.

واختتم أبو شريف حديثه، قائلاً: "إلى غدٍ مُشرق وعزيز، وشعبنا الفلسطيني المناضل سينتصر مهما تكالبت قوى الأعداء عليه، وجذورنا عميقة بعمق قبور أجدادنا في مقبرة مأمن الله وغيرها من مقابر فلسطين التي يُحاول الاحتلال أنَّ يُحولها إلى حدائق تلمودية، ونحن على ثقة بقدرة شعبنا على الانتفاض في وجه تمدد الاستيطان وتدمير الحائط الذي تم بنائه ليكون رمزا للعنصرية والهمجية وقتل الأطفال".