بعد فشل مبادرة فصائل العمل الوطني ... معبر رفح مجهول المصير

معاناة أهالي غزة من معبر رفح
حجم الخط

مجدداً تُطرح المبادرات الفلسطينية، كما سابقاتها العربية، لحل أزمة معبر رفح المستعصية منذ الإنقسام الفلسطيني- الفلسطيني، الممتد منذ الرابع عشر من حزيران/ يونيو 2007، حتي اليوم، بإنتظار حلول جذرية له، لتخفيف معاناة أكثر من "مليوني" غزي يرزحون تحت الحصار الإسرائيلي، لكن الفشل هو المصير المعهود لها، لغياب إرادة وطنية فلسطينية تُغلب المصلحة الوطنية العليا على المصالح الفئوية الحزبية، وهذا هو مصير مبادرة قوى العمل الوطني التي "ولدت ميتة" حسب محللين لتضمنها حلول "ترقيعية" منقوصة، وبالتالي يبقي التساؤل عن الخيارات الفلسطينية المطروحة أمام حالة الجمود التي يعيشها المشهد السياسي الفلسطيني.

مبادرات مبتورة

مبادرة قوي العمل الوطني والإسلامي كغيرها من المبادرات تفشل لأنها حلول "ترقيعية" لا تعالج المشهد الفلسطيني الذي يعاني من الإنقسام.

ويقول الكاتب والمحلل السياسي الفلسطيني طلال عوكل خلال إتصال هاتفي مع "وكالة خبر" حول الخيارات المطروحة فلسطينياً أمام فشل مبادرة الفصائل الفلسطينية " أن الحل يكمن في أن تنسحب حركة حماس من المعبر، وتأخذ بنموذج "معبر إيرز" ، نقطة 5/5، 4/4، وبعد ذلك من يدير المعبر هو السلطة، بإعتبارها جهة شرعية"

ويؤكد أنه بعد ذلك الجهة التي تدير المعبر سواء شخصية وطنية، لجنة من الفصائل، هذا "جزء ثانوي" من الإتفاق، لأن الأهم هو تخلي حماس عن سيطرتها الأمنية عن المعبر رغم أنها تجد أن هذا الحل غير مقبول على حد قوله.

بدوره إستبعد الكاتب والمحلل السياسي هاني العقاد  في اتصال هاتفي مع "وكالة خبر " أن  تقبل مصر بمبادرة الفصائل القائمة على تولى شخصية وطنية إدارة معبر رفح، بعيداً عن حكومة الوفاق الوطني، لرفضها التعامل مع أي جهة كانت سوى الشرعية الفلسطينية ممثلة بحكومة الوفاق الوطني.

ويري أن الدور الرئيسي في أي مبادرة يجب أن يكون لحكومة الوفاق الوطني، فيما تلعب حركة حماس دوراً ثانوياً.

ويشدد العقاد في تحليله على أن الرؤية لكي تتحقق ,لابد من ضغط فصائلي على حركة حماس لتسليم المعبر لحكومة التوافق، وأي حل بعيد عن حكومة الوفاق يبقي مبتوراً ، على حد وصفه.

وينوه العقاد أن معبر رفح ممراً دولياً، يخضع للقوانيين الدولية، وهو جزء من الأمن القومي المصري، و جمهورية مصر العربية لا تعترف بأي جماعات أو فصائل أو شخصيات بعيداً عن الشرعية الفلسطينية ،على حد قوله.

من جهته يقول الكاتب والمحلل السياسي مصطفي إبراهيم  في اتصال مع "وكالة خبر " أن أزمة معبر رفح شأن فلسطيني بحت لا علاقة لجمهورية مصر العربية به، وبالتالي "الكرة في الملعب الفلسطيني" على حد وصفه.

ويؤكد أن مصر دوماً تدعو للتوافق الفلسطيني بشأن أزمة المعبر، على أن يكون المخرج بتولي السلطة الفلسطينية عبر حكومة التوافق الوطني بتسلمها زمام الأمور.

ويشدد على أن أزمة معبر رفح هي جزء من قضايا وأزمات خلفها الحصار، وبالتالي يجب أن تحل بشكل جذري حتي لا تعود للواجهة أمام أي خلاف بسيط.

ويقول إبراهيم حول الخيارات الفلسطينية لحل أزمة معبر رفح  بعد فشل مبادرة فصائل العمل الوطني " الخيارات الفلسطينية كبيرة وكثيرة، ولكن المنقسمين الكبار  حركتي فتح وحماس، كلاهما يسيطر جزء من الوطن وهذه الخيارات سوف تذوب".

ويضيف أن الساحة الفلسطينية شهدت توقيع العديد من الاتفاقيات خلال الأعوام 2011، 2012، وآخرها اتفاق الشاطئ  في العام 2014، وجميعها مبادرات "ترقيعية"، اذا لم يكن هناك استراتيجية وطنية موحدة، سوف تعزز الإنقسام.

وكانت فصائل العمل الوطني مجتمعة ما عدا حركتي حركة (حماس وفتح)،إتفقت على تبني مبادرة لحل أزمة معبر رفح، وإتفقت أيضاً على عرضها خلال الأسبوع الجاري على الحركتين ليتم الإعلان عنها بعد عرضها على الرئاسة الفلسطينية ومصر.

وأوضح إبراهيم أن مبادرة فصائل العمل الوطني ولدت ميتة لعدم وجود نية لحركة حماس بالتعامل معها لأنها تطرح شروطها لحل أزمة المعبر على أساس الشراكة وتتضمن حل أزمة موظفيها وصرف رواتبهم.

ويري إبراهيم أن الخطوات الأخيرة التي قامت بها الرئاسة الفلسطينية بالتعديل الوزاري على حكومة الوفاق الوطني متجاوزةً حركة حماس، وتصريحات بعض قيادات حركة حماس قبل يومين أثناء الإحتفال بإنطلاقة حركة حماس "28"، ساهمت في تعزيز الإنقسام، وتعقيد المشهد.

وكان عضو المكتب السياسي لحزب الشعب الفلسطيني وليد العوض أعلن في تصريح سابق "لوكالة خبر" ، مبادرة الفصائل الفلسطينية قد وُئدت قبل أن تري النور، محملاً بعد قيادات العمل الوطني المسؤولية بسبب تسريب المبادرة المبنية على تولي  شخصية وطنية إدارة معبر رفح تحت سقف حكومة الوفاق الوطني، مع حل أزمة العاملين في المعبر "الحاليين والسابقين".

مصلحة الحزب فوق مصلحة الشعب

المنفذ الوحيد لقطاع غزة نحو العالم معبر رفح، لم يفتح خلال العام الحالي إلا 19 مرة فقط أمام سيل الحالات الإنسانية، في إختراق فاضح لحقوق التنقل والحركة، وأمام تغليب الأحزاب الفلسطينية لمصالحها على مصالح الشعب في قطاع غزة.

يعتقد الكاتب والمحلل السياسي طلال عوكل أن السبب الحقيقي لفشل المبادرة يقف خلف عناد حماس لتسليم معبر رفح لافتا الى أن "حماس تراهن على حصول تغير في موقف السلطة والإخوان في قطر، وقد طال الزمان والجميع ينتظر تبدل المواقف لكن لا جديد"

ويضيف مليوني فلسطيني يعيشون في غزة والمطلوب من حركة حماس أن تأخذ احتياجاتهم الانسانية بعين الإعتبار.

ويقول: أمام تعنت حركة حماس من غير المتوقع أن يحصل انفجار شعبي في وجه الحركة وذلك لسوابق مضت راهنت حركة فتح على ذلك ولم يحدث، لأن الحراك أمر يتعلق "بالفصائل" وليس بأفراد.

فيما يشدد المحلل السياسي مصطفي إبراهيم أن حماس "تصم الآذان"، عن كافة الحلول الوطنية لأنها تغلب مصلحتها على حساب مصالح الشعب.

ويؤكد أن موضوع الخلاف "معبر رفح" هو موضوع مصيري يتعلق  بحقوق الناس وماله من إرتباط كالتعليم والصحة، وبالتالي التنازل ضروري لتغليب المصلحة الوطنية على مصلحة الحزب.

من جانبه رأى المحلل والكاتب السياسي هاني العقاد أن إستمرار حالة العناد من قبل حركة حماس يُبقي كافة الخيارات مفتوحة لمعاناة المواطنين ، متسائلاً عن جدوي تشدد حماس في ملف معبر رفح وهي تفرض سيطرتها الأمنية على قطاع غزة.

ويبقي المجهول هو المصير المنتظر لمليوني غزة، أمام تعقد المشهد السياسي الفلسطيني، بمزيد من التوتر وإنعدام الثقة في أزمة معبر رفح، بين طرفي الانقسام حركتي فتح وحماس بإنتظار إنفراجه يرى الكثيرون أننا أبعد ما نكون عنها.