بقلم: نبيل عمرو
الإطار القيادي المؤقت، مصطلح دخل على الحياة السياسية الفلسطينية في زمن الانقسام ، وتم اختراعه كصيغة لجمع أهل المنظمة مع المعترضين عليها ، ومنذ التوافق عليه وحتى يومنا هذا ، لم يعقد هذا الإطار اي اجتماع على اي مستوى ، وعلى الأرجح ان يظل متداولا، ما دام أشكال منظمة التحرير قائما، وما دام أهل المنظمة لا يحبذون قطع شعرة معاوية مع المعترضين عليها .
ومن خلال قراءة موضوعية او متجردة للواقع الفلسطيني خصوصا على صعيد الطبقة السياسية التي تقف في واجهتها حركتا حماس وفتح، فان الأثر السلبي لهذا الإطار يتغلب على الإيجابي ، نظرا لكونه يزعزع مكانة منظمة التحرير ومؤسساتها الشرعية، من خلال منح الأولوية للمؤقت على حساب الدائم ، وهذا ما لا يجوز منطقيا وشرعيا وسياسيا.
فكرة المؤقت هي مصلحة حمساوية بامتياز ، ولقد تولى حسن النية عند أهل المنظمة فرش الطريق لهذا المصطلح بالورود ، حتى اصبح يقوده الإلحاح والتمني. المخرج الوحيد والحاسم لكل مأزق الساحة الفلسطينية، بدءاً من الاختلاف حول منظمة التحرير ، واشتراط حماس إصلاحها قبل دخولها، مروراً بالمأزق السياسي الذي يجسده الاختلاف بين قوى الاعتدال والتشدد وجذره تلك الجملة الشهيرة - نلتزم ام نحترم- والمقصود هنا تعهدات منظمة التحرير التي أوصلت الى اوسلو او نجمت عنها وانتهاء بإنهاء الانقسام حيث الإطار المؤقت هو المدخل اليه!
حماس تريد هذا الإطار لانه يوفر المشاركة من موقع فعال في توجيه وقيادة منظمة التحرير دون ان تلوث يديها بما تصفه بالتنازلات التي تصل احيانا حد التخوين فهي قائدة من الخارج وتختار ما تلتزم به وما تتحفظ عليه، وفي حال خروج الإطار المؤقت ولو ببيان صحفي فهذا يعني الغاء كل ما تقدم من ادبيات وقرارات وشرعيات ومؤسسات منظمة التحرير.
اما المنظمة ذاتها التي تصفها حماس بالفاسدة، وفاقدة الشرعية والممتلئة بالجثث، والتي سيتولي الإطار المؤقت إعادة تشكيل مجلسها الوطني، فيجري تجاهل مكانتها الحقيقية في الحياة الوطنية، وهنا يجدر التذكير بمقومات هذه المكانة وفاعليتها.
منظمة التحرير -حتى بصورتها الراهنة- هي الجهة الفلسطينية الوحيدة الحاصلة على اعتراف دولي جماعي، لن يحصل عليه بالتأكيد الإطار المؤقت، وهي الحاصلة كذلك على التزام الشعب الفلسطيني ببرامجها وقراراتها، التي تعتبر دستورية من كل النواحي، وهي كذلك الشرعية العليا التي لا تقبل التشكيك والتي لم تمس حتى الآن.
وهنا مهم التنبيه الى ان حاجة المنظمة الى الإصلاح يجب ان لا تختلط مع دعوات تغييرها، واختراع إطارات موازية لها او فوقها، فالمنظمة التي يشكل المجلس الوطني برلمانها الشامل لكل الفلسطينيين في كل أنحاء الكون ، تحتمل دخول حركتا حماس والجهاد وكل التشكيلات الوطنية التي لم تدخلها بعد، وبذلك يتوحد الفلسطينيون تحت مظلة تمثيل واحدة وشاملة، دون ان نجد انفسنا مع اول خلاف حول أي أمر وقد فقدنا القديم ولم نستفد من الجديد.
صحيح ان هنالك تفاهما حول موضوع الإطار المؤقت ويمكن القول انه اتفاق ، الا ان الصحيح اكثر ان الاتفاق على العنوان لم يلغي الاختلاف على المضمون، ولا يبعد الخوف على المنظمة ومؤسساتها الشرعية، والأفضل منطقيا وعمليا ان يجري تنقيح المجلس الوطني الحالي وفق أنظمة منظمة التحرير التي حكمت المسيرة عقودا طويلة وهامة، وان يدخل الجميع الى مجلسها ومؤسساتها وفق الآليات التي اتبعت في تشكيل المجلس وحسم أمر المشاركة فيه ، دون التوقف عن العمل لإقناع الجميع للانخراط فيها والمشاركة في مؤسساتها ودوائرها.
ومن الان والى ان يعقد المجلس الوطني دورته العادية والقانونية فيبقى على رئاسة المجلس واللجنة التنفيذية تشكيل مجموعة عمل يستحسن ان تكون من الفعاليات المستقلة، لإقناع حماس والجهاد وغيرهم بالمشاركة في المجلس القادم والذي يكون على رأس أولوياته تشكيل مجلس جديد خلال مدة زمنية محددة ، التزاما بالنص القانوني بأن المجلس الوطني لا تنتهي شرعيته الا حين تنصيب مجلس جديد ، وبهذا تنتقل شرعية القديم الى الجديد ولا حاجة لإطارات مؤقتة ما دام الجميع سيكون داخل الإطارات الدائمة.