اليسار - الوسط على خُطى شاكيد

تسفي-برئيل.jpeg
حجم الخط

بقلم: تسفي برئيل

 

 




توجد لوزيرة الداخلية، أيليت شاكيد، رؤية أصيلة بشأن مكانة القانون في إسرائيل. في نظرها القانون هو مجرد توصية فقط، إذا رغبت تطبقه وإذا لم ترغب فستتجاهله. في تموز انتهى سريان قانون المواطنة من العام 2003، الذي نص على قواعد متشددة للحصول على تأشيرة مكوث للفلسطينيين المتزوجين من إسرائيليين. ولكن شاكيد تواصل حلمها وترفض اليقظة. قانون قومي وعنصري، حتى لو لم يعد ساري المفعول، هو ذخر محظور التنازل عنه.
الهدف المعلن للقانون المؤقت الذي، تم سنه بعد الانتفاضة الثانية، هو منع الفلسطينيين من الدخول إلى إسرائيل والحصول على تصريح للمكوث فيها، خوفاً من أن يستخدم الزواج الإسرائيلي – الفلسطيني بوابة دخول قانونية لدخول "إرهابيين" محتملين. وتقلص حق الزوجين في إقامة عائلة وبيت في إسرائيل بذريعة أمنية. المسّ الشديد لم يقلق حتى المحكمة العليا، ورفضت المحكمة مرتين في 2006 وفي 2012، التماسات قدمها أزواج أرادوا الحصول على مكانة قانونية في إسرائيل، بما في ذلك حقوق أساسية مثل حق العمل والخدمات الصحية والتعليم لأولادهم.
بيانات وزارة الدفاع، مثلما عرضت على الكنيست، أظهرت أنه في الأعوام 2001 – 2020 فقط 45 فلسطينياً من بين الآلاف الذين حصلوا على لم الشمل كانت لهم علاقة بـ "الإرهاب"؛ وفي الأعوام 2018 – 2020 كان عددهم صفراً. في أوساط أحفاد الأزواج المختلطين كان هناك 109 أشخاص لهم علاقة بـ "الإرهاب". وفي الأعوام 2010 – 2018 كان عددهم 16. هذه البيانات تدحض تقريباً بصورة كاملة ادعاء الخطر الأمني. ولا يمكنها أن تشكل أساساً لذريعة المسّ الشديد بحق أزواج مختلطة للحصول على مكانة قانونية في إسرائيل.
لن يكون من الخطأ القول: إن الخطر الأمني ليس هو ما كان نصب أعين المشرعين، بل الخوف الديموغرافي من تغيير تركيبة السكان في إسرائيل، أي إغراق الدولة بمئات آلاف الفلسطينيين الذين سيحصلون فيما بعد أيضاً على المواطنة والحق في الانتخاب والترشح وتحطيم حلم الدولة اليهودية النقية. المفارقة الشديدة هي أنه لو لم يفشل الائتلاف في التصويت على تمديده فإن هذا القانون كان سيبقى ساري المفعول. هذه كانت إحدى لحظات الحضيض لأحزاب الوسط – اليسار الأعضاء في الحكومة، لكنها أثمرت شيئاً على الورق فقط، إنجازاً كبيراً لحقوق الإنسان، وهو المفهوم الذي اختفى من قاموس شاكيد. شاكيد التي بادرت إلى عملية التمديد تشوشت عندما قالت بعد التصويت: "من لم ير هتافات الفرح لأعضاء الليكود والصهيونية الدينية مع عوفر كسيف وسامي أبو شحادة لم ير جنوناً كهذا طوال حياته. معاً قاما بإسقاط قانون المواطنة المهم لأمن الدولة وطابعها. انتصار كبير لما بعد الصهيونية".
كان هذا تمثيلية. لأنه لم يحدث لنحو 1600 فلسطيني، ممن قدموا طلب للمصادقة على مكانتهم في إسرائيل، أي تغيير في مكانتهم. واصلت الوزيرة التصرف وكأن القانون الذي تم إلغاؤه ما زال ساري المفعول. بقيت الطلبات دون أي رد، وسلطة السكان والهجرة كأنها تبخرت، لا يوجد استقبال للجمهور ولا يوجد استدعاء لمن له الدور.
الفلسطينيون، الذين تضايقوا من ذلك، توجهوا للمحكمة العليا، التي بدورها طلبت إجابات من الدولة. وقد أرسل حقاً رد. وأول من أمس، بشرنا بأن شاكيد تنوي أن تستكمل، هذا الشهر، سن قانون المواطنة، وبهذا تنهي التهديد الديموغرافي الذي يحلق فوق الدولة. بالطبع لا يوجد من يؤكد أن الوزيرة ستنجح في استكمال صياغة القانون في الوقت المحدد، وهي نفسها لا يمكنها أن تثق بأن القانون الذي يهدد سلامة الحكومة ستتم إجازته حقاً.
يعطي التشريع الذي بادرت إليه شاكيد موعداً ثانياً لأعضاء الكنيست، الذين ما زالوا يتذكرون ما هو معنى الحق الأساسي في الزواج وإقامة عائلة. يجب عليهم الاستيقاظ من سباتهم، وأن يعرفوا بأنهم ليسوا في الكنيست أو الحكومة من أجل أن يعرضوا مسرحية شباب وفتيات المطاط. يجب عليهم الاستيعاب بأن شاكيد لا تهدد فقط حقوق الإنسان، فهذا أمر هامشي؛ لأن الحديث يدور عن فلسطينيين، بل هي أيضاً مكرهة سياسية يمكن أن تدمر ذريعة الوجود القيمي لحزب "ميرتس" وحزب "العمل" وعدد من أجزاء حزب "يوجد مستقبل".

عن "هآرتس"